شبكة طريق الحرير الإخبارية/
طريق الحرير من شينجيانغ إلى الأردن و.. بان ويفانغ..
ـ بقلم: علاء ساغه.
ـ تعريف: كاتب أُردني، ومساعد رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين، وعضو قديم في الاتحاد الدولي.
ـ تدقيق وتحرير ومراجعة: الأكاديمي مروان سوداح رئيس “الاتحاد الدولي”.
تُعتبر شينجيانغ الصينية الويغورية منطقة إستراتيجية بامتياز، فهي صديقة وشقيقة للعديد من الدول التي تطرقها قوافل “الحزام والطريق”، ضمنها الأردن، فـَ “مبادرة الحزام والطريق الصينية” التي سبق وتقدّم بها الرفيق شي جين بينغ، الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية، والتي بدأت تُدشّن عصوراً جديداً في العلاقات الأردنية والعربية الصينية، بمرورها في بلدان العالم العربي، تعمل على تنشيط العلاقات السياحية والاستثمارية والاقتصادية والإنسانية بيننا وبين الصين ومناطقها الغربية بالذات، وهي مناطق تشهد في السنوات الأخيرة نقلة حضارية نوعية، تشدُ العالم دولاً وبلداناً إليها، وبخاصة المشرق والمغرب العربيين، ونظراً لعوامل عديدة، منها الإيمان الديني، والسّمات الشرقية القسمات والروابط الاجتماعية والإنسانية الحميمة بين الناس في عالمينا العربي والصيني، والمطبخ والعادات والتقاليد المُتقاربة، فهي تعمل بلا توقف على تعزيز لحُمة علاقاتنا مع الصين عموماً.
هذه المنطقة ومناطق أُخرى في الصين، كانت قد سَعت بنجاح قبل ألوف السنين، وخلال طريق الحرير الصيني القديم، والانفتاح الصيني السّوقي والبشري على غالبية العرب، إلى احتضان العرب والمسلمين المهاجرين إليها والعاملين على توسيع التبادلات المادية والروحية بين الجانبين، وها هي هذه المنطقة تعود في أيامنا هذه إلى سابق عهدها الناشط، بتمهيد السّبل الى علاقات حميمة مع العالم العربي وشعوب المشرق العربي الآسيوي، أو لنَقُل عرب غرب آسيا وشمال أفريقيا الذين طالما تطلعوا بشغف كما يحدثنا التاريخ صوب الصين، التي تشتهر بين العرب منذ الماضي السحيق بأنها أرض الفلاسفة والاختراعات وأفكار التقارب العالمي.
في شينجيانغ التي اتطلع إلى زيارتها بشغف بدعوة صينية سوياً مع زوجتي، نلمس فيها الحرية والأرض الطيبة والحياة الحلوة، والحرية الدينية والشخصية الكاملة للجميع، وهو ما أجمع عليه عشرات ألوف من زاروها وتجولوا في أرجائها، وصلوا في مساجدها، وتحدثوا إلى أئمتها الكثيرين، ومنهم مَن تَابع دراساته الأكاديمية والدينية في الأردن والبلدان العربية.
وهنالك في تلكم المنطقة، مساجد تُبني حديثاً، وخدمات وإضافات تقدّمها الدولة لمواطنيها المتجذرين في ترابها، زد على ذلك تنفيذ الحكومة الصينية المركزية لخطط التنمية الاقتصادية والإجتماعية، والخدمات الأساسية التي تنشرها هذه الدولة بين أفراد الشعب الشينجيانغي هناك، وتمنحهم لمراكز الخدمات والعناية الإنسانية.
يزور شينجيانغ عدد ضخم من السياح والزوار. وشخصياً، لقد بحثتُ في الصحافة الصينية عن تصريحات أعضاء الوافدين إليها، وشعرت بأنها حكايا لافتة وممتعة عكست حقيقة الأوضاع في شينجيانغ، ذلك أن تلك الوفود تنتمي إلى توجّهات وأفكار وأيديولوجيات مختلفة تكاد تكون متعاكسة وأحياناً متباعدة في البلد الواحد لأصحابها، وهنا تتضح المصداقية في هذه التصريحات عن المشاهدات في تلكم المنطقة القومية التي ترتدي الحُلل القومية والألوان البرّاقة العرقية، وتحافظ على ثقافتها ولغتها الويغورية المنتشرة في كل شارع وزقاق تاريخي وفلكلوري رائع، وتعلو كل مسجد جميل ومرتّب ونظيف ومزود بتقنيات لافتة ومُبهِرة لتسهيل مهمة الصلاة للمؤمنين لا توجد لدينا في مساجد بلادنا إطلاقاً.
فأولاً، وطبقاً للاحصاءات الرسمية الموثقة دولياً، يستمر عدد أبناء قومية الويغور في منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم في التزايد في السنوات الأخيرة، فمن عام 2010 إلى عام 2018، ارتفع عدد أبناء قومية الويغور في شينجيانغ من 10.1715 مليون شخص إلى 12.7184 مليون شخص، بزيادة قدرها 2.5469 مليون شخص، بنسبة زيادة بلغت 25.04%. لم يكن معدل النمو السكاني لأبناء قومية الويغور أعلى من معدل النمو السكاني لجميع السكان في منطقة شينجيانغ الذي تصل نسبته إلى 13.99% فقط، بل أعلى من معدل النمو السكاني الذي تصل نسبته إلى 22.14% لجميع الأقليات أيضاً، حتى أعلى من معدل النمو السكاني لأبناء قومية هان الذي تصل نسبته إلى 2.0%..
إلى ذلك، اللغة الويغورية منتشرة في شينجيانغ ويتم الحديث بها كما يَشهد على ذلك أعضاء الوفود إيّاها، في المواقع العامة، والساحات، والمراكز الاجتماعية، والمطاعم، والمدارس والجامعات التي تقوم بالتدريس دون مُعيقات في مختلف التخصصات باللغة القومية أيضاً، وترى هناك الوجوه باسمة ومطمئنِّة، فالتأمينات الاجتماعية كاملة وشاملة، ومداخيل السكان المالية في تزايد متواصل، وتتم حماية الحقوق والمصالح المشروعة للمواطنين من جميع العرقيات في شينجيانغ بشكل فعّال.
يتمتع جميع أبناء المجموعات العرقية، بغض النظر عن أعدادهم، بنفس الحقوق والواجبات التي يفرضها القانون، وحق المشاركة في إدارة شؤون الدولة وحرية المعتقد الديني وتلقي التعليم واستخدام لغاتهم المنطوقة والمكتوبة وتراث ثقافتهم التقليدية وغيرها من الحقوق. ووفقاً لموقع “عكاظ” الشهير يقول أحد الكتَّاب الصينيين في مقالة له عن شينجيانغ، وهو لم يذكر اسمه في مقالته، بل صورته فقط، أن الناتج المحلي الإجمالي لهذه المنطقة الذاتية الحكم من 791 مليون يوان (حوالي 124 مليون دولار أمريكي) في عام 1952 إلى 1379.758 مليار يوان (حوالي 216.739 مليار دولار أمريكي) في عام 2020، بزيادة قدره 1744 مرة. كما زاد نصيب الفرد المتوسط من إجمالي الناتج المحلي من 166 يوانا (حوالي 26 دولارا أمريكيا) في عام 1952 إلى 53593 يوانا (حوالي 8419 دولارا أمريكيا) في عام 2020، بزيادة قدره 323 مرة. وخاصة منذ أكثر من أربعين سنة الماضية من الإصلاح والانفتاح، يواصل اقتصادها النمو بسرعة، ويتجاوز متوسط معدل النمو السنوي لنصيب الفرد من الدخل المتاح 12٪. في عام 2021، ازداد الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة الذاتية الحكم بنسبة 7٪ ليصل إلى 1598.365 مليار يوان (حوالي 251.082 مليار دولار أمريكي)، وهو ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي لدولة اليونان بأسرها.
وفي عام 2020، تم انتشال جميع فقراء الريف البالغ عددهم 2.73 مليون شخص في شينجيانغ من الفقر المدقع وفقاً للمعيار الحالي، فدخلت منطقة شينجيانغ حقبة جديدة من مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل سوياً مع المناطق الأخرى في الصين.
ويستطرد هذا الكاتب: اقتصاد شينجيانغ يتطور باضطراد: زاد الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة الذاتية الحكم من 791 مليون يوان (حوالي 124 مليون دولار أمريكي) في عام 1952 إلى 1379.758 مليار يوان (حوالي 216.739 مليار دولار أمريكي) في عام 2020، بزيادة قدره 1744 مرة. كما زاد نصيب الفرد المتوسط من إجمالي الناتج المحلي من 166 يواناً (حوالي 26 دولارا أمريكيا) في عام 1952 إلى 53593 يوانا (حوالي 8419 دولارا أمريكياً) في عام 2020، بزيادة قدره 323 مرة. وخاصة منذ أكثر من أربعين سنة الماضية من الإصلاح والانفتاح، يواصل اقتصادها النمو بسرعة، ويتجاوز متوسط معدل النمو السنوي لنصيب الفرد من الدخل المتاح 12٪. في عام 2021، ازداد الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة الذاتية الحكم بنسبة 7٪ ليصل إلى 1598.365 مليار يوان (حوالي 251.082 مليار دولار أمريكي)، وهو ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي لدولة اليونان بأسرها، مِمَّا أدخل منطقة شينجيانغ حقبة جديدة من مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل سوياً مع المناطق الأخرى من البلاد الصينية الواسعة.
نَشرت الصحافة الصينية خلال الفترة ما بين يومي 1 و5 أغسطس الفائت (2022)، انطباعات 32 سفيراً ودبلوماسياً على المستوى الرفيع من 30 دولة إسلامية لدى الصين، شرعوا بزيارة ناجحة إلى شينجيانغ. وتجوَّل السفراء في اشغار، وأكسو، وأورومتشي، حيث لمسوا بأنفسهم الوحدة الوطنية وحرية الاعتقاد في الصين، وشاهدوا بأم أعينهم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في شينجيانغ والحياة الآمنة والمزدهرة والسعيدة لشعبها. وتلقى السفراء انطباعاً عميقاً عن شينجيانغ الجميلة، وأكدوا على أن السياسة الصينية لحوكمة شينجيانغ حققت نتائج بارزة، ولاقت دعماً من صميم قلوب أبناء الشعب من مختلف القوميات الصينية، ومن المفروض أن يتعامل المجتمع الدولي معها بشكل موضوعي وعادل.
“إن النجاح يتولَّد من الوئام، والقوة تتولد من الوحدة” – هذا هو شعار التجربة البسيطة والحكيمة التي لخصها أهل قومية الويغور في التبادلات مع مختلف القوميات منذ آلاف السنين. تعيش 47 قومية من 56 قومية صينية داخل مجتمعات مختلفة مع بقية القوميات في شينجيانغ، وتكافح جميعها بالتضامن لتشكيل “مجتمع المستقبل المشترك ذي الهدف الواحد”. تتمتع شينجيانغ اليوم بالاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والوئام الديني، ويعيش ويعمل جميع أبناء الشعب من القوميات المختلفة فيها بطمأنينة وسعادة، وتزدهر مختلف الأبعاد الاجتماعية فيها. في كاشغار، وجد السفراء العناصر الثقافية لمختلف القوميات التي يندمج بعضها مع البعض في أكبر مَجمع وئام وتربية وتقارب شقائقي في رياح المَعمورة.
في حي قويوانشيانغ بمدينة أورومتشي، غنّى السفراء أغنية مع أطفال من قوميات مختلفة، مِمَّا يجعلهم يلمسون بعمق الحياة اليومية لسكان الحي من مختلف القوميات. ونوه السفراء إلى: “إن التعايش المنسجم بين السكان المحليين من مختلف القوميات يدل بجلاء على أن الحكومة الصينية تهتم بحماية الثقافة القومية وتعمل على تعزيز الانسجام بين القوميات المختلفة.”.. و “لا يمكن تعزيز التنمية إلا بالاحترام والتسامح، وهناك أمثلة في كل مكان في شينجيانغ تتحدث عن التعايش المنسجم بين السكان من القوميات المختلفة، ويُعدُ ذلك قدوة لجميع البلدان في العالم.”
وليس ختاماً: ننتظر إخواننا من شينجيانغ في ضيافتنا في الأردن على ظهور قوافل الجِمال والقطارات السككية الجديدة للحزام والطريق، ليعود الشريان الحيوي بيننا إلى سابق عهوده بل وفي تدفقات أعظم، ومن أجل تعزيز بُنيان الصداقة والعلاقات الانسانية والثقافية، وعودةً على التصاهر، وهو الأهم، بين شعبينا في خضم طريق الحرير الصيني القديم، الذي تنقّل آمِناً في أراضي الأردن من جنوبه إلى شماله، مارّاً بكل مُدننا وقُرانا وأريافنا وبوادينا وجبالنا، وخلّف وراءه في أرضنا الكثير من الشواهد المادية، وهو ما أشار إليه وتناوله في كلماته خلال خدمته الدبلوماسية في الأردن، سعادة الأخ السفير السابق لجمهورية الصين الشعبية لدى المملكة الشقيق “بان ويفانغ”، الذي عرفه الأردنيون عن قُرب كواحد من أشهر اسماء سفراء الصين في الأردن، إذ تم إطلاق ألقاب محببة عديدة عليه في بلادنا، منها: “الحكيم” و “المحبوب لدى شعبنا في المملكة الأردنية الهاشمية من شمالها إلى جنوبها”، و “صاحب الابتسامة العريضة والكلمة الطيبة والعقلية المنفتحة”، و “الانفتاحية على الأردنيين ومحبتهم”، والخ، وهذا إنما يَعني عودة على بدء روح المودّة والتعاون والتصاهر الأعمق ما بين شعبينا الأردني والصيني، ليكون الحاضر طبق الأصل عن الماضي، وعن الصور التاريخية الماثلة في أذهاننا لجنبات طريق الحرير الصيني السابق، ولتمتعنا بصداقة وافرة وغنية المضامين كما كان الأمر مع السفير – الأخ والرفيق والحبيب والنابه و “الانسان الانسان”، و “الصيني الصيني”، الذي قرّب الصين من الأردن والأردنيين بكل أطيافهم: سعادة السيد / الرفيق والأخ الشقيق بان ويفانغ، الذي سيبقى ماثلاً في عقولنا، ومرافقاً لنا حياتنا ومشاعرنا إلى الأبد.