كمدينة تتمتع بتاريخ يزيد عن 3000 سنة، شهدت بكين فترة مهمة خلال العقد الماضي، حيث قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بـ10 زيارات تفقدية للعاصمة، داعيا السلطات المحلية إلى تحديد الموقع الإستراتيجي للمدينة، والالتزام بالوظائف الأساسية للعاصمة وتعزيز دورها كمركز للسياسة والثقافة والتبادلات الدولية والابتكار العلمي للبلاد.
وقال تشانغ وي، مدير لجنة التخطيط والبناء للعاصمة الصينية “بدأت تنمية العاصمة في العصر الجديد خلال المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني قبل 10 سنوات، وتشير سلسلة من الكلمات التي ألقاها الرئيس شي بشأن بكين إلى الاتجاه الصحيح لتنميتها، وتمثل تحولا كبيرا في مفهوم التنمية الحضرية. ويتمثل جوهر تنمية العاصمة في العصر الجديد في تنمية وظائف العاصمة، وتتطلب التنمية عالية الجودة، وتهدف للحياة السعيدة للسكان”.
يتمثل اتجاه تنمية العاصمة الصينية في تعزيز التنمية المنسقة بين مناطق بكين وتيانجين وخبي من خلال إعفاء بكين من الوظائف غير الضرورية لدورها كالعاصمة. وخلال العقد الماضي، تحولت بكين من تركيز مواردها للنمو إلى تخفيف الوظائف غير الضرورية لتنميتها، وبذلك أصبحت أول مدينة ضخمة في الصين تحافظ على تنميتها مع تقليص حجمها.
ويعد مركز التقنيات المالية جزءا مهما للمنطقة النموذجية للتقنيات المالية على المستوى الوطني. وقبل 10 سنوات، كانت هذه المنطقة أكبر سوق لتوزيع الملابس بشمالي الصين، حيث كانت تجتذب ما يصل إلى 100 ألف مشتر يوميا، مع أكثر من 30 ألف مندوب مبيعات. ومع ذلك، ظلت مشاكل البيئة القذرة والازدحام المروري ومخاطر السلامة المحتملة قائمة.
وبدأت بكين في تفكيك أسواق البيع بالجملة في عام 2014، وأغلق آخر سوق في عام 2017. وبفضل موقعها المثالي، قررت السلطات المحلية تحويل المنطقة إلى منطقة نموذجية للتقنيات المالية بعد جولات من الأبحاث الميدانية والمناقشات.
وقال يوان ون، نائب المدير التنفيذي لمنطقة صناعية علمية محلية “قمنا باستقطاب أكثر من 150 شركة ومؤسسة للخدمات في مجال التقنيات المالية، برأس مال مسجل يبلغ 110 مليار يوان (16.3 مليار دولار أمريكي)، وزادت مساهمتها الاقتصادية بأكثر من 10 أضعاف، ويمثل ممارسة للمتطلبات الجديدة التي طرحها الرئيس شي بشأن إعفاء بكين من الوظائف غير الضرورية لدورها كالعاصمة، وتحويل تركيز تنميتها إلى التنمية عالية الجودة والمدفوعة بالابتكار مع تقليص حجمها”.
منذ عام 2014، أغلقت بكين نحو 3000 شركة تصنيع ملوثة، وقامت بنقل ما يقرب من 1000 من أسواق الجملة والمركز اللوجستي الإقليمي أو تحديثها. ونتيجة لذلك، تم تشكيل دائرة التنقل والوظائف والصناعات لمناطق بكين وتيانجين وخبي بوتيرة أسرع، كما تم تحسين البنية التحتية الداعمة لمعيشة الناس.
وقالت تشانغ بي هوا، إحدى السكان المحليين “بعد إعفاء بكين من الوظائف غير الضرورية لدورها كالعاصمة، قامت الحكومة المحلية ببناء حديقة بساحة صغيرة خارج مجتمعنا السكني. ويسعدنا أن نتجول فيها كل يوم”.
بينما تتحسن وظائف العاصمة ويخضع نمط تنميتها لتحول عميق، تركز السلطات المحلية أيضا على تحسين حوكمة المدينة الضخمة.
ويعد مجتمعا هويلونغقوان وتيانتونغيوان السكنيان، اللذان يبلغ عدد سكانهما 850 ألف نسمة، مجتمعين كبيرين في شمال بكين. وسجلت وو قه، إحدى سكان هويلونغقوان، التغيرات التي طرأت على المجتمع السكني خلال السنوات الماضية بأكثر من 400 رسم كاريكاتوري، بما فيها منتزه رياضي ثقافي من المتوقع اكتماله بحلول نهاية العام الجاري.
وقالت وو “يا له من تغيرات هائلة! وشهدت نموه من أرض قاحلة إلى مكان وحديث”.
في هذه المناطق السكنية، تم إنشاء مزيد من رياض الأطفال، واستمرت الخدمات الطبية وخدمات رعاية المسنين في التحسن. وبدأ استخدام مركز القيادة، أو “دماغ المدينة”، للمجتمعين السكنيين في العام الجاري، حيث قدم الخدمات للسكان في تسعة سيناريوهات في مجالات الحوكمة على القاعدة الشعبية وإدارة المجتمع السكني والمواصلات.
وقال تشانغ ليان شان، أحد السكان المحليين “يمكن وصفه بأنه يتغير يوما بعد آخر، وتم حل مشاكل عديدة مرتبطة بمعيشتنا”.
كمدينة قديمة، توسعت إدارة بكين الحضرية أيضا إلى وسط المدينة القديم. وتظهر “هوتونغ”، أو الأزقة التقليدية في بكين، جمالها وسحرها مجددا، بعد سنوات من الجهود التي بذلتها الحكومة المحلية لترميمها وإدارتها.
وقالت سو ليان شي، إحدى السكان بزقاق ونهوا ببكين “تم تحسين زقاقنا كثيرا، بما فيه الظروف المعيشية في الفناء. وإننا ممتنون للحكومة المحلية لرعايتهم لعامة الناس”.
خلال السنوات العشر الماضية، حققت بكين إنجازات ملحوظة في مختلف المجالات. وارتفع الناتج المحلي الإجمالي للمدينة من 1.9 تريليون يوان في عام 2012 إلى أكثر من أربعة تريليونات يوان (592 مليار دولار أمريكي) في العام الماضي، وزاد عدد خطوط مترو الأنفاق من 16 خطا بطول 442 كيلومترا في عام 2012 إلى 27 خطا بطول 783 كيلومترا في العام الماضي.
وزاد الغطاء الحرجي من 38.6% في عام 2012 إلى 44.6% في العام الماضي، وزاد عدد الأيام التي تتمتع بجودة هواء جيدة من 176 يوما في عام 2013 إلى 288 يوما في العام الماضي، مع بلوغ متوسط التركيز السنوي للجسيمات الدقيقة العالقة (PM2.5) هدفه لأول مرة، بانخفاض قدره 63.1% عن عام 2013.