شبكة طريق الحرير الإخبارية/
الدكتور: بن خالد عبد الكريم
* عضو رئيسي في هيئة تحرير شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية في الجزائر، استاذ محاضر بالجامعة الافريقية/الجزائر.
ان تجربة الحزب الشيوعي الصيني على مدار المئة عام منذ تأسيسه مكنته من تحقيق إنجازات تاريخية غير عادية نيابة عن الشعب وهو اليوم جاهز لمواصلة قيادة الصين في رحلتها من أجل بناء دولة اشتراكية حديثة عظيمة من جميع النواحي خلال مئة عام من المساعي الحكيمة في قيادة دولة الصين الشعبية للإطاحة بـ “الجبال الثلاثة الكبيرة” للإمبريالية الإقطاعية والرأسمالية البيروقراطية، وتأسيس صينًا جديدة رائدًا في النهج الاشتراكي ذا الخصائص الصينية ، وبناء ثاني أكبر اقتصاد في العالم ، حيث يعد الحزب الشيوعي الصيني اليوم أكبر حزب حاكم في العالم يضم أكثر من 95 مليون عضو ، ويقود دولة يزيد عدد سكانها عن 1.4 مليار نسمة من خلال تعزيزه لبناء مجتمع بشري ذي مستقبل مشترك وتطوير مبادرة الحزام والطريق من خلال الجهود المشتركة من اجل تحقيق الرفاهية والعيش المشترك في العالم ، وكل هذا بفضل القيادة الحازمة للحزب وفلسفته التنموية المتمحورة حول الشعب ودعم الاشتراكية ذات الخصائص الصينية من أهم العوامل والسمات المميزة التي تميزه عن الأحزاب السياسية الأخرى.
والامر اللافت للنظر ان هذه الدولة قد استمدت أصل حضارتها الحديثة من ثقافتها وحضاراتها التي تعود الى تعاليم كونفوشيوس في كتابه الحوار الذي يعتبر ام المصادر للثقافة الصينية العريقة فمن لم يدرس “الحوار” تعذر عليه ان يلم بالحضارة الصينية القديمة التقليدية التي امتدت متسلسلة لألاف السنين. وحتى في غضون العصر الحالي بدأ المجتمع البشري كله يولي بناء الحضارة الايكولوجية اهتماما اكبر فاكبر على مقولة كونفوشيوس “ تقدير ارادة السماء ان يدل على قيمة جديدة في حياتنا اليوم واصغاء البشرية الى صوت الطبيعة باعتبار أن الطبيعة عالما من حياتنا العظمى بكل خشوع واهتمام و كونها الرسالة المقدسة الواقعة على عاتقها ومصدر قيمة الحياة في الوقت نفسه“ .
إن الرسالة السامية للحزب الشيوعي الصيني ونواته الرفيق شي جين بينغ هي السعي لتحقيق السعادة للشعب الصيني وتجديد شباب الأمة الصينية ، والسعي لتحقيق الصالح العام للعالم أيضًا وذالك عبر فترات تاريخية مختلفة من البناء والتشييد وخدمة الصالح العام للعالم و تجسيد روح الأممية الحزبية في النضال لدعم الحركة التحررية الوطنية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وتعزيز بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية في العصر الجديد للاشتراكية ذات الخصائص الصينية ، حيث قدم الحزب الشيوعي الصيني دائمًا مساهمات كبيرة للإنسانية باعتبارها مهمته الدائمة لا سيما منذ الإصلاح والانفتاح . وقد حققت الصين إنجازات ذات شهرة عالمية وأصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ودولة التصنيع الأولى مع أكبر حجم تداول السلع مع استمرار الاقتصاد الوطني الصيني في النمو السريع، ففي عام 2020 تجاوز 100 تريليون يوان صيني للمرة الأولى ، حيث بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 72447 يوان صيني (أكثر من 10000 دولار أمريكي). وكسر من خلال ذالك معيار البلدان المتوسطة الدخل.
اضافة الى تطوير الصناعات الأساسية والبنية التحتية والتي حققت قفزة كبيرة في التنمية من خلال تعزيز القدرة على الابتكار في مجال العلوم والتكنولوجيا بشكل مستمر في العديد من المجالات مثل الفضاء واستكشاف أعماق البحار، والحوسبة الفائقة ، والملاحة عبر الأقمار الصناعية.
اما من حيث تعزيز الوضع الدولي من خلال التزام الصين بسياستها الخارجية المستقلة القائمة على السلام، والعمل على تنمية الصداقة والتعاون مع الدول الأخرى في العالم، خاصة منذ الإصلاح والانفتاح من خلال مبادرة الحزام والطريق وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية ، من خلال المشاركة الفعالة في صياغة القواعد الاقتصادية والتجارية الدولية التي يمثلها إصلاح منظمة التجارة العالمية، والمساهمة بالحكمة الصينية في تحسين نظام الحوكمة العالمي، وإظهار مسؤوليتها كدولة رائدة في هذا المجال .
1.1 مبادئ الحوكمة والحكم الراشد للحزب الشيوعي الصيني :
أظهر الحزب الشيوعي الصيني قدرة تكنوقراطية على الاستجابة للضغوط التنموية الناجمة عن الصعود الاقتصادي المذهل للصين حيث سخر الحزب ثمار العولمة والتنمية الاقتصادية ، وانتشل عشرات الملايين من المواطنين من الفقر وذالك كله نتيجة لسياسة الحزب الشيوعي الصيني الذي يعتبر كمحرك للتغيير والتنمية وصاحب القدرة على ترشيد الصين نحو الثروة وتنمية الشعور بالفخر والاعتزاز الوطنيين لدى الشعب ، اضافة الى القضاء على التفاوت الهائل في الدخل والتغطية التأمينية حيث زادت نفقات الرعاية الصحية من 3.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1995 إلى 5.4 في المائة في عام 2018 ، ويتوقع الباحثون أن هذا الرقم سيرتفع إلى 9.1 في المائة . بحلول عام 2035. بينما يغطي التأمين الطبي لأكثر من 90 في المائة من السكان.
اضافة الى مواجهة الحزب الشيوعي لوباء كورونا ، حيث ان بحلول منتصف عام 2020 ، انخفضت الحالات المبلغ عنها في الصين رغم ارتفاع الحالات في أماكن أخرى ، بما في ذلك الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، حيث أعلن الحزب الشيوعي الصيني الانتصار على وباء COVID-19. و قدمت الصين أكثر من ثلاثمائة مليون جرعة من لقاحات كوفيد 19 اغلبها تبرعات إلى بلدان العالم بحلول منتصف عام 2021 .
ومن خلال كل ما ذكر من خلال القراءة التاريخية والتحليلية لمسار الحزب الشيوعي الصيني والذي يعد بجد قاطرة النهضة الصينية الحديثة لما يحتويه من كفاءات ومهارات تنظيمية وادارية اضافة العمق الفكري العمق الفكري والعمل الديناميكية التي دامت مئة عام وأن خبرة الصين في الحزب الشيوعي الصيني التي تعد مدرسة رائدة في مجال الانظمة السياسية في العالم من خلال توحيد الشعب الصيني بجميع قومياته للعمل الجاد والاعتماد على النفس في تحقيق تحديث الصناعة والزراعة والدفاع الوطني والعلوم والتكنولوجيا، والتركيز الجيد على التنمية الاقتصادية ، و المضي قدما لتحسين معيشة الشعب نتيجة وعي قيادات الحزب الشيوعي الصيني في اتباعها نموذجا يشجع الإصلاح الاقتصادي والسياسي بتوسيع هامش الحريات السياسية، وإصلاح النظام الانتخابي , وتشجيع كل اطياف المجتمع على المشاركة السياسية والمضي قدما في بناء النهضة الحضارية للصين, والاستقرار السياسي باعتباره الضمانة الوحيدة للوحدة الوطنية من خلال النظم الديمقراطية المنتهجة في البلاد والحفاظ على المبادئ الاربعة للحزب وهي التمسك بخط الحزب الشيوعي، التمسك بتحرير الأفكار وطلب الحقيقة من الواقع، التمسك بخدمة الشعب بكل أمانة وإخلاص، التمسك بنظام المركزية الديمقراطية، الشيء الذي جعله حزب نابض بالحياة وناجح طيلة تاريخه على مدار مائة عام في السلطة وإنجاز كبير لم يسبق له مثيل في تاريخ الصين الحديث وتحقيق المعجزة “النهضة العظيمة للصين”، مما جعله يساهم في تنمية الاقتصاد العالمي وتحسين مستوى معيشة أكبر عدد من سكان الأمم والشعوب في إطار مبادرة الحزام والطريق التي اطلقها الرئيس شي جين بينغ .
2.1 الجزب الشيوعي الصيني والقضايا العربية :
ان المتفحص للعلاقات الصينية العربية يلاحظ التطور الملحوظ للعلاقات الصينية العربية من خلال المبادرات التي اطلقها القادة الصينيون على جميع الأصعدة، ففي المجال السياسي التزم الحزب الشيوعي الصيني بمبدا عدم التدخل في الشؤون الداخلية للأنظمة والحكومات العربية والدعوة الى حل النزاعات الداخلية عن طريق الحوار السياسي وبطريقة سلمية دون التدخل العسكري وعلى سبيل المثال احداث سوريا واليمن والعراق وليبيا ….. فلم تسعى الصين الى التدخل العسكري في بلدان الشرق الاوسط عكس الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وايران، الشيء الذي أسهم في تهديد امن واستقرار المنطقة ككل.
اما النقطة المفصلية في الشرق الاوسط الا وهي القضية الفلسطينية ومبادرة الاربع نقاط الصينية من بينها مبدأ حل الدولتين هي من المبادئ التاريخية التي ينادي بها القادة الصينيين في حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وذالك بدعوة كافة الاطراف المعنية إلى الالتزام بقرارات الأمم المتحدة المعنية وحل الخلافات عن طريق المفاوضات وتدعيم السلام والاستقرار الاقليميين، وجاء هذا بعد تصاعد وتيرة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والذي أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا بعد انحراف عملية السلام في الشرق الأوسط عن مسارها الأصلي وانتهاك حق الشعب الفلسطيني في بناء دولة مستقلة ، إضافة إلى حدة المواجهات الفلسطينية – الإسرائيلية والنزاعات المتكررة حسب تصريح عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني الرفيق وانغ يي أمام مجلس الأمن.
النقطة الثالثة وهي ان الصين تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني ساعدت الدول العربية في مجالات عديدة من بينها الاستثمارات الاقتصادية مع الدول العربية ودول الشرق الاوسط بالخصوص في اطار مبادرة الحزام والطريق ، اضافة الى سعي الصين على زيادة مشاركتها الاقتصادية مع دول منطقة الشرق الاوسط ، مما يدعم خدمة الطرفين بما فيها دول الشرق الاوسط ، مما يعزز تطوير اقتصاداتها وبناء السلم الاجتماعي في هذه البلدان حيث قدرت واردات هذه البلدان من الصين حوالي 40 بالمئة وتقدر واردات الصين من هذه البلدان من 10 الى 20 بالمئة من الغاز .
النقطة الاساسية الراهنة والتي تتمثل في مساعدة الصين للدول العربية في الحد من انتشار الفيروس التاجي ونقل الخبرة والمعدات الصينية الطبية لتلك البلدان والتحلي بمبدأ الانسانية والروح التضامنية مع هذه الدول، واثبتت اخلاصها في الظروف الصعبة من خلال تعاونها مع هذه الأخيرة وسط الوباء لهو دليل على الارادة القوية الداعمة للدول العربية التي تعاني نزاعات حادة وعدم استقرار داخلي .