شبكة طريق الحرير الإخبارية/
في “الفِصحِ” بلا فِصح..!
بقلم: الأكاديمي مروان سوداح
“الفِصح” الأخير لم يكن فِصحَاً لنا كجماعة مسيحية، فهذه الحالة تستمر منذ سنوات طويلة طويلة. عادةً، يذهب المُحتفون بالفصح إلى عَمائر العِبادة لأجل الصلاة، ويجتمعون كذلك لتبادل التهاني.
لكن، الغالبية الساحقة مِن حَملة الجنسية الروسية من قوميات مختلفة، وليس الروسية حصراً، لم يتمكنوا من إقامة الصلوات التي هي شعائر إلزامية للمسيحي. الأمر مشابه لاجتماع المسيحيين في هذا العيد الكبير لتبادل الأماني. هذا الوضع الغريب يُعاني منه أتباع السيد المسيح له المجد. فالناطقون بالروسية لا يمكنهم الاحتفال سوياً بالأعياد المسيحية الرئيسية في كنيسة تخصهم، وبالتالي يبقون بدون صلوات الفصح، ويتراجع عدد المسيحيين في المَملَكة.
الأردن، وبجهود ورعاية جلالة الملك عبدالله الثاني – حفظه الله وسَدَّدَ على طريق الخير والنجاح خُطاه اليوم وكل يوم – أقام وأذن بتدشَّن الكنيسة الروسية في موقع “المغطس”؛ الذي هو المكان التاريخي الوحيد على وجه البسيطة الواسعة لعمَّاد السيد المسيح له المجد. فالسيد المسيح، عيسى بن مريم، اختار نقطة أُردنية لتعميده فيها على يد يوحنا المعمدان، ليصبح هذا الحّيِّز الصغير عالمياً، وجاذباً لمليارات البشر صوب الأُردن، إذ لَفَتَ بشدة أعين سكان المعمورة إليه. فالأُردن، بلد الحضارة العريقة، والحريات الدينية والمدنية، يَفتح ذراعيه على اتّساعهما لكلِ مَن يريد البذل والعطاء في سماء الإيمان القويم، وحوار أصحاب الديانات والثقافات، وهذه المنطقة يَشتهر الأردن الهاشمي بها في كل بقاع الدنيا، وها هي الأُمم تُثمّن هذه التركيبة السكانية، اللوحة الفسيفسائية الأردنية الجميلة والمتحِدة والمتناغمة مع العرش الهاشمي، والمُصطفَّةِ إلى جانبه، والمُسَانِدة لأبو حسين، وللحفاظ على مختلف المكتسبات ولتعظيمها.
نحن الناطقون بالروسية، بقومياتنا المتعددة، لم نتمكن مِن الاجتماع في كنيسة عَمَّانية خاصة بنا للصلاة والتواصل الشخصي، ولتعميق الترابط بيننا. فللآن لم يتم بناء أي كنيسة روسية في منطقة عمّانية ما، بعيداً عن “المغطس” الذي لا يمكن زيارته دون أُذونات أمنية مسبقة، كونه منطقة حدودية خطرة بالطبع. ولهذا، تم الاستعاضة عن المغطس بلقاء عام، دون صلاة، رتّب إليه ونظَّمهُ مشكوراً السيد أليكسي بوكين، مدير عام “المركز الثقافي الروسي – البيت الروسي”، في جبل عمَّان، حيث التقينا مع رئيس الكنيسة الروسية في المغطس، الأب الكاهن، الجديد، “إيرومناخ ماتفيي”، وتحدثنا عن العيد بسعادة غامرة، واستعرضنا مكانة الأُردن ومواضعه التي يتحدث عنها الإنجيل المقدس بشكل مباشر، على مِثال البحر الميت، والأخرى التي زارها و/أو سار في ربوعها وبَشَّرَ السيد المسيح برسالته السماوية في فضائها، وهذه وغيرها يتحدث عنها الإنجيل المقدس.
وليس ختاماً، يُعتبر تأسيس ونشاط كنيسة روسية في عمَّان بالذات، سوياً مع توابعها، وضمنها بيت ومكتب لخوري الكنيسة، وصالون للزوار والمؤمنين، يتم الصلاة فيها باللغة الروسية، مطلباً مشروعاً “لأُلوف مؤلَّفة” من هؤلاء وعائلاتهم، مِمَّن ينتمون لقوميات منها كمِثال: الروسية، والبيلوروسية، والأوكرانية، والأبخازية، والمولدوفية والخ، وهو حق ديني ومدني وإنساني لجميعهم، من غير المقبول أن تتدخل به وفيه جهة ما تتبع إدارة خارجية.