شبكة طريق الحرير الإخبارية/
“خوجالي” دامعة وتبكيها البشرية للآن
الأكاديمي مروان سوداح
قبل أيام لفتت انتباهي عبارات الشكر والتقدير والثناء التي تقدَّم بها سعادة السيد إيلدار سليموف، سفير جمهورية أذربيجان لدى المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك في مقالته التي نشرتها “الأنباط” عن مذبحة خوجالي، التي صَعقت البشرية، وهزت ضمائر أصحاب العقول السوية، فقد حدثت في فبراير/شباط 1992، أي قبل نحو ثلاثين عاماً بالتمام والكمال.
يستذكر السفير قرار المجلس الوطني في جمهورية أذربيجان الصادر بتاريخ 24 فبراير عام 1994، بمبادرة من القائد العظيم حيدر علييف، حيث يتم بموجبه إحياء ذكرى مذبحة خوجالي في 26 فبراير من كل عام. ويستطرد السيد إيلدار سليموف بمفردات مُفعمة بمشاعر الأخوة والصداقة، بأنه ينتهز دنو تاريخ المذبحة، ليتقدم بجزيل شكره وعرفانه لمجلس الأعيان الأردني الذي أصدر في عام 2013 بياناً يدين مذبحة خوجالي، ما لقي ترحيباً واسعاً في جمهورية أذربيجان دولة وحكومة وشعباً. وإذ نستشعر في كلمات السفير إيلدار سليموف محبته الكبيرة للأردن بكل مكوناته السياسية والاجتماعية، وتقديره لمؤسساتنا الرسمية والشعبية وللعلاقات الثنائية بين الأردن وأذربيجان، لنؤكد كمواطنين وأصحاب قلم بأن وطننا الأردن كان وما يزال وسيبقى يُنَاصِر العدالة والحق وسيادة الدول على ترابها، ويشجب العنف، ويعمل على تلافي الحروب والنزاعات والويلات، وينتصر للإنسان وقضايا الحق والعدالة في كل مكان على هذه الكرة الأرضية الواسعة، ضمنها قضية تحرير كامل أراضي أذربيجان المحتلة، كونها البلد المسلم والشقيق لنا، والعضو الفاعل في المجموعتين الإنسانية الآسيوية والدولية.
يَسرد السفير مجريات الأحداث في أذربيجان عشية المذبحة وخلالها، وكيف تم الاعتداء على الأذربيجانيين العزَّل، ويتناول بالتفصيل عدد الشهداء، والجرحى، والمشردين جراء المجزرة، وكيف هرب الناجون نحو الغابات في ليلة قاتمة وموحِشة سالت فيها الدماء الطاهرة للمواطنين وأقاربهم وأبنائهم، وكيف قطع المعتدون من الجيش الأرميني رؤوس الشيوخ والنساء والأطفال بوحشية وعنف يفوق المخيلة الإنسانية، مِمَّا أدَّى إلى مقتل 613 شخصاً، من بينهم 106 نساء، و63 طفلاً و70 شيخاً، وأسر الأرمن 1275 شخصاً، ولحقت الإعاقات الجسدية بِ 487 فرداً، وفَقَدت أذربيجان 150 مواطناً لم يَعد لهم أثر، كما تعرَّض الأسرى لأبشع وأرعب أشكال وأنواع التعذيب، ولحق الدمار الشامل مواقع وأماكن مدنيَّة كثيرة، تطبيقاً لسياسة “الأرض المحروقة” التي قام المعتدي بتفعيلها على البشر والحجر، دون شفقة بأرواح الناس ولا بالمواقع الثقافية والمؤسسات ذات الاستخدامات والأعمال المختلفة.
خلال كتابة هذه المقالة نقلت وكالة الأنباء السعودية عن الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، السيد حسين إبراهيم طه، كلمته “بالذكرى الثلاثين لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية في مدينة خوجالي بجمهورية أذربيجان”، إذ جدد معاليه التأكيد على أن “حادثة خوجالي نجمت عن احتلال جمهورية أرمينيا غير المشروع للأراضي الأذربيجانية، مشيرًا إلى بيان القاهرة الختامي (الفقرة 117) الصادر عن الدورة الثانية عشرة للقمة الإسلامية المنعقدة في القاهرة عام 2013، وإلى القرار رقم 51/47-س بشأن “التضامن مع ضحايا مذبحة خوجالي لعام 1992″ المعتمد من الدورة السابعة والأربعين لمجلس وزراء الخارجية المنعقد في نيامي عام 2020، اللذين عدّا الأعمال التي ارتُكبت ضد السكان المدنيين الأذربيجانيين في مدينة خوجالي المحتلة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية على المستويين الوطني والدولي”.
وجدير بالذكر، أن اتحاد مجالس الدول الأعضاء في “منظمة التعاون الإسلامي” اعترف أثناء دورته السابعة المنعقدة في مدينة باليمبانج الإندونيسية، بتاريخ 30 يناير 2012، بمأساة خوجالي كإبادة جماعية، ودعا جميع برلمانات الدول الأعضاء في “المنظمة” “إلى الاعتراف بالإبادة الجماعية التي ارتكبتها القوات المسلحة الأرمينية ضد الأذربيجانيين الأبرياء”. وكذلك، قد تم الاعتراف بمأساة خوجالي كإبادة جماعية من قِبل برلمانات ودول كثيرة، منها الجمعية الوطنية الكبرى التركية، ومجلس الشيوخ الباكستاني، والكونغرس المكسيكي، وكذلك من قِبل بعض الولايات الأميركية في الولايات المتحدة الأمريكية”.