شبكة طريق الحرير الاخبارية/
بقلم: غسان أبو هلال
في خضم الأحداث والتهديدات الغربية الجارية لروسيا، وكَيِلِ الفبركات واختلاق الأكاذيب، وسلوك الخداع على مستوى الكرة الأرضية، تنعكس على نحو واضح مَدَيَات ما وصلت إليه الثقافة السياسية الغربية عموماً من انحطاطٍ حاد، يؤشِّر على نزاع بينيٍّ لتلك الأنظمة، وسقطة واسعة للثقافة الغربية التي لا تستندُ إلى ماضٍ عريق كما هي الحضارة والثقافة والسلوك الروسي في مواجهته للصلف الغربي الراهن وعلى مر الأزمان.
فيما نراه حالياً من تهويشات غربية إنما يؤكد تدني مستويات أصحاب القرار في عواصم تلكم البلدان الغربية، في محاولة من أعداء روسيا “للفوز” بكل ما في الكون وأقطاره من مكاسب، بالتهديد تارة، والخداع في أخرى، تماماً في تكرار لقصة إبادة “الهنود الحُمر” في القارة الأمريكية الشمالية، حين شرع الهجوم الغرب أوروبي لإبادتهم بكل وحشية.
اليوم، وفي التصادم الغربي مع روسيا بوتين، تظهر لشعوب الدنيا وعلى الملأ، أعماق الثقافة الروسية بطبيعتها الضاربة جذورها في أرض “رُوس” بقومياتها الكثيرة، فالردود الروسية على “الإنْذَار”، و”التَحْذِير” و”التخْوِيف” الغربي المضحك هادئة جداً، ومنطقية، وموضوعية وكأن شيئاً لم يحدث على حدود روسيا الغربية، والشخصيات التي تتولى الإدلاء بها، وعلى رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين، تحترم نفسها كونهم يديرون بلداً عريقاً على مر القرون، وخالقاً التاريخ، ومُولِّداً الحضارة الإنسانية على مساحة هي الأوسع بين كل رقاع الدول الأخرى، بخاصةٍ تلك المُتنمِّرة على موسكو راهناً.
روسيا البلد والدولة لها فضل كبير على الانسانية جمعاء، ففيها برزت منارات مضيئة للعلوم والثقافة (عِلوم الدين، والفلك، والفيزياء، والخوازميات، والحساب وعلم الكيمياء) وغيرها الكثير.
الحديث عن روسيا التي ورثت الاتحاد السوفييتي، وشعبها العريق بقيادتها الحكيمة مليء بالشجون، فهي تسعى بلا كللٍ ولا ملل إلى مراتب الرقي وجوامع الازدهار لأرضها وناسها. ولهذا، فإن الأحداث التي تدور حول روسيا، إنما تدفع بالكثيرين إلى زيارتها بالرغم من كل ما تتعرض إليه من مخاطر أولها العسكرية، فموسكو كانت وما زالت عاصمة الدنيا، وشخصياً أتمنى أن أزورها، بل وأن اعيش فيها، فقد يحالفني الحظ في ذلك لأكون سعيداً على أرضها ومُستنشقاً لعبقِ ترابها الذي ينثر الرياحين، فلو أدرك الإنسان، أي إنسان على وجه هذه الأرض مَن هي روسيا، ومن هو الروسي، لمنحه حق قدره وتقديره، وانحنى أمامه احتراماً وتبجيلاً.
البعض لا يُدرك ولا يعرف روسيا وجواهرها حق المعرفة، وفي طيَّات التواجه الآني بين عواصم الغرب وموسكو يتناسى البعض، وربما نسي، مَن هي روسيا الاتحادية، ومَن هو شعبها، ذاك الشعب العريق الذي نبت في أرضه كمثل شجرة باسقة ومثمرة تمنح الحياة والسعادة والحبور لغيرها. مَن ينجرفون وراء الحملة المناهضة لروسيا هم واهمون بما يحملونه من أفكار تنضحُ بالمغالطات، فروسيا لم تخدع أحداً ولم تسيطر على بلد ما، ولم تعتدِ على حضارة أخرى، كما هو الاستعمار الغربي الذي يئن منه وطننا العربي وغيره من أوطان الإنسان منذ عشرات السنين.
في خضم كل ما يُهدَّد روسيا من خارجها، أولاً من طرف وسائل الإعلام الغربية وعسكرتاريتها التي جيَّشَت الإعلام والإعلاميين في الغرب، نرى تزامناً في تواصل شيطنتها للدولة الروسية وللروس، في إطار هدفها العميق والقديم الذي يتواصل في ارتكازه على فكرة “تدمير روسيا”، كي يتابع الإقتصاد الغربي والغرب عموماً تقدمه على حساب جثث الأخرين، ومنهم الروس وبلدهم العريق، وقيادته الذكيَّة، وشعبه الواعي، وأرضه المِعطاءة، لم تكن غايتهم سوى استعباد الشعوب وسرقة ثرواتها الطبيعية الضخمة التي تنعم بها، ناهيك علن قدرات شعبها العظيمة، وعقول الروسيين النيّرة، والأيدي والعقول العاملة المكافِحة والمُنتجة والمِعطائة لوطنها.
وأمَّا بالنسبة إليَّ، فما يجري بين الغرب وروسيا يزيدني محبة واعجاباً بروسيا ورئيسها بوتين، الذي احترمه وتحترمه دول العالم وقادته، فهو الذي رفع من شأنها ومقامها، وأعاد عزها وايقونتها العريقة القديمة والآخاذة ومجدها، فمنذ استلامه منصب الرئاسة والغرب يدبر المكائد وينشر الفتن والدسائس من حوله من خلال أزلام الغرب المتأبطين شراً بكل من هو خَيِر وخيِّر. واستطيع القول، بأن الاتحاد السوفييتي كان حقل ورود ورياحين وبستان مُزهر، ورائحته عبق من الجِنان، وروسيا و أوكرانيا سوياً هما من أوراق هذه الجنان، إذ أنهما الشعب الواحد منذ الخليقة الأولى، إخوة وأحباء، متمنياً لهما السلام، والسلامة، والخير والأخيار في العلاقات والمكاسب والمنافع.
*كاتب أُردني.