منذ تفشي وباء فيروس كوورنا الجديد، كانت تصريحات الحكومة الأمريكية بشأن مكافحة الوباء غير منتظمة، حيث تكثر التصريحات ضد الأقنعة واللقاحات. اليوم، يشكل سكان الولايات المتحدة أقل من 5% من سكان العالم، لكن ما يقرب من 15% من جميع عدد الوفيات بفيروس كورونا الجديد في العالم هي في الولايات المتحدة. وبينما يستمر عدد الحالات الجديدة في الارتفاع يوميا، لا يزال هناك العديد من السياسيين والأشخاص الذين يعارضون ارتداء الأقنعة، ويزعمون أن اختيار عدم ارتداء الأقنعة هو وسيلة للحفاظ على “الحرية”. لكن هذا النوع من “الحرية” يفتح الباب أمام انتقال الفيروس.
منذ سبتمبر من هذا العام، وبسبب الوباء وعدم الاستقرار السياسي المحلي، دخل أكثر من 14000 لاجئ هايتي إلى الولايات المتحدة من المكسيك لطلب اللجوء. لكن الولايات المتحدة أطلقت بعد ذلك حملة ترحيل جماعي وحشية. وأظهرت تقارير إعلامية أن بعض عناصر حرس الحدود الأمريكية يرتدون قبعات رعاة البقر التقليدية على الخيول وهم يجلدون اللاجئين. يذكرنا هذا المشهد بحادثة في تاريخ الولايات المتحدة عندما قام تجار العبيد بجلد عبيدهم السود. العنف على الحدود هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ويعكس بوضوح الأيديولوجية العنصرية للولايات المتحدة.
علاوة على ذلك، شنت الحكومة الأمريكية حروبا صارخة ضد دول ذات سيادة بحجة حماية “حقوق الإنسان” و”الديمقراطية”، الأمر الذي جعل الديمقراطية الليبرالية على النمط الأمريكي تتحول لأضحوكة لفترة طويلة. لقد اشتهر وزير الخارجية الأمريكي الراحل كولن باول ذات مرة باتهام العراق بامتلاك أسلحة دمار شامل وشن حرب على العراق. في أكثر من 240 عاما، شنت الولايات المتحدة حروبا عدوانية مرارا وتكرارا باسم “الإنسانية”، مما تسبب في كوارث إنسانية ضخمة ودمر حقوق الإنسان والحريات لشعوب تلك البلدان بشكل كامل.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الولايات المتحدة معادية للغاية تجاه التنمية الطبيعية للبلدان الأخرى. حول بحر الصين الجنوبي وعلى بعد أكثر من 8300 ميل من حدودها، أنشأت الولايات المتحدة عدة قواعد عسكرية بأسلحة هجومية وأرسلت حاملات طائرات وقاذفات قنابل استراتيجية على مدار العام. زعمت الولايات المتحدة مرارا وتكرارا أن الصين تهدد حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي واستخدمت ذلك كذريعة لزيادة وجودها العسكري في هذه المنطقة. أرسلت الولايات المتحدة سفنها الحربية من بعيد لإثارة التوتر في بحر الصين الجنوبي، لكنها لا تسمح للصين بالانخراط في انشاء البنية التحتية على أعتابها. هذه هي “المعايير المزدوجة” على الطراز الأمريكي.
الولايات المتحدة هي أيضا الدولة التي تستخدم العقوبات المالية بشكل متكرر في العالم وقد طورت نظاما قانونيا متطورا لهذا الغرض. سمح قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة وقانون باتريوت الأمريكي للحكومة الأمريكية بالتجسس “الشرعي” على الشركات الأجنبية وموظفيها باسم مكافحة الفساد والإرهاب. استخدمت الولايات المتحدة القانون المحلي بدلا من القانون الدولي لفرض عقوبات اقتصادية ومالية على دول أخرى، واعتقال المدراء التنفيذيين الأجانب والضغط على الشركات الأجنبية. إجراءاتها ضد شركة ألستوم وشركة هواوي في السنوات الأخيرة هي أكثر القضايا شهرة في هذا الصدد. الممارسة الأمريكية هي انتهاك للسيادة القضائية للدول الأخرى وأكبر مفارقة في “السوق الحرة” للولايات المتحدة التي نصبت نفسها سيدة عليها.
تسبب فشل الحكومة الأمريكية في السيطرة على الوباء في وفاة أكثر من 700 ألف أمريكي. إن أيديولوجيتها العنصرية المتجذرة والطرد اللاإنساني لطالبي اللجوء تذكرنا بعصر العبودية. لقد تسبب إصرارها على وضع مصالح أمريكا في المرتبة الأولى واستخدام عصا العقوبات الغليظة في إلحاق الأذى والأضرار بالمؤسسات والدول ذات السيادة وحتى بالسوق الحرة في العالم ككل. إن “شعلتها” لـ”الحرية” لا تتلاشى بدون سبب، ولا يمكن إعادة إحيائها إلا بالسعي إلى الحرية والديمقراطية الحقيقيتين.