ففي ثاني تجربة بعد تشريعيات 12 يونيو الفارط، سيكون على الناخبين انتقاء ممثليهم بالمجالس الشعبية البلدية والولائية عن طريق نمط جديد من الاقتراع يستند على القائمة المفتوحة، بتصويت تفضيلي دون مزج وهذا لعهدة مدتها 5 سنوات.
ويخوض هذا المعترك الانتخابي مترشحون فضلوا التقدم لهذه الاستحقاقات تحت غطاء حزبي وآخرون اختاروا المشاركة، بدل ذلك، ضمن قوائم مستقلة، فيما ارتأت بعض التشكيلات السياسية عقد تحالفات.
فستشهد هذه الانتخابات مشاركة قائمتين تضم الأولى حركة البناء الوطني و حزب الكرامة ببلدية العالية (ولاية تقرت)، فيما تجمع الثانية حركة البناء الوطني وحركة الوفاق الوطني وحركة مجتمع السلم ببلدية القبة (ولاية الجزائر).
وعموما، أحصت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات 115.230 مترشحا للمجالس البلدية و18.993 للمجالس الولائية.
أما من الناحية التنظيمية، فستجري الانتخابات المحلية لـ 27 نوفمبر تحت أعين 1.228.580 مؤطر، و هو ما يضمن تغطية بلغت 96ر99 بالمائة لـ 61 ألف مكتب تصويت و هي الأرقام المحصلة إلى غاية الثلاثاء المنصرم.
كما ستنظم هذه الاستحقاقات تحت رقابة 182.981 ملاحظا تابعا للأحزاب السياسية المشاركة والبالغ تعدادها نحو 40 تشكيلة، مثلما يتيحه لها القانون.
وفي تجربة هي الأولى، تم على مستوى 16 تنسيقية “نموذجية” سحب محاضر فرز “مؤمنة ضد التزوير”، مباشرة من التطبيق المعلوماتي المخصص لذلك في عملية وصفت بـ”الناجحة” من قبل السلطة، في انتظار تعميمها خلال الاستحقاقات المستقبلية.
وكانت هذه المحليات قد سبقت بحملة انتخابية امتدت لثلاثة أسابيع، عرفت، إجمالا، تنظيم 9878 تجمعا شعبيا، فيما تم إلغاء 9000 تجمع لأسباب شتى.
وحسب تقييم السلطة، جرت الحملة الانتخابية التي كانت قد اختتمت الثلاثاء الفارط، في “ظروف حسنة”، رغم تسجيل بعض الخروقات التي بلغ عددها “538 تجاوزا”، مع توجيه “269 إنذار” و” 142 تبليغ للنائب العام”.
انتخاب مجالس محلية تمثيلية…آخر لبنات استكمال البناء المؤسساتي للدولة
تحل انتخابات 27 نوفمبر كحلقة أخرى في سلسلة الإصلاحات المؤسساتية الشاملة النابعة من التزامات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أمام الشعب، و التي استهلت بمراجعة الدستور، مرورا بانتخاب مجلس شعبي جديد و تنصيب مختلف الهيئات ذات الثقل، على غرار المرصد الوطني للمجتمع المدني والمجلس الأعلى للشباب وقريبا المحكمة الدستورية وهي كلها محطات الغاية منها “إيصال الجزائر إلى بر الأمان والاستجابة للتغييرات المأمولة من طرف المواطنين”.
وكان الرئيس تبون قد اعتبر هذه المحليات “استكمالا لصرح بناء مؤسسات الدولة على أسس صحيحة، بعيدا عن الشبهات والشوائب”، ضمن “مسار حيوي من الإصلاحات” كان قد شرع فيه “لمواءمة البناء المؤسساتي الجديد مع الدستور”.
وقال بهذا الخصوص أن الجزائر”ستكون في 27 نوفمبر على موعد مع الانتخابات المحلية الولائية والبلدية، وذلك تأكيدا لإرادتنا القوية الثابتة على حماية حرية الاختيار السيد للمواطنات والمواطنين ومحاربة كل أشكال سطوة المال وتسلل النفوذ للتأثير في نزاهة ومصداقية العملية الانتخابية”.
وفي تصريح آخر، كان رئيس الدولة قد اعتبر هذه الانتخابات “محطة هامة في نسق التقويم الموجود، ستنبثق عنها مجالس تمثيلية تأخذ على عاتقها انشغالات وتطلعات المواطنين”.
وبدورها، ستدور الانتخابات المحلية المقبلة في فلك التغيير، مثلما كان عليه الحال بالنسبة لتشريعيات 12 يونيو الفارط، باختيار شعار يتضمن عبارات “تريد التغيير” و “البناء المؤسساتي”، متبوعة بـ “اتمم وابصم” باللغتين العربية والأمازيغية.
وكانت العديد من الأحزاب السياسية قد أعلنت مشاركتها في هذا الموعد الانتخابي، كجبهة القوى الاشتراكية، أقدم أحزاب المعارضة في الجزائر، في خيار صنفته في خانة “سد الطريق أمام المخاطر التي تحدق بالدولة الوطنية”.