*العربية CGTN/
مع الإنجازات المتزايدة التي تحققها مجهودات #الصين في معركتها ضد الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس #كورونا الجديد (كوفيد-19)، تسعى الحكومة الصينية في الوقت الراهن إلى إعادة تعديل أعمالها من أجل تحقيق التوازن بين مساعي مكافحة الوباء وبين التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل مناسب، مما يساعد على تقليل آثار الوباء وتحقيق الأهداف الوطنية في جميع مناحي الحياة لعام 2020. ونتيجة لذلك، بدأت الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية في الانتعاش في معظم أنحاء البلاد باستثناء مقاطعة هوبي في وسط الصين وحاضرتها ووهان، بؤرة تفشي الفيروس.
في حين استمرار ديناميات الصين في المعركة المستمرة ضد الوباء في جذب انتباه العالم، إن المجتمع الدولي كان أكثر قلقا بشأن الآثار الاقتصادية للوباء على الصين والعالم بأسره. على سبيل المثال، ما هي المخاطر والفرص المحتملة التي سيجلبها الوباء إلى الاقتصاد الصيني والعالمي على المدى القصير؟ وما مدى فعالية السياسات والتدابير التي اتخذتها الحكومة الصينية لتقليل آثارها الاقتصادية؟
–آثار الوباء على الاقتصاد
يوجه الوباء ضربة شديدة على قطاعي السياحة والاستهلاك في الصين. يعد فيروس كورونا الجديد أكثر عدوى وانتشارا وأقل فتكا مقارنة مع سارس عام 2003، مما جعل الصين تفرض قيودا شديدة ضمنها إغلاق مدينة ووهان في يوم 23 يناير الماضي وتفعيل أعلى مستويات التأهب لحالات الطوارئ للصحة العامة في جميع أنحاء البلاد. ونتيجة لذلك، توقفت أكبر حركة تنقل موسمية في العالم بشكل مفاجئ حيث يصادف هذا التوقيت السنة القمرية الصينية، فوفقا لإدارة الطيران المدني الصينية، انخفضت حركة المسافرين جوا بين 27 يناير و12 فبراير بنسبة 70% مقارنة مع رحلة السفر في عيد الربيع في العام الماضي.
وامتدت آثار الوباء إلى سلاسل التوريد على جانب العرض منذ أوائل فبراير. كان من المقرر استئناف أعمال التجارة والمصانع بعد العطلة التي تم تمديدها إلى 10 فبراير بسبب تفشي الفيروس، لكن قد تأخرت عملية استئناف العمل والإنتاج في بعض أماكن العمل بسبب عدم رغبة العمال والموظفين في العودة إلى مناطق الحجر الصحي. وباستثناء الحالات القليلة للشركات التي استطاعت استئناف أعمالها، قد تؤدي مشاكل مثل نقص المواد الخام والصعوبات اللوجستية والأزمات النقدية إلى إجهاد عمليات الإنتاج العادية.
وفي الوقت الحاضر، يقلق الاقتصاديون بشكل رئيسي على تحديين، الأول هو كيفية إعادة الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى العمل بصورة طبيعية، التي تساهم بأكثر من 80% من فرص العمل و70% من الابتكارات المحلية و60% من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من نصف الدخل الضريبي في البلاد. مقارنة بالشركات متعددة الجنسيات التي تتمتع بسياسات تفضيلية مثل شركة تيسلا وهي في وضع أفضل لاستئناف إنتاجها، إن الشركات الصغيرة والمتوسطة لم تتمتع بمرونة مالية لتحمل الاضطرابات الطويلة الأمد.
والتحدي الثاني، توقف عملية الإنتاج والعمل إلى أجل غير مسمى في مقاطعة هوبي المناطق الموبوءة الرئيسية حيث قد يكون لتعطل سلسلة الإمداد آثار بعيدة المدى. تحتل مدينة ووهان حاضرة المقاطعة، المرتبة السابعة من حيث الناتج المحلي الإجمالي بين المدن الصينية الكبرى. بفضل وادي البصريات وهو مجمع صناعي عالي التقنية واقع في المدينة ينتج معدات الألياف البصرية ذات المستوى العالمي، تحتل ووهان المرتبة الـ13 من قبل بلومبرغ من بين أكثر من 2000 مدينة صينية من حيث أهميتها بالنسبة لسلاسل التوريد.
–السياسات الداعمة للأعمال
منذ أوائل فبراير الجاري، بدأت الجهود الصينية في إنعاش الاقتصاد، واتخذت الحوكمة الصينية أربع سياسات مستهدفة ودقيقة لمساعدة الشركات على تجاوز الأوقات العصيبة. الأول هو زيادة السيولة والموارد المالية من خلال السياسات النقدية والمالية. يقوم البنك المركزي الصيني بتحسين سيولة السوق من خلال عدة جولات من عمليات السوق المفتوحة لتخفيض أسعار الفائدة وتحقيق الاستقرار في سوق رأس المال ابتداء من فبراير لدعم محاربة الفيروس على مستوى البلاد. وفي 11 فبراير، أعلنت وزارة المالية أنه تم تخصيص 1.848 تريليون يوان (264.9 مليار دولار) من حصة سندات الحكومة المحلية الجديدة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وسط تفشي الفيروس.
تتمثل السياسة الثانية في تحرير معتدل لزيادة إمكانية الوصول إلى الموارد المالية. في 1 فبراير، أعلن البنك المركزي أنه سيصدر قروضا بقيمة 300 مليار يوان (43 مليار دولار) بسعر تفضيلي للبنوك السياسية والتجارية من خلال برنامج إعادة الإقراض كجزء من التدابير لتمويل عملية السيطرة على تفشي الفيروس. كما من المتوقع أن ترفع الصين أيضا تسامحها مع القروض المتعثرة للشركات الصغيرة ومتناهية الصغر وتضع آلية طويلة الأجل لتشجيع المزيد من القروض للشركات الصغيرة ومتناهية الصغر.
وفقا لتعبير تشو ليانغ، نائب رئيس المجلس الصيني لمراقبة وتنظيم البنوك والتأمين، تمتلك الصين موارد كافية لمواجهة الزيادة المحتملة في القروض المتعثرة. كما يدعو البنك المركزي المؤسسات المالية إلى تقديم تنازلات في أسعار الفائدة للشركات التي تعتمد على الأعمال التجارية الحقيقية والحد من فوائد القروض في مساعيها لتخفيض تكاليف التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة. علاوة على ذلك، من المتوقع أن توفر الحكومة وهيئات إنفاذ القانون والجمعيات التجارية إصلاحا لائتمانات المؤسسات المتأثرة بالوباء التي أخفقت في الوفاء بالتزاماتها التعاقدية.
السياسة الثالثة هي تخفيض الضرائب والرسوم لتخفيف الأعباء على المؤسسات. أعلنت مدينة سوتشو بمقاطعة جيانغسو شرقي الصين في 2 فبراير عن عشرة تدابير لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على التغلب على الوباء، تليها مدن أخرى في جميع أنحاء البلاد التي اعتمدت تدابير خاصة بها لتخفيف التأثير السلبي الناتج عن الفيروس. وعلى سبيل المثال، اتخذت شانغهاي ما يصل إلى 28 إجراء لمساعدة الشركات المحلية، مثل إعفاء مستأجري الشركات من إيجار شهرين.
أما السياسة الرابعة فتتجسد في التدابير التفاضلية لتحقيق أقصى قدر لفعالية السياسة. تستهدف العديد من التدابير المذكورة أعلاه إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وتقديم دعم خاص للمناطق الموبوءة الأشد تضررا. ويتم إعطاء الأولوية للمؤسسات المهمة في سلاسل التوريد في السياسات الحكومية.
–إجراءات مستقبلية
إضافة إلى إعفاء الضرائب والرسوم، من المستحسن اتخاذ ثلاثة تدابير تنظيمية في المستقبل. أولا، استخدام احتياطيات النقد الأجنبي كأداة شبه مالية لشراء مستلزمات في حالة الطوارئ لتقليل الإنفاق الحكومي، الأمر الذي يزيد من المرونة المالية للصين في الوقت الذي تحارب فيه تفشي الفيروس. كما قد يساهم شراء إمدادات الطوارئ باحتياطيات النقد الأجنبي في تقليل نفقات التأمين الطبي الحكومي من خلال إدراج بعض العناصر في نظام حصص الأسعار، وتعزيز الاقتصاديات الخارجية والنمو المطرد من خلال تحقيق تجارة أكثر توازنا.
ثانيا، تسهيل الوصول إلى أسواق رأس المال للتخفيف من آثار الوباء. من المنظور المتوسط وطويل الأجل، يعتبر دخول الاستثمار الأجنبي من خلال فتح سوق رأس المال محركا قويا للنمو المطرد في الصين. وحتى الآن، تم تحقيق اندماج الصين في الاقتصاد العالمي من خلال استغلال رأس المال الأجنبي لتطوير صناعاتها الكثيفة العمالة والمشاركة في التقسيم الدولي للعمل. لقد حان الوقت للصين لاستخدام الاستثمار الأجنبي لتعزيز الابتكار في مجال العلوم والتكنولوجيا كوسيلة لتعزيز قدرة الابتكار المحلي وخلق قوة زخم محلية للنمو الاقتصادي.
وأخيرا، بناء إجماع جديد بين رأس المال والعمل من خلال التعبئة الاجتماعية. التنمية الاقتصادية المستدامة تولد إحساسا اجتماعيا للإنقاذ الذاتي. في معركة الصين ضد الوباء، يجب على كل شخص أن يلعب دوره، وتحتاج عملية الإغاثة والمساعدة الاجتماعية إلى لعب دور أكثر أهمية. لقد ساعد تخفيض الإيجار في خفض التكاليف التشغيلية للشركات. وبالنسبة للمصنعين، قد يتم تخفيض تكاليف التشغيل بشكل أكبر عن طريق تشجيع الموظفين عن بعد أو العمل الإضافي غير المدفوع لفترة زمنية متفق عليها في المستقبل. #معا_ضد_كورونا #اقتصاد_الصين