أصبحت سايهانبا التي كانت أرضا قاحلة شاسعة، أكبر غابة من صنع الإنسان في العالم، بفضل العمل الجاد لثلاثة أجيال من مزارعي الأشجار الصينيين.
من أرض قاحلة إلى بحر من الأشجار المخضرة، لخّص التحول الإعجازي لسايهانبا الواقعة في مقاطعة خبي بشمالي الصين جهود البلاد لتحسين البيئة الطبيعية، وكشف عن تطلعاتها لبناء حضارة إيكولوجية.
يمثل اسم الغابات “سايهانبا” مزيجا من لغة الماندرين الصينية واللغة المنغولية وتعني “المرتفعات الجميلة”. وكانت سايهانبا أرض صيد ملكية لأسرة تشينغ (1644-1911م). وحتى أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، كانت قد تدهور حالها، حتى تحولت إلى قطعة أرض قاحلة.
بدأت جهود استعادة البيئة الطبيعية للمنطقة في عام 1962 عندما قررت وزارة الغابات آنذاك بناء غابات اصطناعية لمنع توسع أرض هونشانداكه الرملية التي ظلت تهدد العاصمة الصينية بكين ومدن شمالية أخرى.
وفي سايهانبا حيث يمكن أن تنخفض درجة الحرارة لتصل إلى 43 درجة مئوية تحت الصفر ويستمر متوسط الموسم الخالي من الصقيع 64 يوما فقط، لم تكن زراعة الأشجار وضمان بقائها سهلا أبدا.
وقالت فو لي هوا، باحثة في مجال الغابات الاصطناعية “علينا التغلب على الصعوبات مثل العواصف الرملية القوية والارتفاعات العالية ودرجات الحرارة المنخفضة عند زراعة الأشجار هنا. ويجب تغيير أساليب التخضير التقليدية قبل تطبيقها. وعلينا إضافة بعض المحتويات الجديدة إليها. وهو ما نواصل دراساتنا بشأنه”.
قبل ستة عقود، ولتحسين البيئة الطبيعية في سايهانبا، تم إنشاء فريق من حراس الغابات يتكون من أكثر من 360 فردا من 18 مقاطعة في البلاد، معظمهم في العشرينات من العمر. وكانوا الجيل الأول من حراس الغابات.
وقال دينغ يوي هوي، عامل في الغابات الاصطناعية “نشأت في حقول الشتلات في سايهانبا. وما زلت أتذكر كيف آذت والدتي أصابعها عندما كانت تزيل الأعشاب الضارة في مشاتل الأشجار. وكانت جميع أصابعها العشرة ملفوفة في الشاش”.
وقالت تشن يان شيان، من الجيل الأول من حراس الغابات “عندما رأينا الأشجار حية، شعرنا أن الصعوبات من حولنا لا تعني شيئا. ونشعر بالامتنان لإكمال المهام التي كلفتنا بها البلاد. وأنشأنا الغابات بعرقنا ودموعنا، وأصررنا على إكمال هذه المهام. ونعتبر كل الأشجار كأطفالنا، حيث نمت من شتلات إلى أشجار عالية”.
تعتبر زراعة الأشجار في سايهانبا مهمة صعبة للغاية، ولكن حمايتها من الحرائق أكثر صعوبة. وظل زوجان عاديان يدعيان ليو جيون وتشي شو يان في منصبيهما لمدة 13 عاما لتجنب أي حوادث حريق وإصدار إنذار مبكر بشأن الحرائق. وعلى الرغم من التقنيات المتقدمة ونظام مراقبة الحرائق الذي تم تنصيبه في الغابات، إلا إن دور ليو وزوجته لا يمكن الاستغناء عنه.
كما أن هناك سبعة أزواج آخرين في نفس المنصب مثل ليو وتشي.
وقال ليو “رغم أن عملنا رتيب إلى حد ما، إلا أننا نسعى لرعاية الغابات من خلال مثابرتنا وجهودنا”.
بفضل الجهود المستمرة التي بذلتها ثلاثة أجيال من حراس الغابات على مدى العقود الماضية، تم عكس الاتجاه المتدهور للبيئة الطبيعية المحلية. ومع مساحة غابات إجمالية تبلغ 76.7 ألف هكتار، أصبحت سايهانبا الآن حديقة غابات وطنية ومحمية طبيعية بالإضافة إلى “حاجز بيئي” مهم لبكين والمناطق المجاورة.
ويمكن للغابات في سايهانبا امتصاص 860 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون وإطلاق 598 ألف طن من الأكسجين كل عام، وتقدر الخدمات البيئية التي تقدمها كل عام بنحو 14.2 مليار يوان (2.2 مليار دولار أمريكي). ومنحت الغابات الاصطناعية في سايهانبا جائزة “الأرض من أجل الحياة” لعام 2021، التي تم تصميمها من قبل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ إن الإنجازات في سايهانبا تعد مثالا حيا لدفع بناء الحضارة الإيكولوجية.
سي جي تي إن العربية.