عندما كنا صغارا وفي مقتبل العمر كانت تستهوينا “مجلة الصين المصورة” باللغة العربية، تلك المجلة الشيقة بمواضيعها وصورها الزاهية وورقها الزيتي البراق، كنا نراسل المجلة عبر بريدهم لحبنا واعجابنا بالصين وللحصول على المجلة و نسج وتعميق الصداقة معها. في تلك السنين البعيدة ، لم نرى جمهورية الصين الشعبية بأم أعين كل منا، ولم نتمكن من الطيران صوبها، إلا أننا تواصلنا معها عن طريق المجلة وإذاعة الصين الدولية الناطقة باللغة العربية ، عبر التقاط موجاتها الراديوية من خلال المذياع .
وبالنظر لظروف العراق الصعبة والحروب ولانتظامنا في الحزب الشيوعي، والمشاكل الكثيرة التي واجهتنا كشعب لم نتمكن من تحقيق حلمنا بزيارة الصين والاطلاع عن كثب على ما كنا نسمع به عن تلك البلاد ، إلا أن الفرصة دنت وأصبح الأمل واقعا بزيارتها بعد تغير الظروف، حتى أصبح كل رفيق قادرا على السفر إلى الوجهة التي يرغبها ، في تلك المرحلة النوعية من تاريخنا الشخصي المجتمعي والحزبي السياسي، تعرفت وعن طريق أحد الأصدقاء على شخص غاية في الثقافة والمعرفة، مناضلا ثوريا وكاتبا مبدعا، إنه الرفيق مروان سوداح من المملكة الاردنية الهاشمية الشقيقة و الجارة ، ولكوني أعمل في الصحافة وانتمي لحزب شيوعي، طلب مني الكتابة عن الصين. لقد أسعدني ذلك كثيرا، فبعد عدة مقالات كتبتها طلب مني الانضمام إلى الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين بعد أن اجتزت الاختبار بنجاح في كتابة المقالات والانضباط الاتحادي، وتوضح له مدى حبي للصين، طلب مني رسميا تشكيل فرع عراقي يتبع الاتحاد. وهكذا تم تشكيل الفرع العراقي (للاتحاد الدولي)، بعد انضمام رفيقين للتنظيم الجديد وصرنا ثلاثة كنواة اتحادية عراقية.
الحلم أصبح حقيقة عندما وجهت دائرة العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني دعوة رسمية للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب اصدقاء وحلفاء الصين، كان الفرع العراقي في مقدمة المدعوين من جانب الرفيق مروان سوداح، ضمن الوفد الزائر إلى الصين، وصلنا بكين بفرحة غامرة، استقبال مشرف حظي به الوفد الاتحادي الزائر إلى الصين، تناولت زيارتنا لقاءات مع عدد من المسؤولين في الحزب والدولة بالإضافة إلى زيارة أماكن عديدة ومؤسسات ومناطق ترفيهية، تضمنت زيارتنا بكين واقليم قويتشو ذاتي الحكم ومدينة شنغهاي وغيرها .
الدعوة الثانية التي تشرفنا فيها بزيارة الصين كانت من صحيفة الشعب الصينية لحضور المنتدى الإعلامي الخامس لمبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرفيق شي جين بينغ في مدينة بوآو في جزيرة هاينان بوابة الحزام والطريق البحرية، حيث شهدنا التطور الكبير الذي نالته من قيادة الحزب الشيوعي الصيني وقيادته.
على أرض الصين الحبيبة والغالية تاريخيا على قلوبنا، انبهرنا بما شاهدناه من تقدم وعمران واهتمام كبير بالشعب الصيني من لدن قيادة الحزب والدولة، فهذه الجهات المتناغمة نضالا وعملا لم تتوقف لا ساعة ولا دقيقة عن السعي الدؤوب وباستنادها لنهج علمي، للقضاء على الفقر والفقر المدقع الذي تعاني منه شريحة من الشعب، ولأجل تحسين مستوى معيشته في أسرع وقت.
ولهذا، وضعت الجهات الصينية المختصة برامج عميقة وبعيدة المدى لحل هذه المشكلة، سعيا للقضاء على آفة الفقر والفقر المدقع ، وها قد تم ذلك قبل فترة وجيزة، فأعلن عن هذا السؤدد رسميا وأحتفل به، وتناولته أيضا في بحثها وعرضها وأعمالها وتوصياتها ورؤاها مؤخرا، الدورة الرابعة للمجلس الوطني الثالث عشر لنواب الشعب الصيني في بكين، وإلى جانبها وسائل الإعلام الصينية، فأبهرت المعمورة بشعوبها وأممها بهذا النجاح التاريخي السريع ومعانيه العميقة التي تجسد الانسانية ومحبة الصين للإنسان ومصالحه ضمن الجماعة المؤتلفة والمتسقة عملا وفكرا وتنظيما.
بعد عودتنا إلى العراق من زيارة الصين، أقمنا عدة امسيات ثقافية وتعريفية عن الصين وتطورها وضرورة توجه العراق لتعزيز علاقته معها، لقناعتنا الراسخة بأن الصين خير صديق للعراق في المراحل الحالية واللاحقة، ولحاجة العراق إلى البناء والعمران واعادته إلى مكانته السابقة وأفضل منها، بعد أن دمرت الحروب كل شيء جميل، والصين صاحبة تجربة رائدة في هذا المجال، ( قاعة هندال ) في مقر محلية الحزب الشيوعي العراقي في محافظة البصرة جنوب العراق و(ملتقى جيكور الثقافي ) و(شارع الفراهيدي ) والمقاهي العامة كانت محطات حوارية لنا حول الصين والعراق في كل فضاءات التعاون الثنائي والتحالف.
أصبح هناك رغبة شعبية واسعة لتوجه العراق نحو الصين وما شهدته البصرة من وقفات شعبية تدعو لتولي الشركات الصينية بناء ميناء الفاو الكبير، لخير دليل على أن للصين مكانة كبيرة في قلوب العراقيين وفي الشارع العراقي العريض وفاعليته المختلفة المنابت والتوجهات. وأيضا، دور الصحافة البصرية في كل ذلك كبيرا، فقد استطعنا كفرع عراقي ( للحزب الشيوعي ) وكتنظيم عراقي في (الاتحاد الدولي ) أن نضم لاتحادنا الدولي وكالات اخبارية عراقية وازنة تساهم في نقل أخبار الصين للقراء العراقيين والعرب، ولاطلاع أعضاء وكتابات أعضاء ( الاتحاد ) على يوميات القاريء البصري والعراقي، هذه الوكالات هي ( وكالة السندباد الإخبارية ) و( وكالة المدان الإخبارية ) في محافظة البصرة و(وكالة آشور الإخبارية ) في بغداد، وبذلك، أصبح فرعنا العراقي يضم عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين الداعمين لعلاقة العراق مع الصين وقيادتها العظيمة .
الإنجازات الكبيرة التي شاهدناها ولمسناها خلال زياراتنا للصين واعجاب العراقيين وشعوب العالم بالصين جاءت نتيجة لنضال طويل خاضه الحزب الشيوعي الصيني الشقيق لحزبنا الشيوعي العراقي . فمنذ تأسيسه في يوليو عام 1921، باشر الحزب أعماله الدؤوبة لأجل تطور الصين وتقدمها ورفاهية الشعب الصيني، وبعد انتصار الصين وتأسيس جمهورية الصين الشعبية في الأول من اكتوبر عام 1949 بإعلان الرفيق ماو تسي تونغ عن ذلك رسميا، أصبح متاحا للحزب تنفيذ أهدافه الكبيرة بنهضة الصين وازدهارها وتوفير الحياة الحرة الكريمة للشعب الصيني، وبعد انتصاره على القوات الموالية لحزب كومينتانغ وهروب فلوله إلى جزيرة تايوان، لم يدخر الحزب الشيوعي الصيني جهدا وعملا متفانيا ومنقطع النظير للارتقاء بالصين دولة وشعبا، حيث كان الدور الكبير والمشرف للحزب القائد الرائد، ومن خلال خطواته المدروسة، أرتقت الصين سلم التطور والتقدم، وبدأت الرحلة من الرفيق ماو تسي تونغ مرورا بالرفيق المصلح دنغ شياو بنغ راعي سياسة الإصلاح والانفتاح وصولا إلى الرفيق شي جين بينغ مهندس ” الاشتراكية ذات الخصائص الصينية ” و “مجتمع المصير المشترك للبشرية ” والنجاحات الصينية المعاصرة الباهرة والمتلاحقة والأكثر تقدما على مدار التاريخ البشري، وفي عهد الرفيق ” شي ” اكتفت الصين بسنوات قليلة أنجزت خلالها التقدم الفصل، لتتربع على عرش الاقتصاد العالمي، وتغدو لاعبا سياسيا أولا على الحلبة الدولية.
وفي الوقت الي تعاني معظم شعوب العالم من الفقر استطاعت الصين بزعامة الرفيق شي جين بينغ ودعم الحزب الشيوعي الصيني وكوادره المخلصة المناضلة من القضاء على الفقر والفقر المدقع وبناء مجتمع الحياة الرغيدة ، أذ ابتدأت خطة مكافحة الفقر في عام 2012 وتمكنت قيادة الحزب في نهاية 2020 من القضاء نهائيا على الفقر وحسنت معيشة الشعب في خطوة جبارة ولم تتمكن أية دولة في العالم من تحقيقها لشعوبها على مدار كل تاريخ الامم .
علمتنا الصين أن القيادة الناجحة والمحبة لشعبها وللعالم لن تقف معضلة في طريقها مهما عظمت، وما جائحة كورونا إلا مثلا واضحا حيث تمكنت الصين بقيادة الحزب الشيوعي الصيني من الحد من الوباء وانتشاره والقضاء عليه بنسبة طاغية وشبه كاملة بينما مازالت العديد من دول العالم تأن تحت ضربات الفايروس الموجعة وتقف في حيرة اتجاه آثاره.
الصين لم تتوقف عند هذا الحد عند، ولا عند النجاح الحالي بل تعمل الصين ومن منطلق انساني بحت، واستنادا لقيادة الحزب الحكيمة بتوجيهات الرفيق شي جين بينغ وفكرة المصير المشترك للبشرية، في سبيل مواصلة تقديمها المساعدات الطبية والعلاجية للعديد من دول العالم ومنها العراق، فوهبت الصين للعراق 50000 ألف جرعة مجانية للمساعدة في الحد من الوباء وانتشاره.
إنه دور كبير تنهض به الصين مستندة إلى حزبها وقيادتها في تعزيز الجوهر الانساني للحياة … كل هذا جعل الصين تتربع في قلوب الملايين من البشر وفي مختلف بقاع العالم.
*بهاء مانع شياع، رئيس ( المجموعة الرئاسية الأولى للفرع العراقي للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين ) وعضو في الحزب الشيوعي العراقي / فرع البصرة
*ملاحظة المحرر: يعكس هذا المقال وجهة نظر الكاتب، ولا يعكس رأي القناة CGTN العربية.