كان “التصنيف العالمي لمكافحة الوباء” الذي نشرته وسائل الإعلام الأمريكية قد وضع الولايات المتحدة ذات مرة في “المركز الأول عالميا في مكافحة الوباء”. ومن المفارقات أن عدد الحالات المؤكدة الجديدة في يوم واحد في الولايات المتحدة قد سجل رقما قياسيا منذ وقت ليس بالبعيد، مما جعل هذا “التصنيف” مثيرا للجدال. في الـ 9 من الشهر الجاري، نشرت ثلاثة مراكز فكرية تقريرا بحثيا يكشف حقائق بشأن استجابة الولايات المتحدة لجائحة “كوفيد-19”.
تمتلك الولايات المتحدة موارد صحية عامة من الدرجة الأولى وفرق وأنظمة طبية على أعلى مستوى، لكن استجابتها لـ “كوفيد-19″ يمكن أن توصف بـ”الكارثة”. حتى الآن، تم الإبلاغ عن أكثر من 35.53 مليون حالة إصابة، وتجاوزت حالات الوفاة 610 ألف حالة، لتحتل بذلك المرتبة الأولى في العالم. لذا، يبدو من الأنسب تسميتها “الدولة الأكثر فشلا في مكافحة الوباء”.
يعود فشل الولايات المتحدة في مكافحة الوباء إلى أسباب ذاتية. فقد بات الوباء أداة للصراع السياسي بين أكبر حزبين في الولايات المتحدة؛ تتحكم الأقلية في صنع السياسات، مما يؤدي إلى خضوع المصالح العامة لمصالح رأس المال؛ تجاهل وقمع العلماء، وقمع الآراء المهنية، وتفويت كل “فرصة ذهبية” لمكافحة الوباء… هذه السخافات وراء هذا النهج وتجاهل بعض السياسيين لحقوق الإنسان الأساسية. من وجهة نظرهم، المصالح السياسية أهم بكثير من حياة وصحة الشعب الأمريكي، ليصبح “إنقاذ سوق الأوراق المالية أولوية عن إنقاذ الأرواح” ويعد هذا تصويرا حقيقيا للمجتمع الأمريكي في فترة الوباء.
لم تفشل الولايات المتحدة في محاربة الوباء فحسب، بل قوضت التعاون الدولي لمكافحة الوباء. بعد تفشي الوباء، كانت لا تزال تسمح لأكثر من 20 مليون مواطن أمريكي بالسفر إلى الخارج، وأصبحت في الواقع “أول دولة تنشر الوباء”؛ قيدت تصدير اللقاحات، حتى “انسحبت” من منظمة الصحة العالمية عن عمد؛ عطلت التعاون الدولي لمكافحة الوباء؛ أثارت ضجة حول قضايا تتبع مصدر كورونا؛ تجاهلت الحكم العلمي للعلماء، كما تجاهلت المتطلبات العادلة من قبل العالم الخارجي للتحقيق في مختبر “فورت ديتريك”… أدهشت الولايات المتحدة العالم بـ “معاييرها المزدوجة” مرة تلو مرة.
لم يراجع بعض المسؤولين الأمريكيين أنفسهم، بالعكس أرادوا بدلا من ذلك اغتنام الفرصة لإلقاء اللوم على دول أخرى وقمعها. وفقا للتقرير الصادر عن صحيفة ((نيويورك تايمز))، ضغط كبار مسؤولي البيت الأبيض على وكالات الاستخبارات لربط فيروس كورونا الجديد بمعهد الفيروسات في مدينة ووهان الصينية، بحيث تصبح قضية تتبع مصدر كورونا سلاحا سياسيا لحكومة الولايات المتحدة لإلقاء اللوم على الصين. حتى لا تتمكن من التنصل من المسؤوليات فحسب، بل ضرب الصين أيضا، إذ يحلم بعض السياسيين بـ “قتل عصفورين بحجر واحد “، وكشف ذلك عقلية الحرب الباردة المتجذرة لديهم.
لقد احتلت الولايات المتحدة بالفعل “المركز الأول عالميا” في عدة أمور تتعلق بمكافحة الوباء فكانت:
الدولة الأكثر فشلا في محاربة الجائحة
الدولة الأولى في إرجاع الفشل إلى الآخرين
الدولة الأولى في انتشار الجائحة
الدولة الأولى من حيث التمزقات السياسية
الدولة الأولى في إساءة العملات
الدولة الأكثر اضطرابا في فترة الجائحة
الدولة الأولى في تزييف الحقائق
الدولة الأولى في تبني “إرهاب تتبع منشأ الفيروس”
الولايات المتحدة لا تنظر إلى كل تلك المشكلات، بل وتدعي أنها “الأولى عالميا في مكافحة الوباء”، كم الأمر مضحكا!