في مواجهة وباء فيروس كورونا الجديد الذي يواصل تفشيه في العالم وتدميره له، فإن تحديد مصدر الفيروس سيساعد بلا شك في مكافحته. في الوقت الحالي، تكشف المزيد والمزيد من الأدلة أن الولايات المتحدة التي لديها أكبر عدد من الحالات المؤكدة والوفيات في العالم، هي الدولة المشتبه بها أكثر والتي على منظمة الصحة العالمية أن تخضعها لتحقيق تتبع مصدر كورونا.
كشفت دراسة أجرتها معاهد الصحة الوطنية الأمريكية عن وجود أدلة على إصابات مؤكدة بفيروس كورونا في 5 ولايات في الولايات المتحدة في ديسمبر عام 2019. وقد أصيب عمدة بيلفيل بولاية نيو جيرسي الأمريكية بفيروس كورونا الجديد في نوفمبر عام 2019، قبل أكثر من شهرين من الإبلاغ عن أول حالة مؤكدة في الولايات المتحدة. من يوم الـ 13 من ديسمبر عام 2019 إلى يوم الـ 17 من يناير عام 2021، من بين أرشيفات عينات التبرع بالدم الروتينية في 9 ولايات في الولايات المتحدة، تم العثور عن 106 عينة بأجسام مضادة إيجابية لفيروس كورونا الجديد..
هناك أيضا العديد من “الصدف” المحيرة. وفقًا للتقارير الصادرة عن العديد من وسائل الإعلام الأمريكية في يوليو عام 2019، ظهر مرض تنفسي قاتل غير مفسر في مجتمع متقاعدين في ولاية فرجينيا، وتسبب في إصابة 54 شخصًا. هذا المجتمع على بعد ساعة فقط بالسيارة من مختبر “فورت ديتريك” التابع للجيش الأمريكي. بعد شهر، أمرت المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها فجأة بإغلاق مؤقت لمعهد البحوث الطبية للأمراض المعدية التابع للجيش الأمريكي في فورت ديتريك.
وفقًا للتقرير الصادر عن صحيفة “نيويورك تايمز”، تضمنت الأبحاث المختبرية المعلقة بعض السموم التي حددتها الحكومة على أنها “تهديد خطير للجمهور أو صحة الحيوان والنبات أو المنتجات الحيوانية والنباتية”. في نفس الوقت تقريبًا، ظهر “مرض السجائر الإلكترونية” في العديد من الولايات الأمريكية، وكانت الأعراض مشابهة جدًا لأعراض فيروس كورونا الجديد.
الأكثر غرابة هو أنه في يوم الـ 18 من أكتوبر عام 2019، أجرت الولايات المتحدة تدريبا عالميًا للوقاية من الأوبئة بعنوان “Event 201” لمحاكاة انتشار فيروس كورونا على نطاق عالمي. وفقًا للتقرير الصادر عن صحيفة “نيويورك تايمز”، في الفترة من يناير إلى أغسطس عام 2019، أجرت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية محاكاة أطلقت عليها اسم “العدوى القرمزية”. وبحسب الافتراضات المسبقة للحكومة الأمريكية، فإن هذا الفيروس الذي يصيب الجهاز التنفسي “بدأ في الصين” وانتشر في جميع أنحاء العالم عن طريق المسافرين المصابين بالحمى.
أمراض الجهاز التنفسي القاتلة غير المبررة، والأوامر المفاجئة لإغلاق المختبرات، والتمارين الوبائية التي تشبه إلى حد كبير وباء فيروس كورونا الجديد… هذه “المصادفات” تجعل العالم المصاب بالوباء حريصًا على معرفة الحقيقة.
في إطار عملية تتبع مصدر كورونا، فإنه إذا وجد أي شك، فمن الضروري التحقق والتثبت. تعتبر الصين مثالاً يحتذى به، ففي مارس من هذا العام، شكل خبراء من العديد من البلدان حول العالم فريق تحقيق تابع لمنظمة الصحة العالمية لإجراء البحوث في الصين. ومع ذلك، حولت الولايات المتحدة القضايا العلمية الجادة مثل تتبع مصدر كورونا إلى أداء “إزدواجية المعايير”. في مواجهة طلب المجتمع الدولي للحصول على تفسير بشأن مختبر “فورت ديتريك”، تجاهلت الحكومة الأمريكية ذلك بشكل مباشر. وفي المقابل وجهت إصبعها إلى الصين. ولم تقتصر على التذكير علنا مرارًا وتكرارًا بما تسميه “المرحلة الثانية من التحقيق في مصدر كورونا” ضد الصين، بل استعانت بالعديد من حلفائها كالاتحاد الأوروبي واليابان وأستراليا لإصدار بيانات لإكراه منظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية الأخرى على تغيير مواقفها أيضا. هذا النهج الأمريكي تعسفي للغاية، والغرض منه سيئ للغاية!