بقلم أحمد محمد جابر، القائم بالأعمال بالإنابة بسفارة الجمهورية اليمنية لدى بكين
لا شك أن زيارة مختلف الدول حول العالم تُكسب الإنسان المزيد من الخبرات وتُثري معارفه بحضارات الأمم وإنجازاتها وثقافة شعوبها. وتتفاوت الخبرات التي يكتسبها السائح أو المسافر من بلد إلى آخر، بحسب حجم هذا البلد ومسيرته في تشييد البنيان وبناء الإنسان.
وقد برز هذا التفاوت في بناء الأمم شاخصا أمام عيني بشكل لافت من أول لحظة وطئت فيها قدمي أرض الصين، فبمجرد أن تصل إلى مطار بكين تشعر بأنك دخلت عالم الأحلام .. تطور مذهل صنعته قيادة حكيمة وأبدعه شعب عظيم.
وعندما تطوف بمختلف المقاطعات والمناطق الصينية ستنبهر بمدى التطور والتقدم الذي استطاعت بلاد التنين إحرازه في مختلف المجالات، إذ لن تخطئ عيناك التقدم الكبير في مجال بناء شبكة خطوط مترو الأنفاق ومختلف مرافق البنية التحتية.
وستطالع بنفسك التطور الكبير الذي أنجزته الصين في مجال الحفاظ على المياه وشق القنوات والأنهار وبناء السدود، مثل سد الخوانق الثلاثة في مقاطعة هوبي بوسط الصين.
وفي جنوبي الصين أنشأت البلاد أيقونة معمارية ممثلة في جسر يمتد بطول 55 كيلومترا فوق البحر وتحته ويربط بين البر الرئيسي ومنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة ومنطقة ماكاو الإدارية الخاصة.
أما عن الزراعة، فقد قطعت البلاد شوطا كبيرا في زيادة الإنتاج الزراعي واستصلاح المزيد من الأراضي الزراعية وإقامة المراعي والغابات، واستطاعت أن تحقق اكتفاء ذاتيا من الغذاء، حيث يصل إنتاجها من الحبوب إلى أكثر من 650 مليار كيلوجرام سنويا.
وفي قوانغدونغ سترى كيف استطاعت القيادة الصينية تحويل هذه المقاطعة إلى مركز صناعي وتكنولوجي في جنوبي البلاد. وفي شانغهاي ستتعرف على مدى الثقل المالي والاقتصادي لهذه المدينة الواقعة في شرقي الصين.
وفي منطقة التبت ذاتية الحكم الواقعة جنوب غربي الصين شقت البلاد طريقا معبدا الى الهيمالايا — وربطت الطرق بين منطقة التبت ونيبال والهند وشقت طريقا دوليا عبر جبال وعرة من شمال الصين إلى باكستان.
أما في مدن الشمال فستندهش بعدد الأنفاق والطرق التي تربط بين تلك المدن، وكيف أقامت تلك المدن مصانعها داخل الشعاب والجبال والوديان.
وفي مجال الطاقة النظيفة استطاعت الصين أن تحقق قفزات هائلة على صعيد توليد الكهرباء من الطاقة المائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ووفقا لبيانات من الهيئة الوطنية للطاقة في الصين، فإنه حتى نهاية الربع الأول من هذا العام، بلغت قدرة توليد الطاقة المتجددة المركبة في الصين 948 مليون كيلوواط، من بينها القدرة المركبة للطاقة الكهرومائية التي بلغت 371 مليون كيلوواط، والقدرة المركبة لطاقة الرياح التي بلغت 287 مليون كيلوواط، والقدرة المركبة لتوليد الطاقة الكهروضوئية التي بلغت 259 مليون كيلوواط.
وفي مجال السكك الحديدية فائقة السرعة والتي تصل سرعة قطاراتها إلى نحو 380 كيلومترا في الساعة، فقد وصل إجمالي طول تلك الخطوط في الصين إلى حوالي 37900 كم في نهاية عام 2020، وهو ما يتجاوز ثلثي الإجمالي العالمي، ويمثل زيادة بحوالي 2900 كم عما كان عليه في عام 2019 ويقارب ضعف ما كان عليه فى عام 2015.
أما على صعيد بناء الإنسان، فسيتعرف الزائر عن قرب على الشخصية الصينية المنضبطة، التي استطاعت بالتعاون مع قيادتها في تحقيق هذا النمو الاقتصادي الهائل خلال نحو أربعة عقود وكذلك احتواء وباء كوفيد-19 في أسرع وقت ممكن. وسيدرك في ذات الوقت أبعاد تلك الشخصية المضيافة التي ترحب بجميع الزوار على أرض الصين ولا تتردد في تقديم أي مساعدة لأي زائر أجنبي.
وفي ضوء كل تلك الإنجازات السالفة الذكر، لا يساورني أدنى شك في أن الصين ستتبوأ مكانتها كدولة رائدة عالميا بلا منازع خلال السنوات القادمة، كما لا يسعني إلا أن أدعو الجميع إلى زيارة الصين والاستفادة من خبراتها الجمة والثرية في بناء الأوطان.
*سي جي تي إن العربية.