شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/

(وداعا أبو الأرز): حياة يوان لونغ بينغ لم تعرف الكلل ولا الملل

إعداد: محمد هارون

*التعريف بالكاتب: إعلامي،  ورجل أعمال أردني، وعضو ناشط في #الاتحاد_الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء #الصين.

 – منذ البداية، كانت أمنيته تتمحور في خدمة بلده – الصين.

 كان عام 1930 زمنًا مضطربًا، وقضى طفولته تحت تهديد حِراب اليابانيين الاستعماريين. في ذلك الوقت، هرب إلى كل مكان مع عائلته من أجل العيش وانقاذ أرواحهم، لم يكن حلمه الأول الزراعة، ودراسة الأرز، إلا أنه وبعد تخرجه من الكلية، اختار التدريس في مدرسة زراعية في هونان، واستمر بالقاء الدروس والمحاضرات لمدة 18 عامًا. وبعدها فجأة، ظهر ولعه بالزراعة بعد تقدمه في العمر. 

  ترك بطلنا الفصول الدراسية، وقال انه غالبًا ما يتوجه إلى الميدان، لأجل تفعيل التطبيقات الزراعية، فالعثور على الجواب. 

 في ذلك الوقت، كان الأرز الهجين مشكلة عالمية لم يتغلب عليها حتى المهنيون في البلدان المتقدمة النمو، إلا أن الكثير من الناس يعتقدون أن يوان لونغ بينغ مفتون بالأحلام، لكنه كان حازما لا يقبل الهزيمة.

  اشتغل وانشغل (أبو الأرز) بحثًا عن عشرات الآلاف من سلالات الأرز، تعب وأصابه المرض والوهن، لكن الألم لم يتمكن منه. 

 بعد ثلاث سنوات من الكوارث الطبيعية في الصين في 1959 و 1960 و 1961، كان يكرر “بمرارة” من هم أولئك الذين لم يتضوروا جوعًا حتى الموت في ذلك الوقت! 

 في تلك الأيام، كان الجياع في كل مكان. لقد شهد بطلنا مأساة الصين في ذلك الوقت، لذا فقد صمم في قلبه منذ اللحظة الأولى التي التقى فيها بالأرز، للعمل في هذا المجال خدمة لشعبه، ولخدمة هذه القضية.. قضية الأرز وإطعام الشعب.

 ـ هل تعرف كيف كان شكل العَالم قبل ظهور الأرز الهجين؟

 ـ كان نحو بليون شخص في جميع أنحاء العالم يتضورون جوعًا، ويموت عشرات الآلاف من الجوع كل يوم، وينتهي العديد من الأطفال تضورًا من الجوع حتى الموت، قبل أن يبدأوا حتى مشوار حياتهم الخاصة.

  في نهاية كل هذا الوضع الصعب، حدثت مفاجئة في عام 1976، عندما بدأ الأرز الهجين في طرح غلته في جميع أنحاء البلاد، فهلل الصينيون تعظيمًا للنجاح الجديد.

  واليوم، تُزرع 50٪ من حقول الأرز في العالم بالأرز الهجين، ويمكن لزيادة إنتاج الغذاء في العالم أن يُطعم 4.5 مليار شخص إضافي، ضمنها البشر في الأماكن الأقل نموًا والفقيرة في العالم وفي أفريقيا.

 أكثر من 50 بلداً في أفريقيا يأكلون الأرز الهجين من غلّة يوان لونغ بينغ، وبهذا، يمكن للشعب الأفريقي برمته أن يأكل ما يكفي له.

 في واحدة من المقابلات التي اجريت مع أبو الارز الذي قضى على الجوع في الصين، يوان لونغ بينغ، نوّه إلى شيئ  مهم، وكأنها وصيّة منه للأمة الصينية والعالم:

“إن حبة الغذاء يمكن أن تنقذ بلدًا، ويمكنها أن تتعثر في بلد ما، وهذه هي أهمية الغذاء”..

 ولهذا، وعندما كان مستلقيًا على سريره في المستشفى، كان لا يزال يعمل ويُصر في مسعاه لتحقيق طفرة في إنتاج الأرز لخدمة الأمة والبشرية. لم يكن من السهل على الرجل العجوز الذهاب إلى الملعب، لكنه تغلب على الصعوبات بآلياته المجربة وعينه الثاقبة. وأكد في كل المحافل التي حضرها، إنه سيظل ملتزما بالبحث عن الأرز الهجين والأرز الفائق الهجن، وسيكون على استعداد لمساعدة البلدان النامية الأخرى على معالجة النقص في الأغذية.

كان دائما ينتقد نفسه ويعتبر ذاته مقصرًا إتجاه الشعب، ولهذا فقد أعطى كل شيء للنجاح في “قضية الأرز”.

  تكريمًا له، منحته الدولة الصينية “فيلا” ميناء تشينغداو الأكاديمي الدولي، الذي حوله أبو الأرز إلى موقع لأبحاث الأرز، ولم يهدأ له جفن، سوى بمواصلة البحث في تخليق الجديد من سلالات الأرز التي بدت مستحيلة، لكنها بين يديه العجائبية لم تكن كذلك. 

  واليوم، نرى حقول الأرز في سهول وسهوب الصين نابضة بالحياة، وتغذي جميع الذين يتقدمون إلى الأمام في تخليق الأعاجيب من لا شيء.

 ومنذ ذلك الحين، يتناول المواطن الصيني ثلاث وجبات يوميًا، مليئة بعطر الأرز. ولهذا، يَستذكر كل الناس أبو الأرز العظيم – يوان لونغ بينغ.

فإلى الخلود إيها العالِم الكبير يوان لونغ بينغ!