باكو، 20 مايو (أذرتاج)/
أقيم مهرجان “خاري بلبل” الموسيقي في 12-13 مايو عام 2021 في مضمار شوشا، ذلك بعد انقطاع دام مدة طويلة. وكان هذا حدث لا مثيل له. نعيش حاليا متأثرين بقصة النجاح الكبير الاخر وهو استمرارا للانتصار على العدو في الحرب الوطنية. اريد القول ان شوشا ومضمار شوشا لا مثيل لها في العالم، ومهرجان “خاري بلبل” الموسيقي هو منقطع النظير في العالم.
قبل بدء مشاطرة انطباعاتي عن شوشا والمهرجان اريد القول ان عودة “خاري بلبل” كانت نموذجا أذربيجانيا للتعدد الثقافي. ولسان الموسيقى كان يوجه رسائل معنوية سياسية الى العالم من شوشا عاصمة الثقافة الأذربيجانية.
المدينة التي لم تقهر وهي تحمي الروح الأذربيجانية
كنت مرارا في شبابي في شوشا. كانت اختي تدرس في مدرسة مهنية في شوشا وانتهازا مني للفرصة كنت ازورها. كنت اتفرج على الجبال الشاهقة من مضمار شوشا (“جيدير دوزو”).
لكن هذه المرة زورت المدينة بمشاعر لا يمكن التعبير عنها. كنت مدعوا الى المهرجان في شوشا. وعلى طول الطريق كنت استذكر الكلمات التي قالها الرئيس الاذربيجاني إلهام علييف في خطابه الى الشعب: انت حرة، يا عزيزنا شوشا! عدنا، يا عزيزنا شوشا! سنعمرك يا عزيزنا شوشا!
شوشا هي ثروتنا الوطنية ومدينة قديمة في أذربيجان. وبقرار تاريخي، أعلنها الرئيس الأذربيجاني عاصمة للثقافة الأذربيجانية. بعد ذلك بشّر بتنظيم مهرجان “خاري بلبل” في شوشا واستئناف تنظيم أيام الشعر المكرسة للشاعر ملا بناه واقف. وذاعت أصوات المقام الشعبي واصداء الموسيقى من مضمار شوشا الى العالم باسره.
عاش في شوشا دائما الاذربيجانيون. أنشئت المدينة قبل 270 عام من قبل امير قره باغ بناه علي خان. تملأ الروح الأذربيجانية كل شوارع هذه المدينة والأجواء فيها. حيث ان الرئيس إلهام علييف قال في كلمة ألقاها في افتتاح مهرجان شوشا الموسيقي ان الغزاة الأرمن لم يتمكنوا من طمس الآثار الأذربيجانية والروح الأذربيجانية من مدينة شوشا خلال سنوات احتلالها من قبلهم.
قال الرئيس إلهام علييف ان شوشا مدينة لا نظير لها في العالم، لها أجواء ساحرة خاصة لا يمكن مغادرتها.
أعرب الزعيم القومي حيدر علييف في 20 مارس عام 1998 في لقائه مع اللاجئين والنازحين عن يقينه من اننا سنعود الى هذه الديار، الى لاتشين وكلبجار وشوشا واغدام. وشاطر تمنيات اللاجئين والنازحين في العودة الى ديارهم واراضيهم. لقد حان هذا الحين. وحقق هذا الحلم بعد 23 عاما. وحقق الرئيس إلهام علييف توصيات والده الزعيم القومي. قد عدنا الى لاتشين وفضولي وجبرايل وزنكيلان وقوبادلي وكلبجار وشوشا.
عيد الموسيقى والوحدة والعودة والكرامة الوطنية
وكان المهرجان المعاد تنظيمه بعد فترة طويلة مكرسا لذكرى شهدائنا الذين ضحوا بأرواحهم من اجل سلامة أراضي الوطن الغالي.
وهذه النسخة من المهرجان المنظم على مضمار شوشا تحول إلى عيد الموسيقى والوحدة والعودة والكرامة الوطنية حقا. وقدم ممثلو مختلف الشعوب القاطنة في أذربيجان من الأقليات الشتى من المولوكان والطاليش والأوار واللزجي والتتار والأكراد والاودي واليهود نماذج ممتعة من الأغنيات والنغمات والرقصات القومية وكان لذلك معنى يرمز إلى أن جميع الطوائف العرقية الأذربيجانية ساهمت كثير في الحرب الوطنية المستمرة 44 يوما ليكون النصر هو النصر العام للشعب الأذربيجاني متعدد القوميات في الحقيقة.
كما أن تنظيم المهرجان عشية عيد الفطر المبارك لم يكن من الصدفة حيث أن الرئيس إلهام علييف قد ذكر مرارا أن الشعب الأذربيجاني شعب ملتزم بجذوره الديني والقومي والمعنوي الذي عاش خلال هذه السنوات بعزم تحرير الأراضي المحتلة وها نحن عدنا إلى شوشا وسنعيش فيها إلى الأبد.
وعرض هذا المهرجان عبر العالم مرة أخرى أن جميع الطوائف والشعوب والأقليات القاطنة في أذربيجان تعيش في البلد في ظروف من الصداقة والأخوة والتضامن.
وشهد مضمار شوشا القديمة المهيب خلال اليومين لحظات هزت القلوب هزة عميقة حيث كان المشاركون يشاهدون ويستمعون إلى الأغنيات الشعبية المقدمة بدموع الفرح والسعادة وعلى رأسهم الرئيس المظفر إلهام علييف.
ملحمة البطولة غير المسبوقة.
كانت تعزف في هذه الأراضي نغمات وموسيقى اجنبية قبل سنة. وقبل سنتين كان باشينيان يرقص في مضمار شوشا وهو سكران. وقد عاد أصحاب هذه المناطق الاصليون. ويصدى اليوم في شوشا نغمات الموقام والموسيقى الاصلية الوطنية بجانب ترفع نغمات الاذان من مآذن المساجد.
وضمن ذلك ضرب جيش أذربيجان ملحمة بطولة غير مسبوقة بالقضاء على الاحتلال المستمر 30 سنة خلال الحرب الوطنية الـ44 يوما بقيادة الرئيس إلهام علييف القائد الأعلى وتوجت بعملية شوشا دون شك.
ومن المعروف أن شوشا قلعة طبيعية محاطة من الجبال فضلا عن أن العدو كان مسلحا من الالف إلى الياء بين الأسلحة الخفيفة والثقيلة ولكن أبناء الوطن الشجعان كانوا يتسلقون الصخور شديدة الانحدار تحت طلقات نارية للعدو.
وكان لنا شهداء في عملية شوشا ولكنهم كانوا يعرفون جيدا أن تحرير شوشا يعني القضاء على أرمينيا جيشا ودولة واضطرت بعد تحرير المدينة إلى توقيع وثيقة الاستسلام المتشكلة على شروط أذربيجان المنتصرة المتضمن انسحاب قوات أرمينيا الاحتلالية من لاتشين وكلبجار وأغدام.
وأعلن عن يوم 8 نوفمبر يوم النصر يوم تحرير شوشا. كما قال الرئيس إلهام علييف في كلمة القاها في المهرجان اننا حررنا شوشا قبل ستة أشهر بالقتال والنضال والدماء واليوم قد عاد إلى شوشا ممثلو الفنون الجميلة والموسيقى والثقافة الأذربيجانية وهذه العودة حقيقة ويجب على الجميع أن يحتسبوا بهذه الحقيقة.
ومناظر شوشا اليوم تشهد مرة أخرى أن من أصحابها ومن اعدائها حيث أن الأرمن قد دمروا فيها كل شيء لأنها ما كانت لهم على الاطلاق واما أصحاب هذه المناطق الاصليون باشروا إعادة الترميم والإصلاح والاعمار وجميع العالم يرى ذلك. ووضع حجر الأساس لمسجد جديد في شوشا يوم عرفة عيد الفطر.
أيامنا بلا شوشا ومع شوشا.
ان الحرب الوطنية وعملية شوشا فيها. إن القتال وجها لوجه بين الجيشين الاذربيجاني والارميني دفن اسطورة “الجيش الأرميني الذي لن يقهر” وأظهر قوتنا للعدو وللعالم أيضا.
لا اريد الحديث كثيرا عن أيامنا التي شهدت بقاء شوشا في قبضة الاحتلال. كانت أذربيجان تشبه بلا شوشا نسرا بالأجنحة المنكسرة. ولا يمكننا العيش بلا شوشا كما لا يقدر الطير بالتحليق بالأجنحة المنكسرة. وأعاد الرئيس حياتنا مع تحرير شوشا.
كان الأرمن يرفضون دائما استرداد شوشا وهذه المسألة لم تكن موضوع المناقشة على مدى تاريخ المحادثات حول قره باغ.
شوشا بالنسبة لرئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، مدينة مملة تاعسة. لكن القوميين المتطرفين الأرمن كانوا يستخدمون شوشا للمساس بكرامتنا ومشاعرنا القومية. لكنهم دُمروا وتلقوا ردا قاسيا من قبلنا في نهاية المطاف.
قد بدأنا الحياة من جديد مع شوشا. قره باغ وشوشا القلب النابض لأذربيجان تنتظر أياما باهرة جميلة.
توصف زيارة الرئيس إلهام علييف والسيدة الأولى قرينته مهربان علييفا وكريمتيهما ليلى علييفا وآرزو علييفا الى شوشا بالزيارة التاريخية. رفع الرئيس الأذربيجاني علم الدولة في الأراضي المحررة. وأشعل نار عيد نيروز في شوشا، ويصلي في المساجد ويزور جسر خودافرين الشهير. كل هذه لحظات جميلة وعاطفية.
رسائل هامة مبعوث بها من مضمار شوشا إلى العالم
اتسم مهرجان “خاري بلبل” الموسيقي برسائل مهمة بعث بها إلى العالم.
ومشاركة ممثلو الأقليات ومختلف الشعوب والطوائف القاطنة في أذربيجان في المهرجان بأدائها الموسيقى والرقصات والنغمات الخاصة بها أظهرت عبر العالم مرة أخرى أن البلدان يجب أن تتطور على هذا النحو لان التنمية والوحدة والتضامن القومي والسلام إنما يرسى في البلاد متعددة القوميات والأديان. وكانت أذربيجان تبلغ وتدعو منذ السنوات الطويلة عبر العالم التعددية الثقافية والتعايش السلمي لمنتسبي مختلف الأديان والاعراق والشعوب. وتبرهن بصراحة أن ذلك أمرٌ ممكن خاصة في نموذج أذربيجان بالفعل.
صور ومقاطع فيديو منشورة من شوشا يومي المهرجان على شبكات التواصل الاجتماعي نشرها المشاركون أتت رسائل هامة أيضا شهدت مرة أخرى أن الحياة عادت إلى هذه المدينة القديمة مرة أخرى بجانب عرضها مدى الدمار والخراب التي تعرضت لها المدينة خلال سنوات الاحتلال الأرميني إشارة إلى موظفي اليونسكو التي رفضت زيارة الأراضي المحررة من الاحتلال الأرميني لتسجيل اعمال التخريب والهدم.
وكان المهرجان بعث برسالة هامة إلى فرنسا ماكرون وكندا “المجاورة” التي تبعد عن القوقاز بعشرات ألاف كم ولكسمبورغ “الدولة العظيمة” التي تقل مساحتها عن مساحة قراابغ بأربعة مرات من أنصار أرمينيا المحتلة أن أذربيجان بلد مُبنٍ ومنشئ مقابل المحتلين الأرمن الذين دمروا وهدموا ونهبوا وسلبوا قراباغ خلال 30 سنة من الاحتلال ولو كانت شوشا مدينة ارمينية حقا فما كان زعماؤهم ليدعوهم لاحراق المدينة لان صاحب البيت لن يضرم النار عليه بل يحميه.
وفي نهاية المطاف بعث مهرجان “خاري بلبل” رسالة إلى العالم أن الثقافة قد عادت إلى مدينة ثقافة أذربيجان شوشا وعادت أذربيجان إلى شوشا بالثقافة والحضارة مرة أخرى والى الابد.
أصلان أصلانوف
رئيس مجلس إدارة أذرتاج
نائب رئيس منظمة أوانا
التعليقات: