خاص بشبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
نقلات السياسة الأمريكية بمحاربة الصين واحتواءً لتطورها التكنولوجي الرفيع؟
بقلم/ الأستاذة منال علي
*التعريف بالكاتبة: صحفية إذاعية معروفة في البرنامج الأوروبي في الإذاعة المصرية، و مختصة بشؤون دول البحر الأبيض المتوسط و بلدان آسيا، وعضو ناشطة معروفة في قِوام الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.
تعمل أجهزة البروباجندا الأمريكية بمنتهى الاتقان منذ أن أطلقت الصين صاروخ لونج مارتش/٥، في رحلة هي الأولى، ما بين ١١ رحلة لاحقة، لتدشين المحطة الفضائية الصينية، و التي ستصبح مأهولة خلال عامين من الآن.
و مما هو ليس بغريب على الصين، ان هذا المشروع سيُحدِث فارقًا تاريخيًا لعدة أسباب، أولها النجاح المُبهر للصين و تفوقها على الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى دومًا للحفاظ على ما يعرف بنظام القطب الواحد والتفوق الأُحادي الجانب، و هذا ما لا تسمح به الصين. فالصين، دولة تؤمن بالتحرر من التبعية، و تصنع بنفسها لنفسها مجدها الأغر في مجال الفضاء، وغيره، ولطالما حاربتها و نازعتها عليه الولايات المتحدة الأمريكية والغرب برمته أيضًا، حيث تعرّضت الصين لمضايقات سافرة منذ اليوم الأول لدخولها المجال الفضائي من قِبل نلك الدول وبكل السُبل الممكنة وغير المشروعة. فبمجرد ما تم الإعلان عن قيام جمهورية الصين الشعبية بمحاولات لاستكشاف الفضاء، شرعت واشنطن على الفور بإلقاء القبض على كل الصينيين المقيمين في أمريكا، مِمَن يحملون مؤهلات عليا في الفيزياء والرياضيات، والتي تسمح بتمكينهم من المساهمة في أي مشروع صاروخي، و احتجزت البعض منهم بشكل غير قانوني، و بدون توجيه تُهمٍ إليهم لفترات تجاوزت الخمس سنوات، ليصبح واحدًا من هؤلاء هو مؤسس البرنامج الفضائي الصيني، و الذي فرّ مع عائلته إلى وطنه – الأم – الصين، بعد أن أقسم أن قدمه لن تطأ أرض الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك إن بقي حيًا.. و قد بقي حيًا و نجح.
لقد استمرت كل أشكال التعنت الأمريكي على عدم إشراك الصين معها أو مع أي دولة أخرى في أي استكشافات فضائية، و أصرت على حرمان الصين من المشاركة و التعاون بأي شكل من الأشكال و لو رمزي، و لكن لم يفتّ ذلك الأمر في عزم الصين، بل زادها إصرارًا و تمسكًا بمواقفها المشروعة على ضرورة إحداث الفارق، و لم ترضخ بكين بحال لهذا الصلف الأمريكي غير المُبرّر بسعيها واشنطن لِ “معاقبة!” الصين على محاولاتها للنمو و النهوض و التقدم، و قررت الصين في المقابل أن تؤسس لنفسها و بنفسها، محطة فضائية تنافس المحطة الدولية التي تشارِك فيها عشرات الدول.
و من عجائب الأقدار، أن تلك المحطة الدولية ستنتهي صلاحيتها بعد نحو ثلاث سنوات من الآن، و سيتم تفكيكها، و إخلاؤها. وعندئذ، ستكون المحطة الصينية هي المحطة الوحيدة المأهولة في الفضاء، و ستغدو الصين الدولة الوحيدة في العالم التي ستمتلك محطة فضائية مأهولة. و لذلك، تسعى أمريكا و “بكل إتقان!” لتشويه الحدث الكبير و الانجاز الضخم للصين بالتهويل تارة، و الافتراء تارة أخرى، وعن طريق الترويج بأن الصاروخ الصيني قد يخرج عن السيطرة الأرضية الصينية، ويقع على مناطق مأهولة بالسكان! والهدف الأمريكي من وراء كل ذلك، هو إثارة الذعر وعرقلة المسار الذي وُضِعَ صينيًا للصاروخ بنجاح، و أدى مهمته الأولى على أكمل وجه. و لكن، مع بطء سرعته بعد أن أتم هدفه، أصبح نزوله في المحيط أمرًا يستلزم وقتًا و صبرًا، أو ربّما سيتأخر قليلاً عن الموعد المحدد له، أو على أقصى تقدير ربما يسقط بعض حطامه على مناطق غير مأهولة بالسكان، وفقًا لما ورد على ألسنة الخبراء، و لكن أمريكا التي تتحين الفُرص للتقليل من قيمة هذا الإنجاز الصيني، تسعى لتشويهه، بهدف الإضرار بما حققته الصين من أنجاز هو الأضخم في العصر الحديث.
و الحقيقة، أن هذا النوع من الحوادث يحدث دائمًا، و هو أمر ليس نادر الوقوع، و المنظومة الأمريكية التي تتّبع الصاروخ الصيني في الفضاء هي نفسها التي تتابع ٢٧٠٠٠ ألف قطعة من حطام المشاريع الفضائية لدول العالم و اقمارها الصناعية، و غير ذلك، و التي قد يصل عددها أكثر من ١٠٠٠٠٠ ألف قطعة. و طبعًا، المشارِك الأكبر في هذا التلوث و القمامة الفضائية هي الولايات المتحدة الأمريكية، التي تشغل المكان الأول، و تليها كل من روسيا و الهند. و من الجدير بالذكر، أن أول حادثة لسقوط قطعة فضائية على الأرض كانت من نصيب الأمريكيين عام ١٩٧٣، عندما سقطت محطتهم الفضائية الأولى على استراليا. أما أكبر حادثين لسقوط قطع فضائية على الأرض، فقط كان من نصيب الروس، في عام ٢٠٠١، و تلتها (ناسا) في عام ٢٠٠٣.
و من الجدير بذكرِه أيضًا، أن القطعة الروسية التي سقطت كانت تزن ١٥ ضعف وزن الصاروخ الصيني، أما القطع الأمريكية، فكانت تزن ٧ أضعاف وزن الصاروخ الصيني الذي تستهدفه أمريكا الآن بنيران الترويج السلبي، و إثارة الرعب و الفزع المُفبرك. و برغم كل تلك الحوادث، إلا أن أحدًا لم يُصب بأذى سوى بعض الأضرار البسيطة التي لحقت بالمباني بسبب الحادثة الأمريكية، ففي تلكم الزمن، دفعت (ناسا) مبلغًا زهيدًا من المال للمتضررين، قيمته ٥٠٠ دولار فقط كتعويض(!) ولهذا، تستهدف أمريكا الصاروخ الصيني بالتهويل و البروباجندا التحريفية والتشويهية، لينسَى البشر كل موبقة ارتكبتها واشنطن في الفضاء الواسع.
و في النهاية، تبقى الحقيقة الساطعة، و هي قصة نجاح الصين التي ما زالت تُثير الرعب في نفوس كل مَن يحاولون شيطنتها. و لكن هيهات، ستستمر الصين في السعي من أجل التطور و التقدم و الرفاهية التي تستحقها، لا لشيء، سوى لأنها تعمل ما ينفعها، وما ينفع مجموع البشرية ومستقبلها الآمن.
*ملاحظة المحرر: تعكس المقالة وجهة نظر شخصية للكاتبة، وليس بالضرورة أن تعبر عن رأي شبكة طريق الحرير.