جريدة الأنباط -الأردنية/
في البَيعة الوطنية والقومية للهاشمي مولاي عبدالله الثاني المُعظّم
بقلم: الأكاديمي مروان سوداح
يُحيي الشعب الأردني ذكرى الوفاء للمغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين إبن طلال طيب الله ثراه. والبيعة لجلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين حفظه الله وسدّد خُطاه. ففي اليوم السابع من فبراير/شباط عام 1999، انتقلت الراية الهاشمية الخفاقة عبر العصور، من يد خير سلف ليد خير خلف، لتتواصل المَسيرة الهاشمية في عَملانية تعظيم الإنجازات الملكية والتي لا تتوقف لغزارة عطائها وعلو بنائها وشساعة مساحات عِمرانِها.
يُبادل الملك شعبه محبةً بمحبةٍ وولاءً بولاءٍ وإنجازاً شعبياً بأضعافه هاشمياً على مختلف المستويات المحلية والدولية، تأكيداً على مكانة الأردن العالمية، ودوره المفتاحي في المنطقة، وموقعه العالي بين العواصم في شتى قارات الأرض. وفي هذا المضمار الأهم، أكد راعي الأمة جلالة الملك المُفدى في خطاب العرش السامي، خلال افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة الرابع عشر في كانون أول/ديسمبر 2004: “هاجسي الأول على الدوام هو تحسين نوعية الحياة لكل مواطن ومواطنة في هذا البلد، ولذلك فلا بد من مكافحة الفقر والبطالة وتنفيذ الإجراءات الإصلاحية والتصحيحية التي تضع حلولاً جذرية ودائمة لهذه المشكلة”.
ولتعزيز هذا النهج الهاشمي، جاءت مبادرة “الأردن أولاً”، لمزيد من تصليب أسس الدولة الديمقراطية العصرية، وتلا ذلك إطلاق الأجندة الوطنية التي سعت إلى تحديد رؤية وطنية لمفهوم التنمية الشاملة والمُستدامة. ولإنضاج الأفكار والمبادىء أطلق جلالته مبادرة ”كلنا الأردن” لتأسيس منظور وطني شامل يستند إلى رؤى مشتركة بين مكونات المجتمع الأردني.
وفي جانب متصل، تقوم رؤية جلالة الملك للإعلام على مرتكزات أساسية، هي: أن يكون إعلاماً صادقاً ومسؤولاً، ديمقراطياً ومهنياً، يُجسد التغيير بكل فاعلية وشجاعة ويُبرز دور الأردن إقليمياً ودولياً. يقول روبرت ساتلوف، “المدير التنفيذي لمعهد واشنطن، منذ عام 1993″، والخبير في السياسات العربية والإسلامية في مقاله “لماذا أصبح الملك عبدالله ملكاً”: “إحدى دلالات شعبية الملك عبد الله هي صورة يتم تداولها على “الفيس بوك” و”تويتر” تُظهره وسط حشد من الجنود الأردنيين الهاتفين؛ وتَستحضر هذه الصورة صوراً مماثلة لوالده – الملك الحسين – محاطاً بقوات مُحبّة في لحظات سابقة من الانتصار”. ويُضيف الكاتب، “والرسالة لا لبُس فيها: عبدالله هو نجل والده، ويتصرف اليوم بنفس الدافع والتصميم والقيادة التي ميّزت رعاية الملك حسين للبلاد”.
بدوره، لفت الرئيس فلاديمير بوتين في مُستهل لقائه بجلالة الملك في آذار/مارس 2019 إلى التنسيق المتميز مع جلالته، مشدداً على إن الأردن ” كان دائمًا شريكًا مهمًا جداً بالنسبة لنا في الشرق الأوسط، وأحيينا في العام الماضي الذكرى الـ55 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا، ونحن في اتصال مستمر معكم”.
وقد سبق للرئيس بوتين أن ثمّن في حزيران/يونيو2012؛ خلال افتتاحه بيت الحجاج الروسي وموقع عمّاد السيد المسيح عليه السلام في وادي الخرار بالمغطس شرقي نهر الأردن، وأعلى وأشاد بالجهود الضخمة لجلالة الملك في الحفاظ على المواقع والعتبات المقدسة التي تُعتبر موروثًا حضاريًا للأردن مثلما هي للمسيحيين في روسيا وجميع أنحاء العالم. وأكَدَ الزعيم بوتين وجَزَمَ أن هذا يدل على اهتمام جلالة الملك عبدالله الثاني برعايته للموقع، واحترامه وشعبه الطيب لكافة الأديان السماوية استناداً لِقِيم السماحة الدينية في المملكة الأردنية الهاشمية. كذلك، أشاد بوتين بالدور الأردني بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني في العمل على نشر معاني التسامح الثمينة بين الأديان، وبخاصة ما تضمنته “رسالة عمّان”، والتي تحث على التعايش والوئام بين الأديان السماوية، واستطرد الرئيس الروسي بأن الحفاظ على هذه المقدسات وصونها هو أكبر دليل على هذا التسامح.
يقود جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم دفّة سفينة الأردن بكل حكمةٍ واقتدار وحرفية منذ تسنّمه مقاليد السلطة ومِقودها، ويستمر بتعمير البلاد والحُنو على العِباد بصفته الأب الرؤوف والرءوم، مؤكداً لشعوب المَعمورة قاطبة، أنه وبالتفاف الأردنيين من حولهِ كالسوار حول المعصم، يواصل عملية البناء والإنجاز وتأكيد استقرار الأردن نظاماً سياسياً وتوجهاً قومياً عروبياً، مُبادلِاً شعبه محبة بمثلها، وقد ثَبَتَ لمختلف القادة والزعماء الأجانب درايته العميقة بإعلاء شأن الدولة الملكية ورياديتها في السبق نحو الجديد والأجد وخدمة الإنسان، وتمكين أسانيدها في وسط منطقة متلاطمة عواصفها السياسية والحربية في كل التاريخ البشري، وتتعرض لغزوات واحتلالات وتهديدات لا حدود لها ولحجمها وشكلها البشع، لكونها موقعًا إستراتيجيًا، وتربط بسهولة بين القارات والبشر والعالمين القديم والجديد، وهمزة وصل دولية بين “زوايا” الكون، بالإضافة إلى إنها منبع الحضارات ورسالات السماء ومبادىء وأفكار العدالة والسّماحة التي تفجرت عيون ينابيعها من أرضها، وهي منطقة ما زالت تفيض على الدولة الأردنية، التي يَقودها جلالته مولاي المُفدى، بسندٍ شعبي شامل يتسم بأجواء الطمأنينة الموصولة والحماية الألهية والأسانيد الوطنية والقومية والأممية في كل الحقول. …