شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/

زيارة للصين فبراير 2019

بقلم: الدكتورة كريمة الحفناوى*

*تعريف بالكاتبة: إعلامية مصرية شهيرة، ومُعتمدة للنشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية في الجزائر؛ وعضو متقدم ناشط في #الأتحاد_الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب #أصدقاء_وحلفاء #الصين؛ وناشطة سياسية وقيادية في حركة كفاية؛ وعضو مؤسس بالحزب #الاشتراكي_المصري وجبهة نساء #مصر، وعضو حملة الحريات #النقابية والدفاع عن حقوق العمال؛ وعضو لجنة #الدفاع عن الحق فى الصحة – مصر.

 بدعوة من الحزب الشيوعى الصينى، توجهت مع وفد الأحزاب الاشتراكية العربية إلى الصين، فى الفترة من21 فبراير، وحتى 3 مارس 2019، وتشرفت بوجودى فى الوفد المصرى عن الحزب الاشتراكى المصرى، سوياً مع الأستاذة بهيجة حسين عن الحزب الشيوعى المصرى، وكل من الأستاذ عاطف مغاورى عن حزب التجمع، والأستاذ فريد زهران عن الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، وتكوّن الوفد العربى من 20 رفيقاً ورفيقة من الأردن (الأكاديمي مروان سوداح وهو رئيس الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين)، والمغرب، وتونس، وفلسطين، والعراق ولبنان، وصاحب وفد المشاركين منذ وصوله إلى جمهورية الصين الشعبية، ممثلين عن دائرة العلاقات الخارجية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى(إدارة غرب أسيا وشمال إفريقيا).

 بعد رحلة شاقة بين الطيران والترانزيت استغرقت أكثر من عشرين ساعة، وصلنا إلى مطار بكين ومنه مباشرة إلى رحلة أخرى بالطائرة لمدة ساعتين إلى مدينة نانجينج، فى مقاطعة جيانجسو، وكانت البداية من هذه المقاطعة، وقبل الاسترسال فى الحديث عن الزيارة أود أن أشير إلى أن الدعوة كانت مصحوبة بتحديد عدد من الموضوعات يتناولها النقاش، ويُقدم فيها أعضاء الوفد أوراق مكتوبة، وهى:

• كيف ترى الأحزاب الاشتراكية العربية أفكار الرئيس شى جين بينغ للاشتراكية ذات الخصائص الصينية للعصر الجديد.
• كيف ترى الأحزاب الاشتراكية العربية مسيرة الحكم للحزب الشيوعى على مدى 70 عاما(1949 – 2019).
• كيف يمكن للدول العربية أن تستفيد من الطريق التنموى الصينى فى عملية التطور والتحّول.
• كيف ترى الأحزاب اليسارية العربية الماركسية وتطورها.
• ماهى تجربة الدول العربية نحو نزع التطرف.
• كيف ترى الدول العربية السياسات القومية – الدينية الصينية.

وخلال جلسات الحوار تم تناول هذه النقاط وغيرها من القضايا الهامة، ومنها القضية الفلسطينية بالطبع.

       وضمن برنامج زيارتنا للصين تجولنا عدة مدن ومعالم صينية منها مدينة نانجينج بمقاطعة جيانجسو، ومنها إلى مدينة أرومتشى فى مقاطعة شينجيانغ، والتى سأحكى عنها فى السطور التالية.

فى مساء يوم 25فبراير حلقت بنا الطائرة على مدى خمس ساعات لنصل إلى الشمال الغربى لمدينة أرومتشى فى مقاطعة شينجيانغ، بالقرب من جنوب روسيا الاتحادية والدول الإسلامية كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان، وكانت درجة الحرارة الصغرى 16 تحت الصفر والعظمى 5 تحت الصفر وبالرغم من مشقة السفر والبرودة الشديدة سرعان ما شعرنا بالدفء من حرارة الاستقبال، ومن الهدية الثمينة التى وجدناها فى الغرفة بالفندق وهى جاكيت يحمينا من شدة البرودة.

 منطقة شينجيانغ تقطنها قومية الإيغور، وأهلها يدينون بالديانة الإسلامية. وجدير بالذكر، أن عدد السكان في البر الرئيسي الصيني تجاوز إجمالي 1.4 مليار نسمة في نهاية عام 2019، حيث أظهرت البيانات الرسمية الصادرة عن من مصلحة الدولة الصينية للإحصاء، إن تعداد السكان وصل إلى 1.40005 ملياراً بنهاية العام الماضي2019 (يمثلون ما مجموعه 56 قومية)، بزيادة 4.67 مليون عن العام الأسبق. 

 تبلغ مساحة هذه المنطقة ذاتية الحكم بشمال غربي الصين، مليوناً وستمائة وستين ألف كيلومتر مربع، وقد ارتفع عدد السكان فيها من  2.55 مليون نسمة، ليصل إلى 12.72 مليون نسمة في ثمانية أعوام، بين عامي 2010 و2018، أي بزيادة 25.04 بالمائة، وفقاً للسلطات المحلية. يبلغ عدد المساجد في شينجيانغ أكثر من 23900 مسجد، بمتوسط مسجد واحد لكل أربعمائة مسلم تقريبا، وهذه المنطقة تتمتع بالحكم الذاتى، ويتم تدريس لغتهم الأم فى المدارس، مع حرية ممارسة الشعائر الدينية.

 ومن المعروف أن أكبر قومية فى الصين والتى تشكل 91% من السكان هى قومية هان، وتطبّق الصين سياسة الحقوق المتساوية لكل مواطنى ومواطنات الصين، مع بناء علاقات أخوّة بين القوميات، حتى أصبحت الصين عائلة واحدة. وفى هذه المقاطعة تتعايش قومية الهان مع قومية الإيغور فى أمان وحسن الجوار ويتشاركون معا فى العيش والعمل والمشروعات المشتركة والتزاوج فيما بينهم. وتنتهج المقاطعة سياسات تعزيز التنمية الاقتصادية ومحاربة الفقر بمساعدة الفقراء على العمل فى الشركات والمصانع، وقد زاد دخل الفرد من 1500 دولار سنوياً إلى 11 ألف دولار سنوياً عام 2016.

 وتتميز المقاطعة بالصناعات المتعددة، وفى مقدمتها شركة تكنولوجية لإنتاج معدات طاقة الرياح، وحصة هذه الشركة فى السوق العالمية 12%، وتمد كل من اسلام آباد ولاهور وكراتشى بمعدات وتوربينات الرياح لإنتاج الطاقة وتوليد الكهرباء للإنارة، وتستثمر هذه الشركة (إيجور وند) فى شمال أفريقيا وفى تركيا، كما تمتد استثماراتها فى استراليا حيث تعمل على إنشاء محطة كبيرة لتوليد الكهرباء بالرياح.

 لقد ازداد الناتج المحلى بنسبة 8% سنويا وهناك أولوية لتنمية الريف مع تطبيق نظام حماية البيئة وتشكيل خط أخضر للحياة.

ويتم صرف 70% من الميزانية العامة على الخدمات وتوفير فرص عمل مع الصرف على التعليم والرعاية الصحية والتأمين ضد الأمراض والشيخوخة. وكان نتيجة ذلك انخفاض نسبة الفقر إلى 6%.

• الثلاثاء 26 فبراير 2019 :

كانت زيارتنا لأكبر مسجد فى هذه المقاطعة، وزيارة تالية لمركز من مراكز الدعاة، وزيارة إلى أكبر مصنع للأغلفة البلاستيكية التى تستخدم فى جميع أغراض التغليف، ومنها الصوبات الزراعية ويقوم بالتصدير لمعظم دول العالم ويعتمد على تقنية تكنولوجية عالية، ويعتبر من أهم 500 شركة فى العالم، فى إعادة تدوير المخلفات. كما زرنا مجمعاً للمشغولات الذهبية المعتمدة على الذهب المستخرج من مناجم المقاطعة، ويجمع بين التكنولوجيا الحديثة والعمل اليدوى الدقيق الذى يذكرنا بمهارة الأيدى المصرية فى خان الخليلى.

• الأربعاء 27 فبراير 2019:

 فى صبيحة الأربعاء كان اللقاء يجمعنا ومعنا عدد من الوفود البرلمانية الدولية، ومنها وفد البرلمان المصرى مع مسئولى الحزب الشيوعى الصينى بمدينة أرومتشى، وكان الحديث حول التعايش بين الأعراق والحقوق المتساوية وحرية ممارسة الشعائر الدينية ومواجهة التطرف والإرهاب. وبعدها كانت الزيارة لمبنى يحوى كل العاملين فى الحرف التراثية وكل أشكال الفنون يحتوى على عدد كبير من الطوابق التى فيها العديد من الحجرات التى تقوم على تعليم وتدريب وممارسة أنواع الحرف والفنون التراثية (نسج الحرير والرسم والموسيقى والرقص الشعبى والغناء والفنون التشكيلية). مكان جميل يشع بروعة الإبداع الذى يعتمد على المهارات والقدرات الإنسانية. فى نهاية اليوم كنا  نودع هذه المدينة الدافئة بأهلها رغم برودتها القارسة. وسافرنا إلى المحطة الأخيرة فى رحلتنا، وهى مدينة بكين واستغرقت الرحلة 4 ساعات.

 شمل اليوم الأخير فى رحلتنا جلسة فى الصباح للحوار والتقييم مع تبادل الهدايا جلسة مليئة بالمودة ودفء المشاعر بين كل الرفاق والرفيقات بالوفد العربى ومن صاحبونا من الرفاق والرفيقات بالحزب الشيوعى الصينى للجميع أجمل الأمنيات بالتوفيق والنجاح والأمل بتحقيق العدل والخير والمساوة والسلام لكل شعوب العالم مع استمرار نضالنا ضد الحلف الصهيو أمريكى وضد هيمنة الرأسمالية المتوحشة والمعسكرة وضد التطرف والإرهاب.

 وركبنا فى مساء ذلك اليوم الأخيرالطائرة ليعود كل منا الى بلده يملؤه الأمل فى غد أفضل.

 وقبل أن أُنهى مقالى، أود الإشارة إلى أن الحوارات والمناقشات والمحاضرات تناولت المحاور السياسية التى حدّدتها الدعوة وأشرت إليها فى بداية المقال، كما كان هناك محور أساسى فى كل الحوارات حول دور الصين كدولة متقدمة فى التأثير عالمياً فى حل الأزمات والمشكلات مع لعب دور أكبر فى حل القضية الفلسطينية. كما تطرق النقاش إلى مواجهة التطرف والإرهاب وإلى زيادة التعاون العربى الصينى الذى يقوم على المنفعة المتبادلة والفوز المشترك بين دول جنوب – جنوب.

• الجلسة الثالثة والاخيرة – الإنطباعات – التقييم

 تضمنت الجلسة الأخيرة صباح السبت 2 مارس 2019 ردوداً من الجانب الصينى على بعض وأهم الأسئلة التى طرحها أعضاء الوفد العربى، كما كانت هناك ورقة تقييم للزيارة يملؤها أعضاء الوفد. وإليكم أهم ماتناولته الجلسة.

• مبادرة الحزام والطريق كمستقبل للتعاون مع كافة الدول لها 5 أهداف الارتباط سياسياً – تجارياً – مالياً – وبناء بُنية تحتية مع التواصل بين الشعوب وعلى الدول التواصل مع المكاتب التجارية الصينية للمشاركة فى معارض تجارية لعرض المنتجات وتنشيط التبادل التجارى.

بالنسبة للعلاقات الصينية العربية اتفق الجانبان على إقامة علاقات شراكة استراتيجية فى مؤتمر عام 2018 وفق سياسة  التعاون والفوز المشترك ورابطة المصير المشترك وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول والحفاظ على سيادة سيادتها.

 حول إشكالية التعامل مع الأعراق، تحرص الصين على المواطنة فى التعامل مع الأعراق والعمل على فتح مراكز ثقافية صينية فى البلدان العربية والتوسع فى العلاقات السياحية.

علاقة الدولة والحزب بالنقابات تعاون وتضامن بين الإثنين لأن الحزب يمثل المصالح العامة للشعب.

تعتبر الصين الدولة الأولى من حيث طول الطرق الحديثة وعدد المطارات والسكك الحديدية ونعمل على التعاون مع البلدان بالعملة الصينية والمحلية.

القضية الفلسطينية نناصرها ونتضامن معها سياسياً وأيضا ًمادياً.

 تذكرت هذه الرحلة ونحن فى نهاية عام 2020 الملىء بالأزمات التى واجهتها جميع دول العالم وفى مقدمتها انتشار فيروس كورونا وأثاره الاقتصادية والاجتماعية التى زادت من البطالة ومن غلاء المعيشة وازدياد عدد الفقراء، هذا بجانب الأزمات المستمرة منذ بداية هذا القرن من حروب وصراعات، وتفشى السياسات العنصرية فى الولايات المتحدة الأمريكية والتمييز ضد المهجرين والمرأة نتيجة لسياسات الرئيس ترامب الداخلية وأيضا سياساته الخارجية وهى كيل الاتهامات للدول الأخرى وعلى رأسها الصين وذلك فى محاولة لتبرير سياساته الفاشلة.