الحلم الخاص
قامت تشانغ قويمي بالتعليم في الأصل مع زوجها في مدرسة إعدادية في مدينة دالي. في عام 1996، وبعد وقت قصير من وفاة زوجها بسبب سرطان المعدة، أخذت تشانغ قويمي البالغة من العمر 39 عاما حينها زمام المبادرة للتقدم بطلب نقل وظيفة من مدينة دالي الجميلة الى محافظة هوابينغ بمنطقة ليجيانغ.
بعد قيام بأعمال التعليم فترة في محافظة هوابينغ، اكتشفت تشانغ قويمي ظاهرة غريبة، حيث “اختفت الكثير من الفتيات خلال صفوفها التعليمية”، وبعد الاستفسار عن الأمر، اكتشفت أن بعض الطالبات توجهن للعمل، وأن بعضهن تزوجن في سن مبكرة.
منذ ذلك الحين، بزغ الحلم في قلبها تدريجيا، وهو: إدارة مدرسة ثانوية مجانية حتى تتمكن البنات في المناطق الجبلية بالصين من القراءة.
في سبتمبر سنة 2008، وتحت رعاية ودعم الحكومة، افتتحت رسميا أول مدرسة ثانوية عامة مجانية للفتيات في البلاد، وهي مدرسة هوابينغ الثانوية للبنات بولاية ليجيانغ، وتم تسجيل ما مجموعه 100 فتاة في الدورة الأولى.
مدرسة بدون رسوم تقريبا
منذ اليوم الأول لبناء المدرسة، حددت تشانغ قويمي القواعد للتعليم: الرسوم الدراسية والإقامة مجانية، ولا يتم دفع سوى مبلغ قليل من الوجبات، خاصة للطالبات من العائلات الفقيرة، حتى لو كان لديهن أساس تعليمي ضعيف، فإنهم يتموا التحاق بالمدرسة جميعا. ولأكثر من عشر سنوات، هي لم ترافق الطالبات في التعليم حتى وقت متأخر من الليل فحسب، بل عاشت أيضا في مسكن الطالبات.
في عام 2016، تم الانتهاء من بناء مدرسة هوابينغ الثانوية للبنات، وتم تحسين العديد من المرافق تدريجيا. تضم المدرسة مطعما ومساكنا وملعبا رياضيا قياسيا. حتى الآن، يوجد في المدرسة 9 فصول دراسية في 3 صفوف مع 464 طالبة. تصر تشانغ قويمي على الزيارات المنزلية على مدار السنة، وقد بلغت مسافة الزيارات الإجمالية لأكثر من 110 ألف كيلومتر، واستقطبت أكثر من 1500 طالبة من هوابينغ والمحافظات المحيطة. حتى الآن، تخرجت من المدرسة آلاف الطالبات على مدى عشر سنوات متتالية، التحقت منهم 1804 طالبة بالدراسة الجامعية. واحتل الترتيب الشامل لنتائج امتحانات القبول بالجامعة المرتبة الأولى في منطقة ليجيانغ لسنوات عديدة.
يقول وي تانغيون، مدرس اللغة الصينية في المدرسة إنه بينما تحسن أداء الطلاب بمسوى سريع وملحوظ، تدهورت صحة تشانغ قويمي، هي احتاجت اللصقات المخففة للألم التي تنتشر على جسدها، وعادة ما تجد صعوبة حتى في صعود السلالم.
“عندما أكبر سأكون أنت”
يقول يانغ وينهوا، المدير السابق لمكتب التعليم في محافظة هوابينغ: “السيدة تشانغ قامت بالفعل بتدريس وتثقيف الطالبات. لقد علمت الطالبات المثابرة والامتنان والتفاني في كلماتها وأفعالها.” ويمكن لهؤلاء الطالبات بعد خروجهن تحمل المصاعب والتفاني من أجل الآخرين مثل معلمتهم تشانغ قويمي، وقد توجهت العديد من الطالبات بالفعل إلى مناطق فقيرة وشاقة.
كانت تشو يونلي طالبة من الدفعة الأولى في مدرسة هوابينغ الثانوية للبنات، وبعد تخرجها من الجامعة، عادت إلى المدرسة لتعمل فيها كمعلمة رياضيات.
تقول تشو يونلي إنه “من دون مدرسة هوابينغ الثانوية للبنات، لما كنت هنا اليوم”. كانت والدتها قد توفيت عندما كانت صغيرة جدا، واعتمدت الأسرة في دخلها على والدها المعاق وجدتها المسنة في الزراعة وبيع المحصول من أجل توفير مصاريف الدراسة لها ولأختها. وتقول أيضا: “عندما سمعت أن مدرسة طيبة أنشأت مدرسة ثانوية مجانية، شعرت بأنني أتمسك بقشة الإنقاذ في حياتي.”
تقول تشو يونلي مبتسمة: “علمتنا المعلم تشانغ أنه يجب علينا أن نتذكر مساعدة الآخرين إذا ما كبرنا وأصبحنا لدينا القوة”.