تجاوزت الصين والولايات المتحدة الخلافات الأيديولوجية ومواجهة الحرب الباردة وحققتا تقدما هائلا في علاقاتهما على مدى العقود الخمسة الماضية، الأمر الذي “كان له تأثير إيجابي على البلدين وغير العالم بأسره بعمق”، وفقا لما ذكر السفير الصيني لدى الولايات المتحدة تسوي تيان كاي يوم الأربعاء.
وقال تسوي في الحفل السنوي لمجلس الأعمال الأمريكي-الصيني: “يحاول البعض إنكار هذه الحقائق الأساسية وإعادة تعريف العلاقات بالصراع والمواجهة. ما يفعلونه هو تشويه وإنكار للتاريخ وخلق العثرات أمام المستقبل، ومن شأن ذلك أن يؤدي فقط بالعلاقات الصينية-الأمريكية إلى مسار خطير”.
وأضاف أن “عجلات التاريخ لا تتوقف أبدا عن المضي قدما. ولن ولا يجب أن تعود العلاقات الصينية-الأمريكية إلى ماضيها. ولكن لبناء مستقبل أفضل، يجب أن نتذكر ما استقناه من الماضي، سيكسب الجانبان بالتعاون ويخسران بالمواجهة. فالتعاون هو الخيار الصحيح الوحيد لكليهما”.
وقال: “لدينا خلافات واختلافات، لكن مصالحنا المشتركة تأتي دائما في المقام الأول، بقدر لا يمكن لأي خلاف يبرر الصراع أو المواجهة. ونعتقد أنه في وقت تتعمق فيه العولمة والمصالح المتشابكة بشكل وثيق بين البلدين، فلن تؤدي حرب باردة جديدة أو فك ارتباط ما إلى أي مكان”.
وأكد تسوي على ضرورة أن تتحلى الصين والولايات المتحدة بالحكمة والقدرة على التغلب على خلافاتهما وإعادة بناء إطار عمل استراتيجي للعلاقات يتسم بالتعاون المربح للجانبين والتنمية المستدامة والمستقرة.
مرحلة التنمية الصينية الجديدة ستعطي زخما جديدا للعلاقات مع الولايات المتحدة
كما قال السفير الصيني إن مرحلة التنمية الجديدة في الصين التي تبني اقتصادا مفتوحا بمعايير أعلى وجودة أفضل، سوف تقدم قوة محركة جديدة للعلاقات الصينية – الأمريكية. وأضاف تسوي “أن عام 2021 أساسي، حيث تستهل الصين مرحلة جديدة للتنمية، ما سيقدم قوة محركة جديدة لعلاقاتنا”.
تحدث تسوي عن الاقتراحات التي اعتمدت حديثا في الجلسة الكاملة الخامسة للجنة المركزية الـ19 للحزب الشيوعي الصيني حول صياغة الخطة الخمسية الـ14 للتنمية الوطنية الاقتصادية والاجتماعية والأهداف بعيدة المدى حتى عام 2035، قائلا إن “الصين سوف تعزز نموذجا جديدا للتنمية يكون فيه التداول المحلي الدعامة الأساسية، وتعزز فيه التداولات المحلية والدولية بعضها البعض.”
وأضاف تسوي أن “هذا لا يعني أن الصين تغلق أبوابها أو تتجه إلى الداخل. إنها بدلا من ذلك، سوف تبني اقتصادا مفتوحا بمعايير أعلى وجودة أفضل. ويعمل الاقتصاد الصيني كمحرك مهم للنمو العالمي”.
واستطرد السفير قائلا “إن نموذج التنمية هذا وضع حتى يعمل المحرك بشكل أكثر كفاءة ويقدم قوة محركة أقوى للتنمية الاقتصادية العالمية”.
وأشار السفير إلى أن الصين “تقوم بأقصى ما في وسعها” لتحسين بيئة الاستثمار والعمل الخاصة بها.
وذكر السفير أنه تم تطبيق قانون جديد للاستثمارات الأجنبية، كما تم تقليص القائمة السلبية للاستثمار الأجنبي، ووضعت خطة رئيسية لتنمية منطقة هاينان للتجارة الحرة، وتم تعزيز المزيد من الإصلاح والانفتاح في شنتشن وبودونغ في شانغهاي.
وأضاف أنه في نفس الوقت، تدعم الصين العولمة الاقتصادية والتكامل الاقتصادي الإقليمي بـ”طريقة أكثر استباقية”.
وقد وقعت الصين اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، وسوف تنظر بشكل إيجابي إلى الانضمام إلى اتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ.
قال السفير “إن هذا سوف يخلق المزيد من التعاون والفرص للشركات في أنحاء العالم، ومن بينها الشركات الأمريكية”.
التعاون الصيني – الأمريكي يجب ألا يغيب في عالم ما بعد كوفيد-19
وقال تسوي أيضا إن التعاون الصيني – الأمريكي “لا يمكن أن يغيب ويجب ألا يغيب” في عالم ما بعد مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، حيث يفرض عدم الاستقرار والشكوك تحديات خطيرة على الحوكمة العالمية، مضيفا “إن عام 2021 أساسي في الوقت الذي نرحب فيه بفجر عصر ما بعد المرض، حيث لا يمكن أن يغيب التعاون الصيني – الأمريكي ويجب ألا يغيب”.
واستطرد تسوي أن “بحث وتطوير اللقاحات والأدوية يحقق تقدما جيدا في دول عديدة، ويجلب آمالا وثقة لنا جميعا. ولكن عوامل عدم الاستقرار والشكوك في عالم ما بعد المرض ستفرض تحديات خطيرة على الحوكمة العالمية”.
وتابع السفير قائلا “نعتقد أنه عندما يواجه المجتمع البشري صعوبات وتحديات كبيرة، تتحمل الدول التي لديها قدرات أقوى مسؤوليات أعظم”.
وأضاف السفير أنه “يتعين على الصين والولايات المتحدة التنسيق والتعاون لهزيمة مرض كوفيد-19، ودعم التعافي والنمو الاقتصادي على المستوى العالمي، وإصلاح وتحسين نظام وهيكل الحوكمة الدولية من أجل مواجهة التحديات العالمية، ومن بينها التغير المناخي على نحو أفضل . وهذا أيضا ما يتوقعه المجتمع الدولي منا”.
واستطرد السفير قائلا إن الرئيس الصيني شي جين بينغ قال في رسالة التهنئة التي أرسلها للرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، إن الجانب الصيني مستعد للعمل مع الجانب الأمريكي “بروح عدم النزاع وعدم المواجهة والاحترام المتبادل والتعاون المربح للجانبين، والتركيز على التعاون وإدارة الخلافات ودعم التنمية الصحية والمستقرة للعلاقات الصينية – الأمريكية، والتكاتف مع الدول الأخرى والمجتمع الدولي لدعم القضية النبيلة للسلام والتنمية في العالم”.
قال تسوي “إننا نتطلع للعمل مع الحكومة الأمريكية والشعب الأمريكي من مختلف القطاعات لتحقيق هذه الغاية”.