جريدة الدستور المصرية/
بقلم: د. كريمة الحفناوي
بعد تفشى فيروس كورونا حرصت دولة الصين على مزيد من التعاون ودعم دول العالم لمواجهة الفيروس وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية وما زالت خطوات التعاون مستمرة حتى الآن وهذا ما أكدت عليه مجلة الصين اليوم فى عددها الصادر فى شهر سبتمبر ٢٠٢٠. حيث أشارت فى إحدى المقالات تحت عنوان «نبراس الحضارات على طريق المصير المشترك للبشرية فى عصر ما بعد الوباء» على ما تم فى الفترة الحالية من تعاون بين الصين وبلدان العالم، ومنها البلدان العربية.
ففى ٣٠ يونيو ٢٠٢٠ عقد اجتماع الحوار بين الباحثين من مؤسسات الفكر الصينية والعربية عبر الإنترنت تحت رعاية جمعية الصداقة للشعب الصينى مع البلدان الأجنبية وجمعية الصداقة الصينية العربية وبتنظيم من جامعة الدراسات الدولية ببكين، «حيث أكد الخبراء على أن التضامن والتعاون الدولى ضروران لمواجهة فيروس (كوفيد- ١٩) المستجد، ومن أجل إنعاش الاقتصاد العالمى فى عصر ما بعد الوباء. كما تم التأكيد على عالم متعدد الأقطاب بعد وباء كورونا»، وذلك بالطبع بعد صعود الصين كقطب استراتيجى اقتصادى وصعود روسيا كقطب استراتيجى عسكرى.
وفى السادس من يوليو ٢٠٢٠ تم عقد الدورة التاسعة للاجتماع الوزارى لمنتدى التعاون الصينى- العربى عبر آلية الاتصال المرئى، ولقد أشرت إلى هذا المنتدى فى مقال سابق وما وصل إليه من التأكيد على نمو التعاون الصينى العربى فى جميع المجالات الاقتصادية والتجارية والثقاقية ومجال الاستثمارات فى البنية التحتية ومجال الطاقة ووسائل النقل والمجال التكنولوجى.
وإذا انتقلنا لمجال التعاون لمواجهة فيروس كورونا، نجد أن الصين اقتربت من المرحلة الثالثة والأخيرة من الاختبارات السريرية للقاح يقى البشرية من وباء «كورونا المستجد»، وبدأت فى إنشاء مصانع عملاقة تنتج مئات الملايين من الجرعات، وأعلنت الصين عن أنها ستبيع اللقاح للدول الأجنبية بسعر التكلفة وستتخلى عن حق الملكية الفكرية لأى دولة ترغب فى إنتاج اللقاح الصينى.
وبالنسبة للدول الفقيرة النامية قررت الصين منحها قروضًا لتشترى اللقاح بسعر التكلفة وبأقساط مريحة. مما سبق يتضح أن جمهورية الصين الشعبية تقدم كل التسهيلات لخدمة الإنسانية أمام فيروس لا يرحم يجتاح جميع الدول والبشر بلا رحمة، وأمام هذا وأمام إعلان روسيا عن إنتاج أول لقاح للوقاية من وباء كورونا وأنها ستقدم كل التسهيلات لتوزيعه وشرائه، أصبح من الصعب على أى شركة فى أمريكا أو أوروبا أن تحتكر إنتاج المصل الجديد. إن وصول روسيا والصين لإنتاج اللقاح خلال فترة الخريف «التى من المتوقع انتشار الموجة الثانية من الفيروس فيها» سيكون مفيدًا للبشرية جمعاء فى مواجهة هذا الفيروس اللعين الذى حصد أرواح أكثر من ٩٠٠ ألف من سكان العالم وأصاب أكثر من ٢٧ مليونًا «أثناء كتابة المقال».
ومن المعروف أنه فى الوقت الذى تخبطت فيه سياسات الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية واتسمت بالأنانية واللإنسانية أمام شعوبها فى الداخل ومع حلفائها وأصدقائها من الدول، كانت الصين وروسيا وكوبا فى مقدمة الدول التى ضربت المثل فى التعاون والتكاتف ومد يد العون والمساعدة لكل الدول فى جميع أركان المعمورة فى أوروبا وإفريقيا والدول العربية، خاصة الدول الفقيرة منخفضة الدخل، وذلك لمواجهة كارثة تفشى فيروس كورونا وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية.
إن الصين حريصة كل الحرص رغم الوباء على ازدهار العلاقات الاقتصادية بينها وبين جميع دول العالم، وفى القلب منها الدول الإفريقية والدول العربية، ومنها جمهورية مصر العربية، كما جاء فى مجلة الصين اليوم فى عددها الصادر فى أغسطس ٢٠٢٠ «رغم الوباء حققت المشروعات المصرية الضخمة التى تقوم الصين ببنائها مثل مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع السكك الحديدية فى مدينة العاشر من رمضان والمنطقة الصناعية بقناة السويس، بجانب المشروعات الصحية لمواجهة الوباء، حيث بدأ فى ٧ أبريل ٢٠٢٠ مشروع إنتاج الكمامات بين شركة جياشانج الصينية وشركة يوروميد للصناعات الطبية المصرية باستثمارات تصل لـ٣.٥ مليون دولار أمريكى، ومن المتوقع أن يتجاوز عدد الكمامات المنتجة من هذا المشروع مليون كمامة يوميًا.
وفى مجال الاقتصاد الرقمى والتقنيات المتقدمة، يعتمد عدد كبير من المواطنين لأداء عملهم من المنزل على التواصل من خلال شبكة الإنترنت، وأيضًا التوسع فى التسوق والتجارة من خلال الإنترنت. وفى مجال التعليم يعتمد الطلاب الذين يصل عددهم فى مصر لأكثر من ٢٢ مليون طالب وطالبة فى مراحل التعليم المختلفة، بجانب المعلمين، على استخدام منصة «نت دراجون الصينية» للتعليم عبر الإنترنت. ولقد أطلقت شركة هواوى الصينية مشروع «حجرة الدرس بالذكاء الاصطناعى» مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية فى يونيو الماضى فى جامعة أسوان. ووفقًا لهذا المشروع، تقدم شركة هواوى دروس التدريب فى الذكاء الاصطناعى والبيانات الكبرى وشبكة الاتصالات بالجيلين الرابع والخامس وشبكة النطاق العريض بالألياف الضوئية للطلاب فى أسوان وغيرها من المناطق الضعيفة فى موارد التعليم.
ولقد أشار الرئيس الصينى شى جين بينج فى نوفمبر ٢٠١٩ فى خطابه الرئيسى فى مراسم افتتاح الدورة الثانية لمعرض الصين الدولى للاستيراد، إلى مواصلة انفتاح الصين على الخارج، وأكد أنه «وفى إطار تطوير العلاقات وتنميتها مع الدول العربية، تعمل الصين فى هذه السنة على تخفيض التعريفات وتحسين البيئة التجارية وتقديم الخدمات المعنية وزيادة رفع القيود المفروضة على المستثمرين الأجانب، مما يشجع التعاون الاقتصادى بين الصين والدول العربية بقوة».
إن دول العالم فى حاجة إلى تعاون مشترك فى عالم ما بعد كورونا تسوده علاقات إنسانية تقوم على التشارك والمصلحة المشتركة من أجل خير البشرية جمعاء.