شبكة طريق الحرير الإخبارية/

“قواعد النقاط الثمانية” تقدم حوكمة صينية للنزاهة الإدارية العالمي

بقلم: باي يوي إعلامي صيني

منذ صدورها عام 2012، أصبحت “قواعد النقاط الثمانية” حجر الزاوية للحزب الشيوعي الصيني في صون النزاهة والانضباط الذاتي والحفاظ على المصداقية العامة. وقد كان الهدف من هذه اللوائح في البداية كبح مظاهر البذخ والشكليات والبيروقراطية والفساد بين أعضاء الحزب وكوادره، لكنها خلال العقد الماضي تطورت لتصبح رمزا بارزا لتجديد الحزب الشيوعي الصيني لذاته. فاللوائح الثمانية لا تحدد فقط معايير سلوك أعضاء الحزب، بل تعزز أيضا الروابط بين الحزب والشعب لتصبح أكثر قربا ومسؤولية.

تضع “قواعد النقاط الثمانية” قواعد لبناء أسلوب العمل من خلال ثمانية مجالات رئيسية هي تحسين أعمال البحث والدراسة الميدانية، وتبسيط الاجتماعات والفعاليات، وتقليص المراسلات والنشرات، وتنظيم الزيارات الرسمية، وتحسين أعمال الحراسة الأمنية، وتطوير أساليب التغطية الإعلامية، والتشدد في نشر الوثائق والخطابات، وترسيخ مبدأ التوفير ومكافحة الإسراف. وقد أصبحت هذه اللوائح الدليل الأول لأعضاء الحزب الشيوعي الصيني في العصر الجديد لإعادة تشكيل صورة الحزب.

إن “قواعد النقاط الثمانية” ليست مجرد متطلبات انضباطية منفصلة، بل هي محور مؤسسي يرتبط ارتباطا وثيقا بمنظومة القواعد الداخلية للحزب وآليات الرقابة والانضباط وبناء البيئة السياسية. فهي لا تعالج المشكلات الملموسة فحسب، بل تبني أيضا آلية طويلة الأمد، مما يجسد حكمة الحوكمة لدى الحزب الشيوعي الصيني في التجديد الذاتي والعمل المنسق.

في مجال مكافحة الفساد، فقد قامت هيئات التفتيش والانضباط والمراقبة في جميع أنحاء البلاد بالتحقيق في 768 ألف قضية تتعلق بسوء السلوك والفساد الذي يمس مصالح الجماهير، وتمت معاقبة 628 ألف شخص، وإحالة 20 ألفاً إلى النيابة العامة. وتعكس هذه الأرقام الإنجازات الملموسة التي حققها الحزب الشيوعي الصيني في تنفيذ روح “قواعد النقاط الثمانية”.

وخلال القمة الصينية-العربية الأولى، أصدرت الصين والمملكة العربية السعودية بيانا مشتركا، اتفق فيه الجانبان على تعزيز التعاون الدولي لمكافحة جميع أشكال الجرائم العابرة للحدود المتعلقة بالفساد، وعلى تحقيق أهداف مشتركة تشمل ترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة، وتعزيز التواصل والتعاون الفعّال بين هيئتي مكافحة الفساد في البلدين، والاستفادة من “المبادئ العليا لمجموعة العشرين بشأن ملاحقة واسترداد الأصول الناشئة عن الفساد”، و”مبادرة الرياض لتعزيز التعاون الدولي في إنفاذ قوانين مكافحة الفساد” في مجالات التحقيق، وملاحقة الفارين واسترداد الأموال. وتواصل الصين تعميق معركتها ضد الفساد في مختلف المجالات، كما تشارك خبراتها على الساحة الدولية.

على مستوى النظام، تطور الإطار التنظيمي من “قواعد النقاط الثمانية” إلى “لائحة الانضباط للحزب الشيوعي الصيني” المعدلة عام 2024، مما أدى إلى تحديث المنظومة التشريعية وتشكيل مصفوفة مؤسساتية متكاملة. وقد اندمج هذا الابتكار المؤسسي بعمق مع بناء نظام الحوكمة الوطني، ليقدم الحل الصيني لتحقيق النزاهة الإدارية على المستوى العالمي.

أما على مستوى التنفيذ، فقد أدخلت تقنية البلوك تشين لإنشاء نظام تتبع شامل لعمليات الإنفاق الحكومي، بحيث تصبح كل حركة مالية للأموال العامة شفافة، مما يعزز القيم التي تضع النزاهة في المقام الأول. ويجسد هذا النظام الشامل والدقيق في التطبيق فلسفة حوكمة تجمع بين الصرامة والمرونة.

لقد غيّرت “قواعد النقاط الثمانية” الصين بعمق، وستواصل إحداث هذا التغيير. إن التنفيذ الجاد للقواعد قد صقل الروح الجديدة لأعضاء الحزب الشيوعي الصيني في العصر الجديد، وصاغ إرادة ثورية وصلابة ثابتة لحزب عريق يمتد تاريخه لمئة عام. وقد أثبتت الممارسة أن الحزب الشيوعي الصيني يمتلك الشجاعة والمسؤولية لخوض ثورة ذاتية، وأنه فقط من خلال التمسك بالأهداف الأصلية وتذكّر الرسالة الأساسية يمكن للحزب أن يظل محل ثقة ودعم الشعب على الدوام.

ولكسر دورة النهوض والانهيار في التاريخ، وجد الحزب الشيوعي الصيني في أربعينيات القرن العشرين الجواب الأول، وهو وضع الحكومة تحت إشراف الشعب. أما اليوم، فقد وجد الجواب الثاني، وهو الإصلاح الذاتي. فـ”قواعد النقاط الثمانية” ليست مجرد سياسة، بل هي استجابة للتاريخ، وتوجيه للواقع، واستشراف للمستقبل.