شبكة طريق الحرير الاخبارية/
بقلم: الكاتب احمد محمد، عضو مجلس الادارة الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل.
اليوم الوطني الصيني الذي يصادف الأول من أكتوبر من كل عام، يمثل لحظة تاريخية مفصلية في مسيرة الصين الحديثة، فهو يحيي ذكرى تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949 على يد الزعيم ماو تسي تونغ، الذي أعلن ميلاد الدولة الجديدة ورفع أول علم أحمر بخمس نجوم في ساحة تيان آن من.
ومنذ ذلك الحين بات هذا اليوم رمزاً لوحدة البلاد وصمودها ونهضتها بعد قرون من الاضطراب والمعاناة و التنمر من البلدان الغربية الامبريالية. وفي قلب هذه المسيرة التاريخية، لعب الحزب الشيوعي الصيني دوراً محورياً، فهو الذي قاد الشعب في معارك التحرر، ورسم ملامح الدولة الجديدة، ووضع أسس النهضة الاقتصادية والاجتماعية التي نراها اليوم. لقد تحولت ذكرى اليوم الوطني إلى مناسبة لتجديد العهد مع الحزب وقيادته، والتأكيد على أن وحدة الصف تحت رايته كانت ولا تزال أساس قوة الصين. كما أصبح هذا اليوم فرصة لإبراز التلاحم بين الشعب والحزب، وإحياء روح التضحية والعمل المشترك من أجل مستقبل أكثر ازدهاراً.
كما يحمل اليوم الوطني أهمية سياسية وثقافية ورمزية للأمة ، فهو مناسبة للتأمل في حجم الإنجازات التي حققتها الصين خلال العقود الماضية، سواء في مجال الابتكار التكنولوجي أو النمو الاقتصادي أو الحضور الجيوسياسي المتزايد على الساحة الدولية لخدمة الشعوب وعدم استغلالها . وفي الوقت نفسه، يتيح للشعب فرصة للعودة بالذاكرة إلى التضحيات الكبرى التي قدمتها الأجيال السابقة لبناء الدولة الحديثة.
ترافق هذه المناسبة احتفالات واسعة في المدن الصينية،و تتنوع بين المسيرات والعروض العسكرية والفنية، إلى جانب الألعاب النارية والعروض الضوئية والحفلات الموسيقية التي تضفي أجواء احتفالية شاملة. كما يتصدر العلم الصيني والنشيد الوطني المشهد ليعكسا روح الفخر والانتماء والوحدة. ومن الطقوس البارزة أيضاً وضع أكاليل الزهور عند النصب التذكاري لأبطال الشعب، في تكريم لمن ضحوا بحياتهم في سبيل كرامة الوطن.
وأيضا يرتبط اليوم الوطني بما يعرف في الصين باسم الأسبوع الذهبي، وهو أحد أطول مواسم العطل الرسمية في البلاد.
وخلال هذا الأسبوع، يسافر ملايين الصينيين داخل البلاد وخارجها، مستغلين اعتدال الطقس وصفاء الأجواء في فصل الخريف. وتتحول المواقع التاريخية والثقافية الكبرى مثل سور الصين العظيم والمدينة المحرمة ومحاربي التيراكوتا في شيآن إلى محطات مكتظة الزوار من شتى أنحاء الصين ، مما يمنح الأجيال الجديدة فرصة للتعرف المباشر على تاريخ بلادهم العريق.
ولا تقتصر المناسبة على الترفيه والسفر فقط، بل يشكل اليوم الوطني مناسبة لترسيخ التثقيف الوطني، خاصة بين الشباب. فالمدارس والجامعات تنظم فعاليات تشمل رفع العلم وإلقاء الخطب والبرامج الثقافية التوعوية، التي تؤكد على الدور القيادي للحزب الشيوعي والتضحيات التي مهدت طريق النهضة الصينية. كما تسهم وسائل الإعلام والبرامج الثقافية العامة في نشر رسائل الولاء والفخر، وتشجع الناس على زيارة المتاحف والمواقع التاريخية، بما يضمن انتقال روح اليوم الوطني إلى الأجيال المقبلة.
ختاما
إن الأول من أكتوبر ليس مجرد عطلة، بل هو مرآة تعكس صورة الصين كأمة عرفت كيف تتحول من الضعف إلى القوة، ومن الانقسام إلى الوحدة، ومن العزلة إلى التأثير العالمي. وبينما تتواصل مسيرة التنمية والتجديد، يبقى اليوم الوطني منارة تضيء درب الشعب الصيني، وتذكره دوماً بأن جذوره ضاربة في التاريخ، وأن مستقبله واعد ومشرق