شبكة طريق الحرير الإخبارية
مةشخةل كولوسي
رئيس تحرير وكالة الصين بالكردية للأبحاث والإعلام
لا شك أن العالم يمر اليوم بمرحلة مفصلية ودقيقة جدًا، مرحلة انتقال القوة والثقل العلمي والتكنولوجي والسياسي والثقافي والاقتصادي من الغرب إلى الشرق.
هذا التحول الجوهري، الذي تقوده جمهورية الصين الشعبية، يفتح شهية جميع شعوب الأرض للحاق بالقافلة وأداء الدور المحوري المنتظر منهم في هذا التحول الكبير.
بعد خروج الصين من عزلتها الاستراتيجية مع إعلان مبادرة الإصلاح والانفتاح عام 1978، بدأت في التقرب من جميع الدول والأمم، وتبنت مبادئ واستراتيجيات عقلانية قائمة على الربح المتبادل بين الشعوب. فكل خطوة تخطوها الصين تراعي مصالح الأطراف الأخرى، وهذا ما يميز الصين التي تقود نهضة الشرق عن الغرب الذي غالبًا ما يهضم الحقوق والمصالح الشرعية لجميع الأطراف، حتى الصديقة منها.
بسياساتها العقلانية والواقعية، وبتراثها العميق والغني، أصبحت الصين ملاذًا للبشرية. وتأمل البشرية (ونحن معها) أن تبادر الصين إلى تصحيح واقع العلاقات بين الشعوب والأمم، بناءً على الحقائق والاعتراف بالتنوع والحقوق.
بعد قرون من الظلام الناتج عن اختلال التوازن بين شمال الأرض وجنوبها، وبعد سياسات الاستعمار الغربية، جاءت الصين تحمل نموذجًا مختلفًا من الحضارة والرقي والتقدم. هذا النموذج يستحق الوقوف عنده لفهمه والاستفادة القصوى منه.
رغم البعد الجغرافي الشاسع بين الصين وشعوبنا، إلا أن هناك ارتباطًا ثقافيًا وروحيًا وثيقًا، يحتاج إلى تنمية وتقوية مستمرة.
لا أخفي سرًا إذا قلت إننا جميعًا بحاجة إلى تعميق فهمنا للصين ومقاصدها التنموية والإنسانية في منطقتنا، وفي المقابل، تحتاج الصين إلى التعريف بنفسها وإيصال نموذجها إلى جميع الشعوب.
العلاقة بين كردستان وجمهورية الصين الشعبية تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، وتمتد حتى اليوم دون أي خمول أو تراجع، وهو ما يشكل دافعًا قويًا لتطوير هذه العلاقة.
في هذا السياق، السؤال ليس (من أين نبدأ؟) بل (كيف نوثق هذه العلاقة ونطورها؟)، وكيف نتجاوز عائق اللغة والجغرافيا معًا؟
مع وجود محاولات جادة للتقارب الصيني الكردي، وافتتاح الكليات ومعاهد اللغة الصينية في كردستان، واستحداث قسم اللغة الكردية في جامعة اللغات الأجنبية ببكين، ورغم وجود القنصلية الصينية في أربيل، إلا أن هناك حاجة ماسة لإطلاق إعلام صيني ناطق بالكردية، شأنه شأن باقي اللغات التي تخاطب شعوب الشرق الأوسط.
نظرًا لهذا الفراغ الكبير في بنية العلاقة الكردية–الصينية، أسسنا (وكالة الصين بالكردية للأبحاث والإعلام) واستمرينا في العمل لمدة ست سنوات، لكن المبادرات الفردية والأهلية وحدها لا تكفي لسد هذا الفراغ.
وجود قناة إعلامية صينية ناطقة بالكردية، جنبًا إلى جنب مع القنوات الصينية الناطقة بلغات شعوب المنطقة، يعزز استراتيجية الانفتاح الصيني والصداقة العميقة بين الصين وشعوب منطقتنا. نحن ورفاقنا في كردستان، كلنا أمل في نهضة الصين. وحان الوقت لنبدأ بتوطيد العلاقة، والتعريف بالصين، والسير نحو تأسيس مؤسسة إعلامية صينية ناطقة بالكردية، مثل المؤسسات الصينية الناطقة بالعربية والفارسية والتركية ولغات الأمم الأخرى.