الدكتور محمد سعيد طوغلي
شهد الشارع السوري موجة فرح عارمة عقب الإعلان عن رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على البلاد منذ سنوات طويلة. هذا القرار التاريخي، الذي طال انتظاره، فتح نافذة أمل للسوريين بعد أكثر من عقد من التحديات الاقتصادية والسياسية.
من دمشق إلى حلب، ومن درعا إلى اللاذقية، خرج المواطنون إلى الشوارع معبرين عن فرحتهم. المشاهد كانت استثنائية ، أعلام، أهازيج، وتجمعات في الساحات العامة، وكأنّ السوريين يستعيدون شيئاً من كرامتهم الوطنية المهدورة.
رفْع العقوبات أعاد الأمل بتحسن الواقع المعيشي، وزرع التفاؤل بإمكانية عودة الاستقرار الاقتصادي والإنساني تدريجياً، بعد سنوات من الحصار الخانق.
ولعل من اهم مايشغل بال السوريين تحسن الوضع الاقتصادي والآثار الإيجابية المرتقبة .
من المتوقع أن تبدأ عجلة الاقتصاد بالدوران مع تدفق رؤوس الأموال والتسهيلات التجارية. عودة الشركات العالمية والعمل مع المصارف السورية أصبح ممكناً بعد فك الحظر.
رفع العقوبات يعيد فتح باب عودة العلاقات الدولية و الدبلوماسية بين سوريا ودول العالم، مما يسهل عودة السفارات، والمشاركة في المؤتمرات الدولية، ويضع حداً لعزلة دامت طويلاً.
تحسن في الخدمات والبنى التحتية
مع إمكانية استيراد المعدات والتكنولوجيا، سيتسنى للحكومةط السورية إعادة تأهيل المستشفيات، محطات الكهرباء، وشبكات المياه.
ولا يمكننا نسيان عودة اللاجئين فإن تحسن الأوضاع قد يشجع جزءاً من اللاجئين السوريين على العودة إلى ديارهم، مما يخفف الأعباء على دول الجوار ويعيد عجلة الحياة في الداخل.
لا يمكن إغفال الدور الكبير الذي لعبه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في الدفع نحو تسوية إقليمية شاملة تشمل سوريا.
منذ سنوات، انتهج الأمير سياسة الانفتاح مع مختلف أطراف الصراع في المنطقة، وكانت رؤيته الاستراتيجية للسلام والاستقرار الإقليمي أحد الدوافع للضغط باتجاه رفع العقوبات.
وايضاً الدور القطري والتركي الذي نكن له كل التقدير .
قطر، التي طالما كانت في موقع المعارضة للنظام السوري، وداعم قوي للثورة السورية .
أما تركيا، فقد أدركت أن الاستقرار في سوريا يخدم مصالحها الأمنية والاقتصادية،
إن التقارب الثلاثي بين السعودية وقطر وتركيا، والذي رعته تفاهمات دبلوماسية خلف الكواليس، ساهم في خلق جو دولي داعم لرفع العقوبات.
أما عن الدبلوماسية السورية صبر ومثابرة وحركة نشيطة في زمن قياسي حيث لم يكن هذا الإنجاز ليحدث دون الدور الفعّال للدبلوماسية السورية، التي عملت بهدوء خلال سنوات الأزمة، وبإصرار على إيصال رسائل بأن الشعب السوري يستحق فرصة جديدة للحياة.
الزيارات، اللقاءات الجانبية، وتصريحات التهدئة كانت أدوات الدبلوماسيين السوريين لإقناع العالم بأن زمن العزلة يجب أن ينتهي.
قرار رفع العقوبات عن سوريا ليس فقط انتصاراً دبلوماسياً، بل بداية عهد جديد قد يحمل في طياته فرصاً حقيقية للنهوض من الركام. وبينما يتطلع السوريون إلى مستقبلٍ أكثر إشراقاً، تبقى الوحدة الوطنية والإرادة الصلبة هما السلاح الحقيقي لعبور المرحلة القادمة بثقة وثبات ، كل التوفيق والنجاح لسوريتنا العظيمة ومبارك لشعبنا العظيم .