في مدينة الناصرية حاضرة محافظة ذي قار العراقية، وبجوار موقع مدينة أور الأثرية، بدأت معالم مطار حديث بالتشكل، إذ يرتفع برج المراقبة الجديد بجانب ساحة وقوف الطائرات، وتتلألأ واجهة مبنى الركاب الزجاجية تحت أشعة الشمس.

فعلى مساحة إجمالية تبلغ حوالي 50 ألف متر مربع، تتولى الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية ((CSCEC)) تنفيذ مشروع مطار الناصرية الدولي، الذي تعتبره الحكومة العراقية “حجر الأساس” في برنامجها لتطوير قطاع الطيران وتعزيز الروابط التجارية والسياحية مع مختلف دول العالم.

ويشمل المشروع، الذي تنفذه الشركة الصينية، بناء مبنى ركاب جديد، وبرج مراقبة، ومبنى شحن وفندق، بالإضافة إلى تطوير وتجديد المدرج القائم وساحة وقوف الطائرات القديمة.

وقد صُمم المطار ليستوعب 750 ألف مسافر سنويًا، ومن المتوقع أن يصبح مركزًا جديدًا للنقل الجوي في جنوبي العراق بعد تشغيله.

 

وقال المدير التنفيذي للمشروع تشو له، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن شركته مسؤولة عن أعمال التصميم والبناء لجميع عناصر المطار، بما في ذلك منطقة الطيران، والطريق السريع الرابط بين وسط المدينة والمطار وإلخ.

وتابع “سنبني مطارا حديثا متكامل الخدمات لضمان رحلات سلسة وآمنة”.

ووفقًا لمتطلبات التصميم، تطور الشركة الصينية المدرج القائم إلى مدرج جديد بطول 3400 متر قادر على استيعاب إقلاع وهبوط طائرات ذات بدن واسع للمسافات الطويلة. في وقت يشكل فيه الصيف الطويل شديد الحرارة في العراق، حيث تتجاوز درجات الحرارة 50 درجة مئوية، تحديًا كبيرًا لأعمال البناء.

وقال مدير القسم التقني للمشروع لي جي يانغ، إن المدرج يتطلب مقاومة عالية للانحناء والضغط والإجهاد بمواصفات تصميم دقيقة من أجل مواجهة تأثير درجات الحرارة المرتفعة على جودة الخرسانة.

لذلك أجرى الفريق التقني ابتكارا، إذ اعتمد نظام تبريد باستخدام أجهزة التبريد بالمياه وآلة صنع الثلج المجروش، وقام بضبط مضافات الخرسانة ونسب خلطها، وفي النهاية نجح في تطوير نظام تحكم للخرسانة يتناسب مع المناخ الجاف والحار، مما سَدّ فجوة تقنية عراقية في هذا المجال، وفق لي.

وتكمن أهمية مطار الناصرية في كونه ملاصقا لمدينتي أور الأثرية والسياحية الجديدة، وسيسهم في جذب السائحين من داخل وخارج العراق، وتسهيل عملية التبادل التجاري عبر الشحن الجوي، وفق الحكومة.

وقال العراقي سامر لطيف، وهو مهندس في المشروع لـ((شينخوا)) إن مشروع المطار قريب من مدينة أور الأثرية، فدمج فريق المشروع الصيني الطابع المعماري لزقورة مدينة أور في التصميم الخارجي لمبنى الركاب الرئيسي.

وتابع سامر أن هذا الأمر حقق اندماجا بين تقنيات البناء الحديثة الصينية والثقافة التقليدية العراقية، ويمثل رؤية التبادل الحضاري، ويمنح الزائرين انطباعا بأن المطار ليس مجرد مكان عبور، بل تجربة ثقافية قائمة بحد ذاتها.

ويمثل مشروع مطار الناصرية نقطة تحول إستراتيجية لتنمية المدينة وانفتاحها على العالم. فهو لا يُعد مجرد بنية تحتية للنقل، بل بوابة اقتصادية وسياحية وثقافية مهمة، وفق المهندس العراقي.

وأوضح أن وجود مطار دولي في مدينة غنية بالإرث الحضاري كمدينة الناصرية سيسهم في جذب الاستثمارات، وتنشيط السياحة، وتسهيل حركة البضائع والمسافرين، مما يؤدي إلى تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل.

وباعتباره مشروعًا رئيسيًا لتحسين معيشة الشعب في العراق، يحظى مشروع مطار الناصرية الدولي باهتمام واسع من مختلف الجوانب العراقية.

فقد تفقد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مرارا موقع المشروع، وأعرب عن أمله في الاستفادة من الخبرات الإدارية الصينية المتقدمة وتقنيات البناء الصينية الحديثة من أجل تحويل مطار الناصرية إلى مركز نقل إقليمي مهم.

بالإضافة إلى ذلك، سيقدّم مشروع مطار الناصرية الدولي مرافق دعم صينية الصنع، مثل أنظمة إضاءة الملاحة، والمركبات الخاصة، وجسور الصعود، وأنظمة تزويد الوقود إلخ.

وفي الوقت نفسه، تعاون فريق المشروع الصيني مع الكليات والجامعات المحلية بشكل وثيق في مجالات الاختبارات الهندسية والابتكار التكنولوجي من أجل تدريب الكفاءات المهنية المحلية وتطوير التقنية الهندسية العراقية.

“بصفتنا مشاركين في مبادرة #الحزام_والطريق، نفخر بتقديم حلول لتطوير قطاعي النقل والطيران المدني في العراق”، هكذا قال تشو وهو يقف على مدرج المطار، متطلعا إلى يوم إقلاع الطائرة الأولى في مطار الناصرية الدولي.

ومن المقرر أن يتم الانتهاء من المشروع خلال النصف الثاني من العام الجاري، وفق ما أعلنت الحكومة العراقية في نهاية ديسمبر 2024.