CGTN العربية/
في فترة تفشي وباء فيروس كورونا، كان مركز الخدمات اللوجستية السريعة في مقاطعة جيانغشي بالصين مشغولا، وكانت خطوط التجميع تعمل بوتيرة متسارعة. حيث قام عمال التوصيل السريع بتسليم 63.53 مليون طرد بريدي في الربع الأول من العام بزيادة بلغت 81.7% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
يظهر المشهد المزدحم لمركز الخدمات اللوجستية السريعة في مقاطعة جيانغشي ازدهار الاستهلاك الصيني الجديد في النصف الأول من هذا العام. أشارت أحدث البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاءات في الصين في الـ 16 من يوليو الجاري أن الناتج المحلي الإجمالي للصين زاد بنسبة 3.2% في الربع الثاني من العام مقارنة مع العام الماضي بعد أن انخفض بنسبة 6.8% في الربع الأول. وكان واحد من أسباب ذلك، الاستهلاك الجديد الصاعد القائم على التقنيات الرقمية والإنترنت الذي ساهم في دفع عجلة الاقتصاد الصيني في ظل الوباء.
في الصين، يطلق على الاستثمار والاستهلاك والتصدير مصطلح “العجلات الثلاث” التي تدفع الاقتصاد. في السنوات القليلة الماضية، كان النمو الاقتصادي للصين مدفوعا بحركة الاستثمار بشكل رئيسي. وفي السنوات الأخيرة، ومع الزيادة الكبيرة في مستويات دخل المواطن الصيني، بدأ الاستهلاك يضخ قوة دافعة للنمو الاقتصادي. بعد تفشي وباء فيروس كورونا الجديد في بداية العام الجاري، كان على الجميع البقاء في منازلهم للحد من انتشار الوباء وتأثر الاستهلاك في المتاجر والأسواق بشكل كبير، ما أثار قلق الكثيرين من المهتمين بالاقتصاد الصيني خشية انكماش قوة الاستهلاك.
لكن التطور السريع لنمط الاستهلاك الجديد في ظل الوباء مازال ولايزال يضخ قوة دافعة للاقتصاد الصيني. وفقا للبيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاءات أنه في الفترة من الـ 16 من يناير حتى يونيو، بلغت مبيعات التجزئة الوطنية عبر الإنترنت 5510.1 مليون يوان بزيادة بلغت 7.3% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.
“الاستهلاك الجديد” هو نمط استهلاك جديد قائم على الإنترنت ويتمتع بمميزات رقمية وذكية. فالآن أصبح من الممكن زيارة المعالم السياحية المختلفة مثل القصر الإمبراطوري عبر الإنترنت وشراء الأطعمة بعد مواعيد إغلاق الأسواق والمحال، كما يتلقى الأطفال دروسهم عبر البث المباشر وحتى زيارة الطبيب عن بعد أصبحت أمرا متاحا.
خلال فترة الوقاية من الوباء ومكافحته، دخل نمط الاستهلاك الجديد في حياة المواطن الصيني بشكل متعمق، وكان لدى العديد من الأشخاص تجارب جديدة غير مسبوقة. ليس ذلك فحسب، فالمنتجات المختلفة من أي دولة حول العالم أصبحت منتج متاح للمواطن الصيني من خلال منصات التجارة الإلكترونية. في مهرجان “618” للتسوق الإلكتروني لهذا العام، طرحت أكثر من 25 ألف علامة تجارية أجنبية من 92 دولة ومنطقة حول العالم منتجاتها على منصات التسوق الإلكتروني الصينية.
خلال عملية السيطرة على الوباء ومكافحته، أسهمت الأشكال الجديدة للترويج مثل البث المباشر في دفع عجلة الاقتصاد.
تظهر البيانات الكبرى الصادرة عن وزارة التجارة الصينية أنه في الربع الأول من العام الجاري، كان هناك أكثر من 4 ملايين بث مباشر لتسويق منتجات عبر منصات التجارة الإلكترونية، ودخل أكثر من 100 مسؤول إلى غرف البث المباشر للترويج لمنتجات المحلية في مناطقهم
يعتقد الخبراء أن الاستهلاك الجديد عبر الإنترنت المدفوع بالتكنولوجيا الرقمية يمكن أن يتطابق بشكل أكثر فاعلية بين العرض والطلب، وأنه يساعد الشركات المعنية على استئناف عجلة الإنتاج بشكل أسرع، ويشجع إطلاق إمكانات الاستهلاك، ويلعب دورا محوريا في تعزيز الاقتصاد واستقرار العمالة.
يبلغ إجمالي تعداد سكان الصين 1.4 مليار نسمة وهناك أكثر من 400 مليون شخص ينتمون إلى الطبقة متوسطة الدخل، كما دخلت استثمارات الشركات الأجنبية في مجال الاستهلاك الجديد في السوق الصينية. فعلى سبيل المثال لا الحصر استثمرت ستاربكس 129 ميلون دولار أمريكي لبناء مصنع لتحميص البن في مدينة كونشان بمقاطعة جيانغسو بشرقي الصين.
مما لا شك فيه أن وباء فيروس كورونا الجديد أثر على وتيرة تنمية الاقتصاد الصيني بشكل ملحوظ. ولكن تطور نمط الاستهلاك الجديد في الصين خلال الوباء أظهر أن الصناعات التقليدية تحتاج إلى التقنية المعلوماتية، التي تساعد على إيصال طلب المستهلك وخلق المزيد من إمكانات النمو الاقتصادي. كما أصدرت الحكومة الصينية سلسلة من السياسات لتعزيز تنشيط السوق الاستهلاكية وخلق المزيد من فرص العمل.
من المتوقع أن يؤدي الزخم الداخلي والدعم القوي للسياسات إلى خلق المزيد من الإمكانات الاستهلاكية للسوق المحلية الصينية ودفع الاقتصاد الصيني إلى تطور أعلى جودة.