شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بكين 15 مارس 2025 (شينخوا) في مكتب البروفيسور ستيليوس فيرفيداكيس الذي يعجُّ بالكتب في جامعة أثينا، أقدم المؤسسات الأكاديمية وأعظمها مكانة في اليونان، تُحفظ رسالة بعناية كما لو كانت نموذجا مجسما لجسر ثمين وقيم.
وصلت هذه الرسالة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، حيث بُعثت لتوجيه التهنئة بمناسبة افتتاح المركز الصيني-اليوناني للتعلم المتبادل بين الحضارات في هذه الجامعة العريقة وذلك في فبراير 2023.
وقد قال فيرفيداكيس، ونظرة الفيلسوف في عينيه تَنُمُّ عن استحضاره لهذه الذكرى، “لقد كانت مفاجأة سارة لنا جميعا”.
في رسالته، أشار شي إلى أنه قبل أكثر من ألفي عام، قدّمت الصين واليونان، وهما حضارتان لامعتان على طرفي قارة أوراسيا، إسهامات رائدة لتطور الحضارة الإنسانية.
ولفت إلى أنه من الأهمية التاريخية والمعاصرة العميقة الآن أن تعمل الدولتان معا لتدعيم التبادلات والتعلم المتبادل وتعزيز تطور جميع الحضارات.
تعكس هذه الرسالة المحفوظة جيدا رؤية شي الأوسع لتعزيز الحوار بين الثقافات والتعلم المتبادل كعامل محفز للسلام والتنمية العالميين، وهي رؤية تدفع عمله الدبلوماسي في جميع أنحاء العالم.
ويتجسد هذا التطلع على أفضل وجه في مبادرة الحضارة العالمية التي طرحها في مؤتمر عُقد بين الحزب الشيوعي الصيني والأحزاب السياسية العالمية عام 2023، حيث أكد أن التسامح والتعايش والتبادلات والتعلم المتبادل بين مختلف الحضارات هي أمور تلعب دورا لا غنى عنه في دفع عملية تحديث البشرية عندما يكون مستقبل جميع الدول مرتبطا ببعضه البعض ارتباطا وثيقا.
ومع اقتراب مبادرة الحضارة العالمية من الذكرى السنوية الثانية لطرحها والتي تحل اليوم (السبت)، أصبحت رؤية شي — المتمثلة في بناء عالم لا تتصادم فيه الحضارات بل تتحاور — أكثر أهمية من أي وقت مضى، حيث تمثل تحية للروابط القديمة وفي الوقت ذاته خطوة جريئة لترميم نسيح عالمي متهالك.
— نهم للمعرفة شرقية كانت أم غربية
قالت تشن تشيو يينغ، التى ساعدت شي على دراسة اللغة الصينية في عام 1965 عندما كان شي في سن المراهقة، إن “هذا الفتى كان قارئا نهما للأدب والتاريخ، وكان مفتونا بشكل خاص بشعر دو فو”.
كان دو فو، وهو أكثر شعراء المدرسة الواقعية تبجيلا في عهد أسرة تانغ (618-907)، معروفا بما لديه من مشاعر تعاطف وتراحم عميقة تجاه عامة الناس في أعماله، ويتردد صدى هذه الروح في التزام شي الراسخ بمكافحة الفقر وتعزيز رفاه الشعب.
واستذكرت تشن قائلة “طلب مني شي بإلالحاح أن أوصى له بالمزيد من أعمال دو فو ليقرأها”، مشيرة إلى أنه “كان يتمتع بطبيعة هادئة وعقلانية، حيث انغمس في قراءة واسعة وتأمل عميق”.
بعد أربع سنوات، وبصفته طالبا شابا متعلما، تطوع شي للذهاب إلى ليانغجياخه، وهي قرية معزولة وفقيرة تقع في منطقة ذات تضاريس وعرة بمقاطعة شنشي في شمال غرب الصين.
حمل شي معه حقيبتين مليئتين بالكتب. وخلال السنوات السبع التي قضاها هناك، التهم شي كل ما وقعت عليه عيناه من كتب، بدءا من الكتب المدرسية الصينية القديمة وصولا إلى الروايات الأجنبية مثل كتاب ((الأحمر والأسود)) لستاندال، وكتاب ((الحرب والسلام)) لليو تولستوي.
“خلال تلك الأيام في ليانغجياخه، لم يتوقف شي قط عن القراءة والتأمل”، هكذا قال داي مينغ، الذي كان يتشارك مع شي مسكنا في كهف آنذاك.
ومنذ ذلك الحين ظل شغف شي العميق بالثقافات المختلفة مستمرا دون انقطاع، سواء خلال عمله كمسؤول محلي أو كزعيم أعلى للصين. وأثناء توليه منصب أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني لمقاطعة تشجيانغ، دعا الباحثين لإلقاء محاضرات حول كل من الفلسفتين الصينية والغربية.