شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم: عصام إيدام
خبير أجنبي بمجموعة بيت الحكمة للتبادل الثقافي الدولي
بأعتباري أعيش في الصين منذ 7 أعوام ونيف لأغراض الدراسة والعمل، فكل ما كان يشغل تفكيري هو نقل ما نجحت الصين في تحقيقه اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا إلى بلدي السودان، وأكثر ما أثار اهتمامي هو نجاح الصين ذات القوميات المتعددة في تحقيق الوحدة الوطنية وكفالة المساواة بين شعبها المختلف والمتعدد العرقيات، كون الوحدة الوطنية عنصر أساسي من ركائز مقومات الوطن، واللبنة الأساسية لبناء وتنمية الوطن وتقدمه، فكيف نجحت الصين في تحقيق التعاضد بين الشعب وقياداته؟ وما هي التدابير والإجراءات التي اتخذتها الصين ذات التعدد والتنوع العرقي والتي بدورها أدت إلى استقرار الصين وبنائها وتطورها؟
تتمتع الصين بتنوع عرقي كبير حيث تحتوي الصين علي 56 قومية أو عرقية، وقبل سياسية (الإصلاح والانفتاح)، كانت المجموعات العرقية المختلفة في الصين تعيش في الأصل في مناطق متفرقة ذات مناطق سكنية ثابتة نسبيا، ولم يكن من السهل عليهم التنقل، وقد حولت سياسة الإصلاح والانفتاح الصين من دولة ثابتة إلى دولة متنقلة، حيث ساهم تطور المواصلات ونظام الدعم الحكومي ونظام تسجيل الأسر ووحدات العمل والتوسع الحضري في الصين إلى تسهيل التنقل والاحتكاك بين المجموعات العرقية المختلفة في الصين بشكل غير مسبوق. ولتفادى حدوث صراعات عرقية، وبغرض تعزيز التنمية الشاملة للأقليات العرقية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، قامت الحكومة الصينية بصياغة سلسلة من السياسات منها:
المساواة بين القوميات والوحدة الوطنية
وفقًا للدستور فكل الصينيون بمختلف قومياتهم يتمتعون بالمساواة والحقوق ويؤدون نفس الواجبات وفقا للقانون، ومكافحة كافة أشكال الاضطهاد والتمييز العرقي.
الحكم الذاتي
منح الحكم الذاتي للأقليات في مناطق كثافتها السكانية، بالتوافق مع المصالح الوطنية للبلاد، وذلك لإرضاء رغبة الأقليات في المشاركة بفعالية في الحياة السياسية للبلاد، وضمان سيادة شؤونها الخاصة، وحماية وحدة البلاد.
إقامة المشاريع الاقتصادية والثقافية في مناطق الأقليات
قامت الصين استنادا إلى الظروف الفعلية لمناطق الأقليات، بصياغة وتبني سلسلة من السياسات والتدابير الخاصة لمساعدة ودعم التنمية الاقتصادية بها، زادت الدولة الاستثمار في مناطق الأقليات وسرعت وتيرة الانفتاح على العالم الخارجي في مناطق الأقليات، مما أعطى حيوية جديدة للتنمية الاقتصادية في مناطق الأقليات.
إعداد الكوادر الحزبية الشبابية
إعداد القيادات الشابة من الأقليات في كل انحاء الصين للإنخراط في العمل السياسي، بحيث تحتل نسبة مناسبة في الهيئات القيادية والحكومات، ومجالس نواب الشعب والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني على كافة المستويات.
تطوير قطاع العلوم والتعليم والثقافة والصحة وغيرها من المشاريع في مناطق للأقليات.
على سبيل المثال تهتم الصين بتطوير التعليم الخاص بالأقليات، حيث تأخذ الدولة في الاعتبار خصائص الأقليات والظروف الفعلية للمناطق الخاصة بها، وتدعمها وتساعدها بنشاط على تطوير التعليم. على سبيل المثال، ضرورة احترام حق مناطق الأقليات ذاتية الحكم في تطوير مناهج تعليمية خاصة بها بشكل مستقل، وإيلاء أهمية تعليم اللغة المحلية للأقليات واعتماد التدريس ثنائي اللغة.
طورت الصين المشاريع العلمية والتكنولوجية في مناطق الأقليات، والتركيز على تنمية وتدريب الدارسين من الأقليات، وتحويل الصناعات التقليدية والمنتجات التقليدية، ودعم تحسين العلوم والتكنولوجيا التقليدية، وتحسين الفوائد الاقتصادية.
عززت الصين الخدمات الصحية في مناطق الأقليات، وتأهيل الكوادر الصحية في مناطق الأقليات، ودعم تطوير الطب بقوة.
تدعم الصين ثقافة الأقليات، وتساعدها على تطوير المشاريع الثقافية، وتشكيل مجموعات ثقافية وفنية محلية، وتنمية المواهب الأدبية والفنية للأقليات، لدعم ازدهار الإبداعات الأدبية والفنية للأقليات.
استخدام وتطوير لغة الأقليات
ينص الدستور الصيني على أن جميع المجموعات العرقية في الصين تتمتع بالحرية والحق في استخدام وتطوير لغاتها المنطوقة والمكتوبة. كما يجب على الحكومات الشعبية على جميع المستويات أن تدعم مالياً تجميع ونشر المواد التعليمية والمنشورات بلغات الأقليات، ومنح الحق لجميع المواطنين من جميع المجموعات العرقية استخدام لغاتهم الخاصة في التقاضي.
احترام عادات وتقاليد الأقليات
تحمي الحكومة حقوق جميع الأقليات في الحفاظ على عاداتها وتقاليدها. واحترام عادات الأكل وطقوس الأعياد، والجنائز، وتمنع حدوث انتهاك عاداتها وتقاليدها، واحترام حرية الأقليات في إصلاح عاداتها وتقاليدها.
احترام وحماية المعتقدات الدينية للأقليات
ينص دستور الصين على أن “مواطني جمهورية الصين الشعبية يتمتعون بحرية المعتقد الديني”. حيث أن لكل مواطن حرية الاعتقاد بدين أو عدم الاعتقاد بدين.
فكل تلك الإجرارت التي اتخذتها الصين في سبيل تعزيز الوحدة الوطنية والشعور بالإنتماء للبلد، تكللت بدعم استقرار الصين والذي كفل الاستقرار السياسي والأمني، والذي أدى بدوره إلى التنمية والتطور السريع الذي تعيشه الصين اليوم، فهل اتخاذ مثل هذه الإجراءات في السودان كفيلة بحل النزاعات الجهوية والعرقية في السودان؟؟؟