شبكة طريق الحرير الاخبارية
الصين جمعت بين العراقة والحداثة فحققت الإبهار وغيرت بذلك مفهوم ومصطلح الدولة النامية
بقلم بادي مكي
نائب رئيس تحرير شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية وعضو الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل
أولا أشكر دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني على الدعوة الكريمة وتكرمها بإعطائي هذه الفرصة لزيارة جمهورية الصين الشعبية الصديقة، وعلى كرم الضيافة وحسن الاستقبال الذي لقيته من طرف الرفاق في الحزب الشيوعي الصيني المجيد في جميع المدن والمناطق التي زرتها.
لقد كانت زيارتي هذه وهي الأولى إلى الصين جد رائعة ومفيدة، تعرفت وتعلمت من خلالها على كثير المفاهيم والمعلومات عن الصين، خاصة انني مهتم بحضارة هذا البلد الصديق وشغوف بالتعرف عليها عن قرب، فجاءت الفرصة لأشاهد بأم عيني ذلك الرقي في العدالة الاجتماعية وذلك التطور في المنشآت التحتية وذلك النظام الجيد والانظباط زوالأمن والاستقرار الذي ينعم به الشعب الصيني في مختلف مناطق البلاد.
إن اهتمامي وإعجابي بهذا البلد نابع من مواقفها التاريخية نحو بلادي الجزائر، ومن خلال قراءتي للتاريخ وجدت أن العلاقات الجزائرية التاريخية مع جمهورية الصين الشعبية متينة وقوية ومتميزة وقديمة تعود جذورها إلى سنوات ثورتنا الجزائرية المظفرة، فمباشرة بعد إعلان تأسيس الحكومة الجزائرية المؤقتة، كانت الصين أول دولة غير عربية تعترف بالحكومة الجزائرية المؤقتة عام 1958 م، وكان دلك بعد ثلاث أيام فقط من تأسيس الحكومة. ولتأكدهم ومعرفتهم بوزن الصين الدولي سارع زعماء الثورة الجزائرية بإرسال وفدا ثلاثيا برئاسة بن يوسف بن خدة إلى جمهورية الصين الشعبية ، حيث استقبل الوفد استقبالاً يخص به عادة الرؤساء فقط ، وقد تم عزف النشيدين الوطنيين الجزائري والصيني، وقد كانت تلك هي المرة الأولى التي يعزف فيها النشيد الوطني الجزائري من قبل فرقة عسكرية أجنبية، فكان جيش التحرير الصيني أول من عزفه ، ولأصالة الدولة الجزائرية وشعبها كان رد الجميل من طرف الجزائر، في عديد المواقف وخاصة حين لعبت دوراً كبيرا في استعادة الصين لمقعدها الشرعي في هيئة الأمم المتحدة، وكثير المواقف الطيبة التي ميزت هذه العلاقة الوطيدة هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، لا أُخفي انبهاري بمنجزات الصين وبسياساتها المنتهجة تحت راية الحزب الشيوعي الصيني المجيد بقيادة القائد الحكيم شي جين بينغ، مكنت الصين لتكون ثاني اقتصاد في العالم وأحد أقطاب العالم الذي نادى به الزعيم (شي جين بينغ) عالم متعدد الأقطاب.
فالصين هي تلك الدولة الواقعة في غرب القارة الأسيوية، تتمتع بمساحتها الشاسعة، وبحضارتها العريقة المتعاقبة على مر الأزمنة، تلك الحضارة التي سبقت حضارات الشعوب الأخرى، إذ تعد الحضارة الصينية من أقدم الإمبراطوريات المتطورة في العالم القديم ، بل كانت هي الأبرز و الأرقى، ولقد قدمت هذه الحضارة القديمة مساهمة عظيمة، في بعث الاختراعات والخدمات لبني البشر منها في مجالات متعددة مثل العلوم، الهندسة المعمارية، إنتاج الحرير، الورق، الطباعة، جهاز البوصلة ، الفنون منها القتالية والأدبية والفنية، الفلسفة، طبعا كل هذه الميزات ألهمت بني البشر في كافة أقطار هذا الكوكب وجعلت من الصين قدوة يحتذى بها للجميع .
وللثقافة الصينية قديما وحديثا تأثير كبير وعميق على بلدان العالم وشعوبها فهناك قول مأثور لدينا نحن العرب يقول (أطلبوا العلم ولو في الصين) وهذا إكبارا لهذه الدولة العظيمة، فبرغم بعد المسافات إلا أن الصين تستحق الزيارة والسفر إليها من أجل طلب العلم أو التجارة أو السياحة او استلهام الأفكار وتلك التجارب العظيمة أو غير ذلك من متطلبات الحياة.
لقد مرت الصين وشعبها بالعديد من المراحل التاريخية الشاقة، فكانت الإرادة والعزيمة القوية والتخطيط الحكيم والتفاني في العمل وحسن التسيير بوابة الانتقال الصيني نحو التقدم والازدهار، محققة قفزة نوعية في كل المجالات وخاصة في التكنولوجيا الحديثة، والدكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة، والطاقات المتجددة والاقتصاد الأخضر، وعلوم الفضاء، وتكنولوجيا المعلومات والدفاع والزراعة،، لتتحول الصين اليوم إلى دولة عظمى وتغير مفهوم ومصطلح الدولة النامية .
إن هدا السجل التاريخي الحافل والتطور العظيم للصين جعل بعض الدول الغربية تسعى لتحطيمها واحتلالها قديما ونذكر منها، الأطماع اليابانية، ومحاولتها التوغل في الأراضي الصينية، حيث ارتكبت اليابان مجازر كبيرة من قتل ونهب واغتصاب، فكانت من أفظع الجرائم التي ارتكبتها دولة غازية ومعتدية على دولة أخري، وقبلها تكالبت بعض الدول الغربية على الصين .
و نحن الجزائريين نعرف ونعي هذا التكالب الغربي ولنا تجربة مريرة في هذا الأمر، يوم استنجدت فرنسا الاستعمارية بقوات الحلف الأطلسي لممارسة جرائمها وحرق الأخضر واليابس في الجزائر.
فالصين كذلك عانت من هذا التحالف الغربي والمتمثل في ما يسمى بحرب الأفيون الثانية والمعروفة أيضاً باسم “حرب السّهم” أو “الحرب الأنجلو- فرنسية في الصين” ، حين ساعدت فرنسا المجرمة بريطانيا ضد الصينيين، وقد كان السبب الأول والرئيس لإندلاع هذا العدوان الغاشم على الصين هو عدم قبولها وشعبها انتشار تجارة المخدرات والأفيون التي مارسها التجار الإنجليز الذين كان هدفهم الأول هو إضعاف الشباب الصيني وجعلهم عاجزين عن العمل وتحطيم الروح المعنوية لديهم وإبعادهم عن عاداتهم وتقاليدهم الأصيلة والراقية .
وهناك عديد الاعتداءات التي تعرضت لها الصين وآخرها كان التدخل الغربي والأمريكي في تايوان التي هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية وكل ما يخص تايوان يُعتبر من الشؤون الداخلية المحضة لجمهورية الصين الشعبية، ولا يحق لأي دولة كانت أن تتدخل في هذا الشأن.
وكل ما سبق ذكره وعديد الأحداث الأخرى التي حاول بواسطتها دول الغرب إركاع الصين ووضعها تحت سيطرته، وبدرجات متفاوتة كما ذكرت سالفا، فكانت كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والنمسا و المجر و أخرها الولايات المتحدة الأمريكية تكيل الحقد الدفين للصين وتسعى لتشويه صورتها بنشر الأكاذيب والاتهامات للصين ، وهذا كله من شدة الخوف الذي تهابه من العملاق الصيني الناعم الذي يعمل في صمت، الدي استطاع إنجاح التجربة الاشتراكية ذات الخصوصيات الصينية في العصر الجديد، فكانت المفاجئة الصادمة للولايات المتحدة الأمريكية بسقوط التجربة الاشتراكية في الإتحاد السوفياتي ، وأحست حينها أنها هي المسيطرة على العالم إلى درجة أنها باتت تتصرف وكأنها الشرطي النافد على العالم .
لكن هيهات فقد أصبحت تجربة الصين ظاهرة في التنمية، وأن السياسات والمناهج التي تطبقها على المستوى الداخلي والخارجي أُدرجت كمادة للدراسة في العديد من الجامعات وأصبحت تجربتها قدوة كل الأحرار في هذا العالم.
وقد جاء هذا النجاح طبعا بعد نضال الشعب الصيني وكفاحه المرير الذي مر على عديد المراحل بعد الكثير من التقلبات والنضال الشاق ليصل اليوم إلى مصاف الدول الكبرى والعظمى ، خاصة ما حققه الحزب الشيوعي الصين المجيد من إنجازات تاريخية، وكتب العديد من الفصول ، والصفحات المشرقة التي تستحق منا الإعجاب والثناء والتقدير والاحترام.
فقد قاد هذا الحزب الذي تأسس سنة 1921 م الصين إلى بر الأمان، وأطاح بالإمبريالية والإقطاعية والبيروقراطية والرأسمالية، التي جثمت فوق خصوصیات و قلوب الشعب الصيني، وأثقلت كاهله، هذا الحزب الذي قاد جمهورية الصين الشعبة العظمية إلى الأمام وانتهج سياسة الإصلاح والانفتاح وأرسى النظام الديمقراطي الشعبي، مُحَققاً نظاما اشتراكيا أساسيا شاملا بخصائص صينية راقية، وأتخذ قرارات تاريخية عظيمة، وسعى من أجل عالم متعدد الأقطاب.
وكل هذا النجاح جاء نتيجة حسن التسيير والحوكمة في إدارة شؤون البلاد التي تميز بها قادة ومسؤولي الحزب الشيوعي الصيني المجيد ونواته الزعيم شي جين بينغ، ما أسهم بالإيجاب في ترقية حياة الشعب الصيني والنهوض به إلى الثراء والقوة، والعيش في رفاهية ورخاء مع كفاية الغذاء والكساء والتعليم والعلاج والعمل وكل متطلبات الحياة. فبفضل هذه السياسات الراشدة أصبحت الصين ثاني أقوى وأكبر إقتصاد في العالم.
مقالة ممتازة وتتحدث عن دولة عملاقة وصديقة للجزائر شكرا للسيد بادي وكل طاقم شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية هذا المنبر الاعلامي الذي فتح لنا نافذة لنعرف الصين الحقيقية