شبكة طريق الحرير الإخبارية/
شانغهاي 9 أغسطس 2024 (شينخوا) “في عام 1999 نظمنا معرضا مماثلا بالتعاون مع المتحف البريطاني، وبعد أكثر من 20 عاما، نقيم الآن هذا المعرض بالتعاون مع الجانب المصري. توقعنا أن يجتذب المعرض اهتمام الجمهور، ولكن خلال الأيام القليلة الماضية منذ افتتاحه، فاقت استجابة الجمهور وحماسته توقعاتنا”. هذا ما جاء على لسان لي فنغ نائب مدير متحف شانغهاي، الذي يحتضن حاليا معرض “على قمة الهرم: حضارة مصر القديمة”.
ينظم هذا المعرض بالتعاون بين متحف شانغهاي والمجلس الأعلى للآثار في مصر، وتحت إشراف الهيئة الوطنية للتراث الثقافي في الصين ووزارة السياحة والآثار المصرية. ويضم المعرض 492 مجموعة تشمل 788 قطعة أثرية ثمينة، تم اختيارها بعناية من المتاحف المصرية ومواقع البعثات الأثرية المختلفة.
ويسلط المعرض الضوء على جوانب متعددة من الحضارة المصرية القديمة، بما في ذلك الدين والفنون والحياة اليومية. يمكن للزوار استكشاف التطور التاريخي لمصر من خلال المعروضات، التي تعكس براعة المصريين القدماء في مجالات متعددة، وهذا من أكثر ما يجذب الجمهور الصيني المحب للمعرفة بطبعه.
— إقبال جماهيري كبير وأصداء إيجابية واسعة
شهد المعرض إقبالا كبيرا من قبل الزوار الصينيين منذ افتتاحه في يوم 19 يوليو الماضي. وذكر متحف شانغهاي أن متوسط عدد الزوار اليومي بلغ 11 ألف زائر. وفي غضون شهر واحد من إطلاق الحجز المسبق في شهر مايو الماضي، تم بيع جميع التذاكر البالغ عددها 200 ألف تذكرة، مما يعني أن جميع مواعيد الزيارة لشهري يوليو وأغسطس قد حجزت بالكامل.
وأمام تدفق الزوار الضخم، زاد متحف شانغهاي 3000 تذكرة يوميا مخصصة لزيارات الفترة المسائية، لتلبية طلب الزوار المتحمسين.
وتلقى المعرض إشادة واسعة من قبل الزائرين، وقالت إحدى الزائرات لوكالة أنباء شينخوا: “المعرض مذهل ويفتح نافذة على واحدة من أقدم وأعظم الحضارات في العالم”. وأضافت أخرى: “إنه تجربة تعليمية رائعة لأطفالنا”.
ويوجد تنوع هائل في أعمار الزوار، والملفت للنظر أن جميع الزوار بمختلف أعمارهم، من كبيرهم إلى صغيرهم، شغوفون بالحضارة المصرية. وقال أحد الأطفال: “قرأت عن مصر القديمة من قبل لكن رؤية الآثار المصرية بأم العين شيء مختلف ورائع للغاية”، وقال أحد الزوار من كبار السن: “مصر والصين متشابهتان، إذ يتمتع البلدان بتاريخ وحضارة عظيمين، لم تسنح لي الفرصة لزيارة مصر من قبل، وأشعر بسعادة غامرة وأنا أشاهد الآثار المصرية في بلدي الصين”.
وتشمل المعروضات تماثيل لملوك مصر القديمة مثل توت عنخ آمون ورمسيس الثاني وأخناتون، بالإضافة إلى تماثيل المعبودات المصرية مثل باستت وإيزيس وأوزيريس، كما يضم المعرض مجوهرات ملكية مرصعة وتوابيت خشبية مطلية، وتماثيل ومومياوات للحيوانات تم اكتشافها حديثا في منطقة سقارة.
والجدير بالذكر أن التحضير لهذا المعرض استغرق 14 شهرا قبل افتتاحه، وشمل دعما نشطا من المجلس الأعلى للآثار في مصر. وخلال هذه الفترة، جرت عدة جولات من المشاورات لاختيار المعروضات بعناية. وأكد لي فنغ أن هذا المعرض ليس الأول للآثار المصرية في الصين، لكنه الأكبر والأطول مدة، حيث يستمر لمدة 13 شهرا، مما يجعله حدثا نادرا وفريدا من نوعه.
— تعزيز تجربة الزيارة بدعم من التكنولوجيات
يتميز المعرض أيضا بعروض تفاعلية وتوضيحية، مما يسمح للزوار بالتفاعل مع المعروضات وفهم تاريخها وقيمتها الثقافية. فعلى سبيل المثال، تم تجهيز المعرض بتقنيات الواقع الافتراضي، إذ يوجد به نظارات واقع افتراضي تقدم شرحا مفصلا للمعروضات بمجرد أن يعطيها الزائر أمرا بذلك.
وأوضح لي فنغ أن المعرض يهدف إلى تعزيز التفاهم الثقافي بين الصين ومصر، وتعريف الجمهور الصيني بالحضارة المصرية القديمة. لذلك، سينظم المتحف سلسلة من الفعاليات التعليمية لتعريف الأشخاص من مختلف الفئات بالحضارة المصرية القديمة بشكل أعمق. وتشمل هذه الفعاليات 12 محاضرة خاصة و24 ورشة عمل خاصة وجلسات طلابية متعددة على مدار العام.
— ترويج قيمة الآثار الثقافية
شكل المعرض فريقا لتصميم المنتجات الثقافية والإبداعية التي تتمحور حول الآثار المصرية والعناصر الثقافية المصرية، مثل ورق البردي وسلاسل المفاتيح ومغناطيس الثلاجة والأكواب والحقائب وغيرها، والتي لاقت رواجا واسعا بين المستهلكين الصينيين وخاصة الشباب منهم، حتى أن المعروض منها لم يعد كافيا لتلبية الطلب عليها.
وفي هذا الصدد، قال لي فنغ: “منطلق فكرتنا هو ترويج الثقافة عن طريق المنتجات الثقافية والإبداعية، مع الحفاظ على أسعار ملائمة. أطلقنا أكثر من 600 نوع من هذه المنتجات حتى الآن، ومن المخطط إطلاق أكثر من 400 نوع أخرى، ليصل العدد الإجمالي إلى أكثر من 1000 نوع، وهو ما يعد رقما قياسيا مقارنة بعدد المنتجات الثقافية والإبداعية في المعارض الخاصة التي نظمناها سابقا”.
كما شكل المعرض فريقا من المتطوعين لتقديم الخدمات المتنوعة للزوار. كما وفر للزوار أماكن لتناول المأكولات والحلوى المصنوعة على شكل الأهرامات المصرية وغيرها من الآثار الثقافية الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، صمم متحف شانغهاي سويا مع شركة سياحية حافلات بموضوع الحضارة المصرية القديمة وسفينة سياحية على نهر هوانغبو مزينة بالعناصر المصرية القديمة ويُقدم على متنها الطعام المصري والعروض الفنية المصرية، والتي اجتذبت عددا كبيرا من السياح الصينيين أيضا.
— نموذج له تأثيرات مستقبلية
في شهر مايو الماضي، وخلال مراسم افتتاح الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني-العربي، أعرب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن استعداد بلاده للعمل مع الدول العربية لتعزيز التبادلات الشعبية والثقافية ودفع القيم المشتركة للبشرية جمعاء، ليصبح التعاون بين الجانبين نموذجا للتعلم المتبادل بين الحضارات في العصر الجديد. ويعد معرض الحضارة المصرية القديمة المقام حاليا ممارسة حية لهذه الرؤية.
ومن المتوقع أن يستمر النجاح الكبير للمعرض طوال فترة إقامته، مما يعزز العلاقات الثقافية بين الصين ومصر. كما سيكون لهذا المعرض دور كبير في تعزيز الفهم المتبادل بين الثقافات المختلفة وتشجيع المزيد من التعاون في مجالات الآثار والثقافة والتعليم بين الصين والدول العربية.
وأعرب لي فنغ عن أمل متحف شانغهاي في تقديم تجربة فريدة تعكس عظمة الحضارة المصرية وتاريخها الغني للجمهور الصيني. ومع هذا النجاح الكبير، يترقب الجميع بشغف ما سيقدمه متحف شانغهاي في المستقبل من معارض وفعاليات ثقافية تعزز من التفاهم والتواصل بين شعوب العالم.