شبكة طريق الحرير الاخبارية/
من زراعة الأشجار إلى “الطاقة المتجددة + إدارة البيئة”: تطور مفاهيم وأساليب مكافحة التصحر في الصين
بقلم فاتن دونغ، إعلامية صينية
تعد الصين واحدة من أكثر الدول تعرّضا لأضرار التصحر في العالم. وبعد أكثر من نصف قرن من الجهود الدؤوبة، اكتشفت الصين بعض الأساليب الفعالة لمكافحة التصحر، مما قدم “تجربة صينية” ثمينة لمكافحة التصحر عالميا.
زراعة الأشجار
تتمتع الصين بخبرة عملية وفيرة في مجال التشجير، منها على سبيل المثال، قررت وزارة الغابات الصينية في عام 1962 بناء غابات اصطناعية “سايهانبا” لمنع توسع الأرض الرملية التي ظلت تهدد العاصمة الصينية بكين ومدن شمالية أخرى. وبفضل العمل الجاد الممتد لثلاثة أجيال من مزارعي الأشجار، أصبحت سايهانبا التي كانت أرضا قاحلة شاسعة، أكبر غابة من صنع الإنسان في العالم. حيث تمت زراعة أكثر من 1.15 مليون مو من الأشجار (نحو 76666 هكتار)، وارتفعت نسبة الغطاء الغابي من 11.4% إلى 82%. إذا تم وضع هذه الأشجار بمسافة متر واحد بين كل شجرة، فستكون قادرة على الالتفاف حول خط الاستواء 12 إلى 13 مرة. وفاز مشروع سايهانبا ومؤسسوها بجائزة حياة الأرض وجائزة بطل الأرض من الأمم المتحدة بفضل إسهامها الكبير في هذا المجال.
طريقة “مربعات قش القمح”
إن طريقة “مربعات قش القمح” لمكافحة التصحر عبارة عن وضع قش بطول متر واحد بشكل أفقي على الرمال، ووضع المجرفة في المنتصف والضغط بقوة إلى عمق 20 سم، وتكرار العملية لتشكيل مربع مساحته 1 متر مربع. تكون المربعات منخفضة في الوسط ومرتفعة على الجوانب الأربعة، وقد أظهرت الاختبارات أنه عندما تهب الرياح، لا يتجاوز ارتفاع الرمال الناعمة المتطايرة 15 سم بشكل عام. وبعد أربع إلى خمس سنوات، يتعفن القش مما يضيف المواد العضوية والعناصر الغذائية إلى الرمال المتحركة، ومع مرور الوقت، تبدأ الحشائش الصغيرة في الظهور والنمو، وتليها النباتات العشبية، والشجيرات، وشبه الشجيرات والنباتات الصحراوية. قد حصلت هذه الطريقة على الجائزة الوطنية للتقدم العلمي والتكنولوجي وأصبحت تُستخدم على نطاق واسع في نينغشيا وغيرها من الأماكن.
“الطاقة المتجددة + إدارة البيئة”
مع التقدم التكنولوجي والتحول في مفاهيم التنمية، بدأت المزيد من المناطق في الصين بتطبيق نموذج جديد لمكافحة التصحر يجمع بين الطاقة المتجددة والإدارة البيئية. حيث أن الصحاري الواسعة والأراضي القاحلة تُعد مثالية لإنشاء محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بسبب مساحتها الشاسعة ووفرة موارد الشمس والرياح.
أولا، توفر الألواح الشمسية ظلا للنباتات مما يقلل من تبخر الماء، كما تشكل حاجزا ضد الرياح والغبار، ويوفر ملجأ للنباتات التي كانت تزرع وتنمو بصعوبة. بالإضافة إلى أن المياه المستخدمة في تنظيف الألواح الشمسية تساعد النباتات على النمو.
ثانيا، لا تلعب النباتات الموجودة تحت الألواح الكهروضوئية دور تثبيت الرمال ومنع الكثبان الرملية من دفن الألواح الكهروضوئية فحسب، بل يمكنها أيضا قمع الغبار وتقليل الغبار المتساقط على الألواح الكهروضوئية، مما يعزز من كفاءة توليد الطاقة.
ثالثا، تساعد الركائز أو أساسيات الدعم لمحطات الطاقة الكهروضوئية على تثبيت الرمال أيضا.
رابعا، تنشيط الصناعات المحلية، تطوير الزراعة وتربية الحيوانات تحت الألواح الشمسية يوفر مصادر جديدة للدخل للسكان المحليين.
إن محطة “جيونما” الكهروضوئية في منطقة منغوليا الداخلية خير مثال على تطبيق هذا النموذج الجديد، حيث تعمل المحطة على تحقيق التنمية المتكاملة التي تجمع بين إدارة البيئة، وتطوير الطاقة الجديدة، واقتصاد الزراعة والسياحة. تولد المحطة الآن كهرباء خضراء تصل إلى 2 مليار كيلووات ساعة سنويا، مما يقلل من استخدام الفحم القياسي 680 ألف طن سنويا. كما يمكن للمحطة تثبيت الرمال بالتقنية البيولوجية لمساحة تقدر 1800 هكتار، بالإضافة إلى 1533 هكتار تتم بالتقنية الهندسية؛ وتزرع في المحطة نباتات اقتصادية مختلفة لمساحة 2400 هكتار، بما في ذلك الأعشاب الطبية وعشب العلف. وتتم تربية 10 آلاف رأس من البقر عالية الجودة في المحطة، كما طورت المحطة مرافق صناعة السياحة.
استخدام التكنولوجيا والمعدات الحديثة في مكافحة التصحر
لعبت التكنولوجيا الجديدة والمعدات الحديثة دورا كبيرا في مكافحة التصحر. من بين الأجهزة الحديثة التي تم استخدامها، روبوتات زراعة الأشجار، والسيارات المخصصة لنشر الحواجز البيولوجية القابلة للتحلل، والسيارات شبه الأوتوماتيكية للبذر ومركبة النقل عبر التضاريس الصعبة وغيرها، مما حسّن كفاءة مكافحة التصحر.
السياحة الصحراوية
بالإضافة إلى جهود مبذولة لمكافحة التصحر، تستكشف العديد من المناطق طرقا لاستخدام الموارد الصحراوية في السياحة. وذلك من خلال تطوير الفنادق الخيمية، ورحلات ركوب الجمال، والتزلج على الرمال، كما تقدم بعض الفنادق خدمات لمشاهدة النجوم والعلاج الرملي، مما أتاح فرصة للزوار لتجربة سحرة الصحراء الفريدة بشكل معمق.