شبكة طريق الحرير الاخبارية/
بقلم دكتورة كريمة الحفناوى
كاتبة وناشطة حقوقية مصرية
تنص المادة الثانية من إعلان حقوق الإنسان “لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة فى هذا الإعلان، دون تمييز من أى نوع ولاسيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أوالجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأى سياسيا وغير سياسى، أو الأصل الوطنى أوالاجتماعى، أوالثروة، أو المولد، أو أى وضع آخر. وفضلا عن ذلك لا يجوز التمييز على أساس الوضع السياسى أو القانونى أو الدولى للبلد أو الإقليم الذى ينتمى إليه الشخص، سواء كان مستقلاً، أوموضوعاً تحت الوصاية، أو غير متمتع بالحكم الذاتى، أو خاضعا لأى قيد آخر على سيادته”.
كما تنص المادة الرابعة منه على “لكل فرد الحق فى الحياة والحرية والأمان على شخصه”.
مع وصولنا لليوم المئة للعدوان الصهيونى الوحشى على قطاع غزة، يستمر صمت وتواطؤ معظم دول العالم التى تتشدق بالحريات وحقوق الإنسان رافعة شعار “لا أرى لا أسمع لا أتكلم”، بل وتشارك كل من أمريكا وبريطانيا بالسلاح والجنود فى العدوان وقتل النساء والأطفال، بجانب الكيان الصهيونى العنصرى المحتل، وتدعمه بقوة فرنسا وألمانيا، فلقد مات الضمير الإنسانى أمام سعار الدول الاستعمارية الكبرى وتوحشها من أجل استمرار استنزافها لثرواتنا، وثروات الدول النامية، كما يرتكب العدو قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وسط تواطؤ وصمت الدول العربية المهرولة للتطبيع مع الكيان العنصرى المحتل.
مئة يوم على حرب الإبادة الجماعية، وحرب التطهير العرقى التى الى يرتكبها الكيان العنصرى الصهيونى على الشعب الأعزل وعلى المدنيين من النساء والأطفال.
مئة يوم ارتكب العدو خلالها (2000)مجزرة فى غزة وارتقى 24 ألف شهيد وشهيدة منهم (10,600) من الأطفال و(7,200) شهيدة من النساء و(377) شهيدا من الطواقم الطبية و(45) شهيدا من الدفاع المدنى (117) شهيدا من الصحفيين.
مئة يوم على حرب الإبادة ومازال (7,000)مفقودا تحت أنقاض المنازل التى دكها العدو ب 65 ألف طن من المتفجرات لم تتمكن الطواقم الطبية من انتشالهم نتيجة القصف المستمر ونتيجة انقطاع الوقود 70% منهم من النساء واللأطفال.
مئة يوم على حرب الإبادة وقد بلغ عدد الجرحى (60,582) جريحا محرومين من السفر للعلاج فى الدول العربية وغيرها، بسبب إغلاق معبر رفح أمامهم وأمام أكثر من (10.000) مريض بالسرطان يواجهون خطر الموت.
مئة يوم على حرب الإبادة وقد نزح (2 مليون) مواطن فلسطينى من محافظات غزة، يعيشون حياة مأساوية، لايجدون الغذاء والماء والكساء والدواء أصبح أكثر من (800,000) منهم يعيشون مجاعة حقيقية وأكثر من 400,000 منهم مصاب بالأمراض المعدية.
مئة يوم على حرب الإبادة دمر الكيان الوحشى خلالها 360,000 وحدة سكنية وبات أصحابها يعيشون فى الشوارع، يفترشون الأؤض ويلتحمون السماء، فى برد الشتاء، كما دمر العدو 30 مستشفى، و53 مركزا صحيا، واستهدف 150 مؤسسة صحية أعاقها عن العمل ودمر 121 سيارة إسعاف، كما دمر 200 موقع أثرى وتراثى بهدف محو تاريخ فلسطين.
كما سرق جنود العدو اللصوص (الذين قاموا بالسطو على المنازل والمحال التجارية ومحال صرف العملات) ذهبا ومصوغات وأموالا من الشعب الفلسطينى تساوى 100 مليون شيكل. وفى جريمة بشعة تنافى القيم والأخلاق قام جنود الاحتلال بنبش أكثر من 1,500 قبر وسرقوا أكثر من 150 جثمانا من جثامين الشهداء دون اعتبار لحرمة ومكانة الأموات والقبور.
وتتعرض النساء فى فلسطين مع كل الشعب الفلسطينى إلى الإبادة الجماعية نتيجة للعدوان الوحشى الصهيونى وإصرار الكيان الصهيونى على تهجير الفلسطينيين إلى سيناء والأردن وتوطينهم فى هذه البلدان، من أجل إقامة “الدولة اليهودية”. كما يتعرض الشعب الفلسطينى إلى الحصار المفروض من العدو الذى يمنع وصول المساعدات الإنسانية، بعد هدم البنية التحتية لقطاع غزة، ومنع وصول المياة والغذاء والدواء والوقود، والسماح أحياناً بوصول أقل القليل نتيجة لضغط الشعوب فى كل أنحاء العالم التى خرجت بالملايين ضد العدوان وضد التهجير وطالبت بوقف العدوان فورا ومحاكمة قادة الكيان الاستيطانى المحتل أمام المحكمة الجنائية الدولية على ما ارتكبوه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى عدوانهم المستمر على قطاع غزة والضفة الغربية.
وإذا انتقلنا إلى تداعيات وآثار العدوان الصهيونى على الكيان المحتل، قال العديد من الخبراء الإسرائيليين أن “إسرائيل” تواجه خسائر يومية تصل ل300 مليون دولار بسبب الحرب على غزة ولبنان والضفة الغربية، حيث ارتفع الإنفاق والاقتراض الحكوميينن ارتفاعا كبيرا نتيجة لتكلفة الحربن من مرتبات يتقاضاها الجنود الاحتياطيينن هذا بجانب توقف 150 ألف عامل فلسطينى عن الدخول للأراضى المحتلة، وأضف إلى ذلك هجرة العمالة الإسرائيلية، وخاصة فى مجال التكنولوجيا، والعمالة الأجنبيةن وتوقف الإنتاج الزراعى والصناعى، وتضرر قطاع الطاقة، وقطاع التكنولوجيا الذى يمثل 18% من الناتج المحلى الإسرائيلى، وانخفاض عائدات الضرائب بنسبة 30%، وانخفاض الصادرات بنسبة 51 % (85 مليار دولار)، وزد على ذلك الهجرة المعاكسة من داخل الكيان الصهيونى إلى الخارج والتى وصلت إلى 500 ألف اسرائيلى.
كما رصد برنامج مسرح العمليات أسماء القتلى فى صفوف جيش الاحتلال وقدرها بمئات الضباط والجنود هذا غير الرهائن لدى حركة حماس وحركة الجهاد بجانب عدة آلاف من المصابين.
وأعلنت كتائب القسام أنها استهدفت 1000 آلية عسكرية وأخرجتها عن الخدمة خلال ال 100 يوم وكبدت العدو خسائر باهظة.
ولقد قال الخبير الاقتصادى أبو بكر الديب مستشار المركز العربى للدراسات والباحث فى العلاقات الدولية “أن حرب المئة يوم أحدثت خسائر فى إسرائيل، كما أحدثت خسائر فى اقتصاد العالم أيضا حيث نجد أن ضربات الحوثيين اليمنيين على السفن الإسرائيلية والسفن المتجهة إلى إسرائيل فى البحر الأحمر تؤثر على التجارة العالمية حيث يمر من البحر الأحمر ما يقرب من 10% من امدادات النفط المنقولة بحرا على مستوى العالم، وأيضا يمر منه 15%من حجم التجارة العالمية، ونتيجة لضربات الحوتيين تلجأ السفن إلى طرق بديلة أكثر أمانا ولكنها أكثر تكلفة نتيجة لارتفاع تكاليف التأمين والنقل مثل طريق رأس الرجاء الصالح”.
ويجدر الإشارة إلى أنه بعد النكبة الفلسطينية الأولى عام 1948،عقب إعلان قيام “دولة إسرائيل” يتعرض الفلسطينيون الآن لنكبة ثانية. ولنرجع معا إلى الأول من فبراير2022، وهو اليوم الذى أصدرت فيه منظمة العفو الدولية “امنيستى” المعنية بحقوق الإنسان، تقريرا حول واقع الفلسطينيين متهما الكيان الصهيونى بممارسة نظام فصل عنصرى (أبارتهايد) تجاههم، واعتمد التقرير على سياسات الاحتلال وممارساته القائمة على التمييز ضد الفلسطينيين.
ومن أشكال هذه الممارسات مصادرة الأراضى والممتلكات الفلسطينية على نطاق واسع إضافة إلى القيود الصارمة على الحركة والتنقل، وحرمان الفلسطينيين من حقوق الجنسية والمواطنة، وانتهى التقرير إلى أن هذه الممارسات والانتهاكات مكونات نظام عنصرى تمييزى يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولى.
وبعد سنة من صدور التقرير ومنذ بداية عام 2023 ومع تولى الأطراف اليمينية المتشددة حكم الكيان الصهيونى العنصرى ازدادت جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطينى. ومنذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى الآن يقوم الكيان المجرم بالعدوان اليومي على قطاع غزة ويرتكب جرائم التطهير العرقى والإبادة الجماعية والتهجير القسرى للفلسطينيين، من أجل توطنيهم خارج بلدهم فى سيناء المصرية، هذا بجانب الاعتداء على أهالى الضفة الغربية بغرض تهجيرهم إلى الأردن وبذلك يشرع الصهاينة فى إقامة “الدولة اليهودية”.
إن الشعب الفلسطينى الذى يُسَّطِر كل يوم بدمائه وتضحياته ملحمة نضالية من أجل الدفاع عن الأرض والمقدسات، وعن عزة وكرامة الأمة العربية، ومن أجل الحفاظ على الأمن القومى المصرى والعربى منذ نكبة 1948، لن يرضى عن حق التحرير والعودة بديلا.
ويردد الشعب الفلسطينى بصوته العالى، من كلمات صلاح الدين الحسينى، وألحان مهدى سردانة:
وعهد الله ما نرحل عهد الله نجوع نموت ولا نرحل
عهد الثورة والثوار والجماهير ما نرحل
احنا قطعة من هالأرض وعمر الأرض وعهد الله ما بترحل
نحن أيضا نرفض تهجير الشعب الفلسطينى من أرضه ووطنه وتوطينه فى بلدان أخرى لأن ذلك معناه تصفية القضية الفلسطينية وتهديد الأمن القومى المصرى والعربى. ونطالب مع كل الشعوب العربية والشعوب الحرة فى كل دول العالم بوقف العدوان الصهيونى فورا على الشعب الفلسطينى فورا، ومحاكمة قادته أمام المحكمة الجنائية الدولية على جرائم الحرب التى يرتكبونها، ونطالب باستمرار فتح معبر رفح بشكل دائم لتدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون تعطيل أو توقف أوشروط من جانب العدوالصهيونى.
كما نطالب دول العالم التى مازالت تحمل ضميراً إنسانياً مستيقظاً أن تتحمل مسؤولياتها فى حماية الشعب الفلسطينى ودعمه فى حق مقاومة المحتل واستعادة أراضيه، وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين.
ونطالب بوقف التطبيع فوراً مع الكيان الصهيونى المجرم وإغلاق سفاراته فى الدول العربية مع طرد السفراء الصهاينة، وعودة السفراء العرب من الكيان المحتل.
إننا نحيى الشعوب العربية وشعوب العالم على مقاطعة العدو الغاشم، (والدول التى تشاركه العدوان وتدعمه)، إقصاديا واجتماعيا ورياضيا وفنيا، ونؤكد على استمرار المقاطعة.
ونحيى دولة جنوب إفريقيا أبناء وأحفاد الزعيم نيلسون مانديلا على رفع قضية أمام محكمة العدل الدولية ضد الكيان الصيهيونى لارتكابة جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى. كما نحيى الدول التى تضامنت مع دولة جنوب إفريقيا.
ونقول لدولة ألمانيا التى تضامنت مع الكيان الصهيونى، أيها النازيون “أنتم شركاء للكيان االمحتل فى جريمته”.
المجد والخلود للشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للأسرى فى سجون الاحتلال، والنصر للمقاومة، والبقاء للشعوب، والزوال للاحتلال.
دكتورة كريمة الحفناوى.