شبكة طريق الحرير الإخبارية/
الجزائر/ إعداد: عبد القادر خليل، مدير شبكة طريق الحرير الإخبارية
بالنظر لما تعرفه العديد من دول العالم من تحولات تنموية اقتصادية، خلال السنوات الأخيرة، نجد أن جميعها منتمية إلى مبادرة الصين العالمية الضخمة: الحزام والطريق التي اقترحها الرئيس الصيني شي جين بينغ مند 10 سنوات. إن هذه المبادرة ذات الأهداف الاستراتيجية السامية، لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، من خلال تعزيز التنمية والرخاء والازدهار للشعوب، وجلب المنفعة المتبادلة للجميع. وذلك يتجلى لنا وبوضوح في السياسة العالمية التي تنتهجها الصين القائمة على: ((العالم يَسعُنا جميعاً، نتعاون ونتشارك، نمضي ونعمل معاً، لنَربَح سوياً ونُحقق النماء والازدهار لشعوبنا)).
تربط الجزائر والصين صداقة تقليدية وعلاقات تاريخية وطيدة، إذ يُصادف هذا العام الذكرى 65 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وبفضل التعاون المُثمر مع الصين باتت الجزائر تمتلك بُنى تحتية بمعايير عالمية متميزة، من خلال المشاريع الكبرى المنفذة من طرف الشركات الصينية، ومنها -على سبيل المثال- تطوير شبكة الطرقات، إنشاء المجمعات والملاعب الرياضية، إنجاز مراكز المؤتمرات والنشاطات الثقافية والعلمية، تشييد المجمعات السكنية الحديثة، وبناء الفنادق والمستشفيات، وغيرها.
الطريق السيار شرق-غرب واحدا من أهم وأبرز المشاريع العملاقة في الجزائر، إذ يلقبه بعض المراقبون بمشروع القرن، والذي من شأنه أن يساهم في تعزيز الالتقاء بين مبادرة “الحزام والطريق” وخطة التنمية المُستدامة في الجزائر.
ودون أدنى شك، فإن تحديث شبكات الطرق البرية وبناء الموانئ وخطوط السكك الحديدية ستعطي دفعا كبيرا لتنفيذ مبادرة الحزام والطريق العالمية بكل سلاسة، وستسهم في ربط الدول الواقعة على طول الحزام والطريق ببعضها البعض، وتسهيل التبادلات التجارية والثقافية والإنسانية..
وفي يوليو الماضي، سلمت الشركة الصينية سيتيك (CITIC Construction) الشطر الأخير من الطريق السيار شرق-غرب بطول 84 كلم بولاية الطارف جزءا من القطعة الشرقية للطريق بطول 399 كلم (من ولاية برج بوعريرج إلى الحدود الجزائرية التونسية)، الذي يربط حدود البلاد الغربية بحدودها الشرقية، وكان للجانب الصيني نصيب الأسد في مشروع الطريق السيار، فقد أنجزت الشركتان الصينيتان CITIC وCRCC مسافة 612 كلم، أي أكثر من نصف المسافة الإجمالية للطريق السريع التي تقدر ب 1216 كيلومتر.
وبتدشين الشطر الأخير للطريق السيار شرق-غرب، من طرف الوزير الأول أيمن عبد الرحمان في 12 أوت الماضي، و وضعه حيز الخدمة، تكون الجزائر قد قفزت خطوات متقدمة نحو الأمام، و أرسَتْ لبنة رئيسية ضمن مبادرة الحزام والطريق، والذي سيكون له تأثير إيجابي كبير ليس على الاقتصاد الوطني فحسب بل على الاقتصاد الإقليمي والإفريقي أيضاً، وسيساهم في تحسين ظروف المعيشة للسكان المحليين، وفك العزلة عن القرى والمناطق الريفية النائية، وخلق آفاق تنموية واسعة، وسيخلق حركية غير مسبوقة في التبادلات التجارية والسياحية وخاصة بين الشقيقتين الجزائر وتونس، كما سيصبح مشروعا نموذجيا للتعاون بين الجزائر والصين لمبادرة الحزام والطريق.
وتجدر الإشارة أن الشركة المنفذة للشطر الأخير من الطريق السيار شرق-غرب سيتيك للإنشاءات (CITIC Construction)، هي واحدة من الشركات الصينية الرائدة في مجال الإنشاءات، تعمل في الجزائر مند 2005، وقد أنجزت بنجاح واحترافية عالية جزءا من نفس المشروع في الجهة الغربية للجزائر بمسافة 359 كلم (من ولاية الشلف إلى ولاية تلمسان) خلال الفترة 2006-2010. وها هي اليوم تنتهي من إنجاز الشطر الأخير من هدا المشروع العملاق. وهما وجب التنويه بالمسؤولية الكبيرة التي كانت على عاتق الشركة وجعلها تكسب الرهان وبكل امتياز، من خلال مواجهتها للتحديات والصعوبات خلال فترة إنجازها للمشروع ومنها الظروف الجيولوجية معقدة للغاية، وسوء الأحوال الجوية وتواجد التربة الرخامية في العديد من الأقسام، وأخرى في المناطق الرطبة والقابلة للفيضانات، وأخرى قابلة للضغط، والتي تتطلب معالجة خاصة لضمان جودة العمل، فضلا صعوبة العمل في فترة تفشي وباء كوفيد-19، وما إلى ذلك.
ومنذ تنفيذ مبادرة “الحزام والطريق” في الجزائر، لم تتوقف شركة CITIC Construction أبدًا عن سقي “زهور الصداقة” الصينية الجزائرية بالعرق والإخلاص، وغرس بدور الأمل والنجاح في الجزائر. فعلى مدى السنوات الماضية ساهمت الشركة في التدريب والتأهيل للموظفين المحليين في مختلف التخصصات، وبادرت بدعوة مهندسين جزائريين للتدريب في الصين. و وفرت آلاف مناصب العمل للشباب الجزائري. كما لم تتأخر أبدا في تقديم مختلف أنواع الدعم والمساندة الإنسانية للشعب الجزائري في مختلف المناسبات والكوارث الطبيعية بكل ما تملكه من إمكانات بما في دلك توفير مجاني لخدمات الطب التقليدي الصيني.
تحية تقدير وإجلال لشركة سيتيك للإنشاءات، لما قدمته للجزائر، وهي تبرز عملياً نموذجاً لامعاً للتعاون الجزائري الصيني، وثمرة لعلاقات ودية ضاربة في أعماق التاريخ تجمع بين بلدين كبيرين صديقين هما الصين والجزائر، يسيران سوياً نحو مستقبل مُشرق.
عاشت الصداقة الجزائرية الصينية.
صور من مشروع الطريق السيار شرق-غرب من إنجاز شركة سيتيك للإنشاءات (CITIC Construction)
الجزائر/ إعداد: عبد القادر خليل، مدير شبكة طريق الحرير الإخبارية