شبكة طريق الحرير الاخبارية/
بقلم: عادل علييف
عضو البرلمان، نائب رئيس المجلس القومي بجمهورية أذربيجان
لا يزال الوضع في منطقة جنوب القوقاز يسوده التوتر. فعلى الرغم من رغبة أذربيجان في إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، إلا أن السلطات الأرمينية والإنفصاليين في قراباغ، ومن يساندهم في جميع أنحاء العالم يأبون ذلك، حيث يبذلون كل ما في وسعهم لسكب مزيد من النفط علي نيران التوترات. وعلى الرغم من هزيمة أرمينيا الفادحة في حرب قراباغ الثانية عام 2020، إلا أنها ما زالت تواصل أعمالها التخريبية الاستفزازية.
يحاول رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان اللعب بالنار، فقد أعلن من قبل اعترافه بوحدة أراضي أذربيجان، بما في ذلك قراباغ، ومن جهة أخرى، فإن تصرفاته تناقض ذلك علي الأرض. لقد أكد رئيس أذربيجان إلهام علييف عدة مرات علي أهمية اقدام نيكول باشينيان على توقيع اتفاق سلام مع أذربيجان. لأن جميع التوترات التي تشهدها المنطقة سببها الرئيسي هو التأخير في عملية ترسيم الحدود وتوقيع اتفاقية سلام بين أذربيجان وأرمينيا، مع الأخذ في الاعتبار أن كل تأخير في هذا الاتجاه من شأنه أن يزيد من تعقيد الأمور وزيادة وتيرة الأحداث التي قد لا يتوقعها أحد.
قال الرئيس إلهام علييف بكل صراحة وفي أكثر من مناسبة: إذا لم تعترف أرمينيا بوحدة أراضي أذربيجان، فإن أذربيجان لن تعترف بوحدة أراضي أرمينيا وستعلن ذلك بشكل رسمي. فإذا كانت أرمينيا لا تعترف بأن قراباغ هي أراضي أذربيجانية، فلماذا يجب أن تعترف أذربيجان بغرب زانجازور أراضي أرمينية؟ وهذه هي رسالتنا إلى المجتمع الدولي والقوي المؤيدة لأرمينيا، وهي أنه إذا كنتم تريدون السلام والاستقرار حقاً في المنطقة، فاجعلوا أرمينيا تعترف بوحدة أراضي أذربيجان! وللأسف، لا تزال بعض القوي الدولية يفضلون التعبير عن “نزوات وأهواء” الأرمن.
لقد غضت هذه القوي الدولية الطرف عن احتلال أراضي أذربيجان لمدة 30 عاماً، وتجنبت قول الحقيقة، وفضلت التزام الصمت، ولكن بمجرد انتهاء الإحتلال وبدء أذربيجان في إخضاع قراباغ لسيادتها، “نشطت” هذه القوي مرة أخري، ولم يستطيعوا أن يخفوا سياساتهم المناهضة لأذربيجان. وهو ما يعبر بكل صراحة ووضح عن سياسة ” ازدواج المعايير!”. فلقد أصبحت سياسة فرنسا واضحة أمام الجميع. ولم تخف هذه الدولة تعاطفها مع أرمينيا التي احتلت أراضي أذربيجان طوال السنوات الماضية، لكنها حاولت على الأقل خلق صورة معينة من التوازن. ومع انتخاب إيمانويل ماكرون رئيساً، نسوا “التوازن” تماماً، وانحازت فرنسا انحيازاً تاماً إلى جانب أرمينيا في حرب قراباغ الثانية عام 2020، وحتي الآن مازالت تمارس ذلك الانحياز، سواء من خلال التصريحات المنحازة والمتكررة التي يطلقها بين الحين والآخري الرئيس ماكرون، أو من خلال الأعمال الاستفزازية والتي كان آخرها وصول مجموعة من رؤساء بلديات المدن الفرنسية إلى بداية طريق لاتشين والإدلاء بتصريحات استفزازية، والتي تشكل دعماً للنزعة الإنفصالية في أذربيجان، هذا إلي جانب انتهاكها سيادة دولة مستقلة ومحاولة دخول أراضيها دون إذن مسبق وفق الأعراف الدولية. ففرنسا التي يحفل تاريخها بالصفحات السوداء في الجزائر وغيرها من الدول الأفريقية، لم تتعلم من دروس الإنقلابات العسكرية في الدول الأفريقية والتي كان آخرها النيجر والجابون الرافضة للهيمنة والممارسات الفرنسية علي أراضيها.
الولايات المتحدة هي الأخري، والتي من المفترض أن تكون دولة محايدة تدعم السلام في العالم، باعتبارها دولة عظمي وواحدة من الدول الثلاث المشاركين في مجموعة مينسك المعنية بالتسوية السلمية لأزمة قراباغ، ظلت طوال ثلاثين عاماً تساند أرمينيا في احتلالها لأراضي أذربيجان، والآن تظهر تنشط مجموعة من أعضاء الكونجرس لدعم أرمينيا في أعمالها العدوانية والاستفزازية، حيث أدلي عدد من أعضاء الكونجرس بتصريحات ضد أذربيجان وذهب البعض منهم إلى أرمينيا. ومع ذلك، وعلى عكس فرنسا، تدرك الدوائر الرسمية في الولايات المتحدة دور وأهمية أذربيجان في المنطقة، لذا تحاول الحفاظ على مسافة متساوية مع الجانبين. وذلك لأن واشنطن تولي أهمية كبيرة للتعاون على الصعيد الأمني والطاقة مع أذربيجان. خاصة مع تبوأ أذربيجان مكانة مهمة كمصدر لإمدادات الطاقة إلي أوروبا في السنوات الأخيرة. وهذا يلبي مصالح الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، علي اعتبار أن ذلك يحد من الخسائر التي نتجت عن الحرب الروسية الأوكرانية. إلي جانب المساعدات الإنسانية التي تقدمها أذربيجان لأوكرانيا. ومع ذلك، نريد من أعضاء الكونجرس المؤيدين للأرمن أن يجيبوا على السؤال. أي من الأشياء التي فعلتها أذربيجان لأوكرانيا، والتي تدافعون عنها، فعلتها أرمينيا لأوكرانيا؟
على الرغم من كل ذلك فقد حشدت أرمينيا واللوبي الأرمني كل امكاناتهما لإطلاق أدوات الضغط على أذربيجان في العالم. وقد ظهر مرة أخرى في مناقشات مجلس الأمن الدولي أن هذا الضغط لم يعطي أي نتيجة. بل علي العكس فقد زاد أصدقاء أذربيجان في العالم. وبينما يتحدث المسئولون الأرمن ومن يدعمهم في العالم عن مشاكل الغذاء التي يعاني منها الأرمن في قراباغ، فإنهم يمتنعون عن استقبال 40 طناً من منتجات الدقيق التي أرسلتها جمعيةً الهلال الأحمر المخصصة للأرمن الذين يعيشون في المنطقة عبر طريق أغدام- خانكندي في إقليم قراباغ. فمن المنطق، إذا كان الأرمن بحاجة إلى المواد الغذائية، فيجب عليهم قبول هذا الدقيق.
تطالب السلطات الأرمينية والإنفصاليين بفتح الطريق المؤدي إلى لاتشين. وهذا مستحيل. لأنه خلال سنوات الإحتلال، استخدموا طريق لاتشين بالطريقة التي يعرفونها، فقد نقلوا الأسلحة، وزرعوا الألغام على الطرق. والآن قد وضع جيش أذربيجان حداً لذلك وأنشأ نقطة عبور حدودية في بداية طريق لاتشين. وحالياً، يستخدم أرمن قراباغ هذا الطريق وقد اعتادوا على عمليات التفتيش من قبل حرس الحدود الأذربيجاني عند نقطة العبور الحدودية.
الانفصاليين الأرمن الذين تلطخت أيديهم بالدماء لن يتمكنوا من استخدام المعبر الحدودي ومغادرة أذربيجان، حيث يتم إلقاء القبض على من يتم التعرف عليهم أثناء محاولتهم العبور إلى أرمينيا. ولا يمكن أن يكون الأمر خلاف ذلك. فلابد أن يتم القبض على المجرمين الأرمن الذين قتلوا المدنيين وشاركوا في المجازر ومحاكمتهم أمام محكمة العدل الدولية. أما بالنسبة لفتح طريق لاتشين، فقد قال حكمت حاجييف، مساعد رئيس أذربيجان، في هذا الشأن: أنه بعد 24 ساعة من فتح طريق أغدام- خانكندي، سيتم فتح طريق لاتشين”. ولذلك يجب على أرمن قراباغ أن يختاروا. وعليهم إما قبول العيش وفقاً لقوانين أذربيجان أو مغادرة أذربيجان. ومن يصفه بأنه “تطهير عرقي” فهو مخطئ. فإذا قال شخص ما في فرنسا الموالية للأرمن أو في دولة أخرى: لا أريد أن أعيش في ظل قوانين هذا البلد وأحمل جواز سفره، فسوف يقومون بترحيله على الفور من البلاد. ولأذربيجان نفس الحق.
تسود الفوضى الجزء الذي لم يتم تحريره من الاحتلال في قراباغ. وقد استقال زعيم الانفصاليين، و”عُين” شخص آخر مكانه. وهذا لن ينقذهم. والبديل الوحيد أمامهم هو نزع سلاحهم وقبول شروط أذربيجان. وإذا رفضت الطائفة الأرمينية في قراباغ الحوار مع باكو وفتح طريق أغدام- خانكيندي، فسوف يصبح من الملح للجيش الأذربيجاني فرض القانون والنظام في المنطقة. فإذا كان لدى السلطات الأرمينية القليل من المنطق، فيتعين عليها أن تنصح الانفصاليين في قراباغ بالقيام بذلك. فمن خلال إعطاء الأولوية للأعمال التخريبية على الحدود، فإنهم بذلك يكونوا قد اختاروا هذا الطريق لزيادة التوتر أكثر. ومن المحتمل أنهم يعتقدون في أرمينيا أنهم سيكونون قادرين على صرف انتباه أذربيجان عن إرساء النظام في قراباغ من خلال الأعمال التخريبية على الحدود. وهذه “الحيلة” لن يكتب لها النجاح. فقوة جيش أذربيجان كافية للحفاظ على تفوقه على الحدود والقضاء على النزعة الانفصالية في قراباغ.
تخضع جميع خطوط الإتصال والتواصل في قراباغ لسيطرة جيش أذربيجان. فقد تم بناء خطوط الاتصال تلك بشكل غير قانوني خلال الإحتلال. كما أن خزان سرسنك الذي مازال تحت الاحتلال هو أيضاً في اهتمام أذربيجان. فخلال الإحتلال، تسبب الإنفصاليون الأرمن في كارثة بيئية في خزان سارسنك، الذي تبلغ سعته المائية الإجمالية 560 مليون متر مكعب. ويشكل القرار ذو الصلة الصادر عن الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بشأن خزان مياه سارسنك أيضاً أساساً للسيطرة على إدارة خزان مياه سارسنك في أذربيجان.
قوتنا في وحدتنا معاً! بفضل السياسة الخارجية والداخلية التي ينتهجها السيد الرئيس إلهام علييف، تتمتع أذربيجان بقوة كبيرة ونحن نحمي وحدتنا! وهذا يكفينا لتحقيق المهمة التي نريدها ونهدف إليها!