شبكة طريق الحرير الاخبارية/
بقلم: دكتورة كريمة الحفناوى.
كاتبة مصرية، عضو الاتحاد الدولى للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين
تابعت باهتمام كبير القوى السياسية والاقتصادية فى العالم، ماسوف تسفر عنه القمة الخامسة عشر للبريكس من قرارات، وهل ستتمكن من إعادة التوازن للنظام العالمى والحد من هيمنة الغرب والولايات المتحدة الأمريكية.
مع بداية القرن الواحد والعشرين بدأت فكرة إنشاء مجموعة اقتصاية من الاقتصادات الناشئة فى المجتمع الدولى بهدف الخروج من السيطرة الغربية، وبعد الأزمة المالية فى 2008 تأسست مجموعة من أربعة دول “البريك” تضم أربع اقتصادات قوية هم الصين وروسيا والهند والبرازيل وذلك فى عام 2009، وفى عام 2010 انضمت لهم دولة جنوب إفريقيا وأصبح اسم المجموعة “البريكس” وهى الأحرف الأولى للخمسة دول والتى تمثل مساحتها 27% من مساحة كوكب الأرض و 41% من سكان العالم، ووصلت مساهمة دول البريكس الآن 31،5% من الناتج الإجمالى العالمى، ومن المتوقع أن تنتج مجموعة البريكس 50% من الناتج الإجمالى العالمى عام 2030 وكان من أهداف المجموعة التوسع وانضمام دول عديدة من أجل التعاون بينهما على أساس المنفعة المتبادلة والمصلحة المشتركة.
وفى القمة الخامسة عشر لمجموعة البريكس (الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا)، والتى عُقِدت فى الفترة من 22 إلى 24 أغسطس 2023، فى جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، ناقشت القمة بحضور قادة وزعماء أكثر من 40 دولة مجموعة من القضايا الاقتصادية والسياسية، مع قضية انضمام أعضاء جدد من 23 دولة قدمت طلبات انضمام لتكتل البريكس منها 8 دول عربية.
ولقد أيد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا دخول أعضاء جدد لتوسيع التكتل وتشكيل نظام عالمى جديد. وأضاف قائلا “نعمل على الحفاظ على مصالح دول الجنوب، وندعو الدول الكبرى للقيام بذلك”. وأوضح رئيس جنوب أفريقيا، أن دول البريكس تهدف إلى تعزيز التعامل بالعملات المحلية بين دول المجموعة، واختتم قوله “مجموعة بريكس باتت قاطرة للاقتصاد العالمى”.
وفى نفس القمة أكد الرئيس البرازيلى لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، على أن السعى للسلام هو التزام مشترك، يجب على مجموعة البريكس أن تعمل كقوة لتحقيق ذلك.
وقال رئيس الهند ناريندرا مودى، نعمل على خلق شبكات أمان اقتصادية من خلال مبادرات مختلفة من أجل تغيير إيجابى فى حياة مواطنى دول المجموعة.
وقال الرئيس الصينى شى جين بينج “إن العالم يواجه تغيرات كبيرة وتحديات عظمى وأن دول البريكس ستقوى من خلال التعاون والتضامن”. ودعا الرئيس الصينى إلى تطوير سلاسل الإمدادات، والاقتصاد الرقمى، والإنتاج والصناعة، وتطوير التبادل التجارى،.كما أكد على مساعدة الدول النامية فى مواجهة التحديات. وتطمح الصين مع مجموعة البريكس إلى أن تكون المجموعة منافسا واسع النطاق لمجموعة السبع التى تضم (أمريكا واليابان وألمانيا وفرنسا وكندا وإيطاليا وبريطانيا.
وأكد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أن المجموعة تقف مع عالم متعدد الأقطاب، وتكافح ضد الدول الاستعمارية التى تسعى للحفاظ على هيمنتها على الساحة، الدولية، كما دعا بوتين دول البريكس إلى استبعاد الدولار وتوسيع التسويات بالعملات الوطنية والتعاون بين البنوك.
ومن ناحية أخرى أكد سيرجى لافروف وزير خارجية روسيا على أن المجموعة لاتطمح لأن تصبح قوة مهيمنة جديدة ولكن تطمح لأن تصبح إحدى ركائز النظام العالمى الجديد متعدد الأقطاب والأكثر عدلاً.
ومن الملاحظ أن مجموعة البريكس والتى تضم خمسة دول (الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا)، تسعى إلى التبادل التجارى بين أعضائها بالعملة المحلية، كاليوان الصينى والروبل الروسى و الروبية الهندية وذلك لتقليص الهيمنة العالمية للدولار، والتخلص من إرهاب العملة، والعقوبات التى تفرضها أمريكا وحلفائها من الدول الأوروبية، ومن أجل توافر شروط تجارية عادلة، ونفوذ اقتصادى أكبر لدول البريكس فى مواجهة الغرب.
ولقد أصدر “بنك التنمية الجديد” التابع لمجموعة البريكس (تم تأسيسه عام 2014)، قبل يوم من انعقاد القمة، سندات بعملة جنوب أفريقيا المحلية (الراند) لأول مرة، فى إطار مساعى المجموعة لزيادة وجود بنك التنمية الجديد فى أسواق رأس المال المحلية للدول الأعضاء، وهذة الخطوة تعتبر ضربة قوية لمؤسسات التمويل العالمية، وفى مقدمتها صندوق النقد الدولى، حيث أن سياسة بنك التنمية الجديد تقوم على مساعدة الدول وليس إغراقها بالديون، وهذا يخفف الضغط على الدولار، وبالتالى تظهر كيانات اقتصادية قوية، قادرة على منافسة صندوق النقد الدولى، مما يضعف القوة المسيطرة المهيمنة والمتحكمة فى العملية الاقتصادية على مستوى العالم.
وفى نهاية القمة وافقت مجموعة البريكس على انضمام ستة دول كأعضاء جدد (مصر والسعودية وإيران وإثيوبيا والإمارات والأرجنتين)، وبذلك تضم مجموعة دول البريكس مع الأعضاء الجدد 46% من سكان العالم وما يقرب من ثلث الاقتصاد العالمى.
رحبت مصر والدول المنضمة بقبول عضويتها واعتبرت أن ذلك تطور تاريخى.
إن هذه الخطوات التى نتجت عن قمة البريكس تعمل على إنشاء عالم متعدد الأقطاب، وتغيير النظام المالى العالمى، وتقليص هيمنة الدولار.
وإننى أرحب بانضمام مصر لمجموعة البريكس، من أجل مزيد من التعاون على أساس المصلحة المشتركة لصالح الشعوب.
ولقد أشارت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن صادرات مصر لدول مجموعة البريكس إرتفعت عام 2022 حيث سجلت مايقرب من 5 مليار دولار، عن صادرات عام 2021 التى سجلت 4,6 مليار دولار بزيادة قدرها 5,3%. كما ارتفعت واردات مصر من دول المجموعة عام 2022 إلى 26,4 مليار دولار مقابل 23,6 مليار دولار عام 2021 بزيادة قدرها 11,5%.
أما بالنسبة لاستثمارات دول البريكس فى مصر فلقد زادت فى العامين السابقين وبلغت 891 مليون دولار فى عام 2021-2022 مقابل 610 مليون دولارعام2020-2021، بنسبة ارتفاع بلغت 46%. وبلغت الصين المرتبة الأولى فى قائمة أعلى دول البريكس استثمارا فى مصر يليها الهند ثم جنوب أفريقيا ثم روسيا ثم البرازيل.
ولقد رحبت الدول العربية (مصر والسعودية والإمارات) بانضمامها لمجموعة البريكس، واعتبر الأمين العام للجامعة العربية السيد أحمد أبو الغيط أن انضمام دول عربية إلى مجموعة البريكس يعكس تأثيراً عربياً متزايداً فى القرار الدولى. كما أشاد عادل العسومى رئيس البرلمان العربى بالانضمام واعتبر أن تلك الخطوة تؤكد الثقة وتعزز من العلاقات الوثيقة بين دول التجمع والعالم العربى، لصالح تحسين مستوى المواطن العربى ولإعلاء الصوت العربى فى مختلف القضايا والتحديات بما يدعم المصالح العربية.
إن من مصلحة دول الجنوب النامية أن تتعاون مع الأقطاب الصاعدة الصين وروسيا وتتعاون مع مجموعة البريكس على أساس المصلحة المشتركة، والتعاون القائم على المنفعة المتبادلة، لصالح الشعوب، بدلا من التبعية للقطب الواحد الأمريكى الذى يفرض الهيمنة والنهب المنظم لثروات الشعوب، ويفرض السياسات الرأسمالية الجديدة، التى ينتج عنها مزيد من معاناة الشعوب من الفقر والبطالة وغلاء الأسعار وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات المعيشية الضرورية.
لقد أجمع قادة دول البريكس على أن المهمة الرئيسية لاتتمثل فى احتكار السوق العالمية، بل فى تعزيز الترابط وبناء العلاقات المتبادلة فى جميع القطاعات من الاقتصاد إلى الاتصالات الإنسانية، والهدف المُعلن من قبل اتحاد هذه الدول ليس مواجهة قوة أخرى بل تحقيق منفعة متبادلة وطويلة الأمد للدول الأعضاء وللنظام العالمى.