Thursday 21st November 2024
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الجزائر-الصين.. علاقات تاريخية ونظرة استشرافية لمستقبل مشرق وواعد

منذ سنة واحدة في 24/يوليو/2023

شبكة طريق الحرير الإخبارية/

 

الجزائر-الصين.. علاقات تاريخية ونظرة استشرافية لمستقبل مشرق وواعد 

إعداد: عبد القادر خليل، مدير شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية.

عبد القادر خليل
عبد القادر خليل

 

حين تتوفر الصداقة التقليدية المدعمة بالموثوقية والروابط التاريخية والتطابق في المواقف وفي وُجهات النظر والاحترام المتبادل بين بلدين، تنبثق علاقة قوية ثمارها المستقبل المشرق لكليهما ولشعبيهما. تلك هي الميزات التي تتسم بها العلاقات الجزائرية الصينية الصلبة والمتجذرة والضاربة في أعماق التاريخ.

بالرجوع إلى المحطات والروابط التاريخية بين الصين والجزائر، والتي ستبقى خالدة ومنقوشة بأحرف من ذهب في سجلات التاريخ، ويفتخر بها الشعبين وقيادتي البلدين الصديقين، نستذكر الدعم الكبير الذي قدمته الصين للجزائر في حقبة الثورة التحريرية المظفرة ضد الاستعمار الغاشم، فقد كانت الصين أول دولة غير عربية تعترف بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية مباشرة بعد تأسيس الحكومة سنة 1958، أي قبل استقلال الجزائر، وفي 20 ديسمبر من نفس السنة تم الإعلان عن إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وبعد استقلال الجزائر في 5 يوليو 1962، كانت الصين الصديق الأوفى والسند الأقوى والأقرب، فرغم بعد المسافات إلا أنها لم تتوانى مُطْلَقاً في الاستجابة لاستغاثة الجزائر، فسارعت بإرسال أول فريق طبي صيني إلى بلادنا، كان ذلك انطلاقا من يوم 6 أبريل 1963، ليصل إلى بلادنا في 16 أبريل، لدعم المنظومة الصحية الجزائرية بعد الفجوة الكبيرة والظروف الصعبة التي خلفتها حقبة استعمارية استمرت 132 عاماً.

ومنذ ذلك الوقت وعلى مدار 60 عاما ظلت الصين وفية في مرافقة القطاع الصحي الجزائري، وحتى الآن أرسلت الصين للجزائر 27 بعثة طبية تضم إجمالي 3522 عضوا، حيث أسهموا في علاج ما يقرب من 27.41 مليون مريض وإجراء عمليات ولادة 2.08 مليون طفل في العديد من المستشفيات المنتشرة في مختلف المدن والمناطق الجزائرية، مما مكنهم من كسب محبة وتقدير الشعب الجزائري برمته.

وهنا وَجَبَ التنويه بالمساعدات السخية والدعم الكبير الذي قدمتها الصين للجزائر خلال فترة جائحة كورونا، فبالإضافة إلى المساعدات الإنسانية الصينية بالمعدات الطبية والوقائية، أرسلت الصين للجزائر أهم فريق طبي متخصص وبتعدادِ هو الأكبر مقارنةً بفرقها الطبية الأخرى المرسلة إلى باقي دول ومناطق العالم، مما يؤكد الروابط المتينة والصداقة الحقيقية بين البلدين ويترجم الأهمية الكبيرة التي توليها الصين لصديقتها الجزائر.

وبالحديث على التعاون والتضامن في المجال الطبي، تجدر الإشارة هنا إلى أن الجزائر أيضاً كانت من أوائل الدول التي سارعت بإرسال المساعدات للصين مباشرة بعد تفشي الوباء في ووهان.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد كان للجزائر دوراً بارزاً وفعالاً في استعادة جمهورية الصين الشعبية لمقعدها الشرعي في الأمم المتحدة. كان ذلك في 25 أكتوبر 1971، خلال الدورة الـ26 للجمعية العامة للأمم المتحدة باعتماد القرار رقم 2758   وبأغلبية ساحقة.

تتشارك الجزائر والصين في العديد من المواقف والمبادرات الصينية والجزائرية وتعملان كليهما وبشكل مواز كل حسب موقعه، على تجسيد التحديث الوطني، وتكريس الديمقراطية وِفقَ النمط الوطني -وليس الديمقراطية الغربية أو المستوردة أو المستنسخة- وتحسين المستوى المعيشي والبيئة الاجتماعية الجيدة لكل فرد من الشعب، والقضاء على الفقر، والعمل على تحقيق المساواة والتوازن العالمي، وبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية في كنف الأمن والإستقرار، والعمل سويا من أجل عالم متعدد الأقطاب وخال من الهيمنة والاستبداد.

فالصين تدعم الجزائر وعلى لسان رئيسها شي جين بينغ، دعما مطلقاً لانضمام الجزائر الى المجموعة الاقتصادية الكبرى “البريكس” التي تضم، إلى جانب الصين، كلا من روسيا والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل.

ومن جانبها الجزائر تشارك وتدعم عن قناعة المبادئ والمبادرات الصينية التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ: مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، ومبادرة الحزام والطريق، وتؤمن بالمكانة العظيمة التي تتربع عليها الصين عالميا، كونها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي، وتعد ثاني أكبر اقتصاد عالمي، والذي ينمو بوتيرة جد متسارعة، سترتقي به ليكون الأكبر عالميا بحلول عام 2030.

وتسعى الجزائر للاستفادة من التجربة الصينية في مختلف إنجازاتها التنموية الكبيرة، فالصين اليوم حققت قفزة نوعية وتطورا خارقا في جميع المجالات: الاقتصادية، الذكاء الاصطناعي، التكنولوجيا والتحولات التكنولوجية والرقمية، علوم الفضاء والطب والزراعة، والنقل بالسكك الحديدية، والطاقات المتجددة، وغيرها.    

ولهذا الغرض جاءت زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى الصين ولمدة 5 أيام كاملة (17-21 يوليو 2023)، لتوطيد العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين أولا، ولوضع حجر الأساس لبناء شراكات موسعة تعود بالمنفعة الكبيرة ليس لبلدينا الصديقين فحسب بل ولإفريقيا ومنطقة الأورومتوسط والعالم. ذلك أن الجزائر ستلعب دورا فاعلا عبر تجسيدها لمشاريع كبرى ضمن مبادرة الحزام والطريق، التي انضمت إليها رسميا مند خمسة سنوات، بعد توقيعها لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع الصين في 2014.

فرغم الأوضاع العالمية الغير مستقرة، فقد جاءت زيارة الرئيس تبون للصين ولقائه بالرئيس شي جين بينغ في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة كبيرا، بعد زيارته لروسيا، لتبث نفسا جديدا في روح العلاقات الثنائية، وجسرا صلبا ومنيعا أمام كل التحديات الجيوسياسية العالمية، ولتؤكد للعالم مساعي الزعيمين للقضاء على سياسة الهيمنة الغربية والأحادية القطبية.

لقد كانت نتائج زيارة الرئيس تبون للصين إيجابية بكل المقاييس، فأثمرت توقيع عشرات الاتفاقيات في مجالات مختلفة بين حكومتي البلدين وبين كبار رجال الأعمال الصينيين والجزائريين. خاصة وأن الجزائر اليوم تفتح الآفاق الموسعة والبيئة الملائمة لمجال الاستثمارات الأجنبية داخل البلاد، وترحب بالمتعاملين الاقتصاديين الصينيين لولوج سوق الاستثمار في الجزائر، فبعد أن كانت سوقا كبيرة للسلع الأوروبية والآسيوية، تسعى الجزائر الجديدة لترتقي إلى بلد مصنعة ومصدرة بالشراكة مع الصين. وكمرحلة أولى صرح الرئيس تبون بأن الصين ستستثمر بما قيمته 36 مليار دولار في الجزائر.

تولي الجزائر أهمية كبيرة لمبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينع في 2013، وأعلنت انضمامها الرسمي لها في 2018، وقد تم التوقيع على “الخطة التنفيذية للبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق” و”الخطة الثلاثية للتعاون في المجالات المهمة 2022-2024″، وجاء هذا التوقيع في إطار تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة القائمة بين الجزائر والصين، وتعميقاً للعلاقات التاريخية والنوعية القائمة بين البلدين الصديقين في شتى الميادين.

إنجازات الشركات الصينية في الجزائر:

تنشط في الجزائر حوالي ألف شركة صينية متعددة التخصصات بما فيها مشاريع النية التحتية، البناء والمقاولاتية، الاتصالات، الطاقة والمناجم، السكك الحديدية.. وغيرها، ويتواجد في الجزائر ما يزيد عن العشرة آلاف صيني، ينشطون في عديد القطاعات في جميع مناطق البلاد. ومن أهم المشاريع الضخمة، التي أنجزتها أو ساهمت في إنجازها أذكر منها: الطريق السيار شرق-غرب، مسجد الجزائر الكبير ثالث أكبر مسجد في العالم، المحطة الجوية لمطار الجزائر الدولي، توسعة ميناء سكيكدة ثاني أكبر ميناء نفطي بالجزائر ، تجديد ملعب 5 جويلية، دار أوبرا الجزائر، مركز المؤتمرات عبد اللطيف رحال، المركب الرياضي بوهران، فندق الشيراتون بوهران، المدينة الجامعية بقسنطينة، عشرات الآلاف من الوحدات السكنية، من المشاريع قيد الإنجاز: الطريق العابر للصحراء، بناء ميناء الحمدانية بشرشال، استغلال منجم الحديد غار جبيلات، بناء مصنع الفوسفات. بينما تم الاتفاق على إنجاز مشاريع ضخمة أخرى ومنها: إنشاء مصنع بطاريات الليثيوم، خط السكة الحديدية يربط ولاية تندوف بولاية بشار على مسافة 1000 كلم، وتوسعة ميناء عنابة….، وستتواصل المشاريع والإنجازات المشتركة مع تكثيف التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والمناجم والطاقات المتجددة والزراعة والعلوم والتكنولوجيا والفضاء والصحة والتواصل الإنساني والثقافي والسياحي والأمني والعسكري.

ومن بين أهم الشركات الصينية الكبرى الناشطة والبارزة في الجزائر: شركة سينوبك (SINOPEC) ، هواوي Huwaui ، الشركة الصينية للاتصالات  (ZTE)، الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية  (CSCEC)، الشركة الصينية لهندسة الموانئ (CHEC)، وغيرهم.

وتثمينا للعلاقات المتجذرة بين الجزائر والصين وتخليدا لأهم الإنجازات والمناسبات التي تجمع البلدين، طبع بنك الجزائر في عملاته النقدية بعض   العناصر الصينية المهمة، ففي العملة الورقية فئة 500 دينار جزائري يظهر جليا أول قمر صناعي جزائري ((ألكوم سات1)) الدي تم إطلاقه من الصين في 10 ديسمبر 2017، وفي الجهة الخلفية من نفس الورقة تبرز المحطة الأرضية للقمر الصناعي الجزائري “ألكوم سات 1″، جنبا إلى جنب مع الخريطة الجغرافية للجزائر وصورة جسر طريق السيار شرق-غرب الجزائر.

 

وأيضا العملة النقدية الورقية فئة 1000 دينار جزائري طُبع عليها صورة لمسجد الجزائر الكبير الدي أنجزته الشركة الصيني سي آس سي أوسي (CSCEC).

 كما تظهر صورة مسجد الجزئر الكبير في العملة الورقية فئة 2000 دينار جزائري، الصادرة السنة الماضية بمناسبة الذكرى 60 لاستقلال الجزائر، وقد طبع على نفس الورقة شعار قمة الجامعة العربية المنعقدة بالجزائر في الأول نوفمبر 2022.

 أما العملة النقدية المعدنية فئة 100 دينار جزائري فتتوسطها صورة القمر الصناعي (ألكوم سات1) يدور حول الأرض.

    

وفي السياق ذاته كان للعلاقات الجزائرية الصينية نصيب الأسد في الطوابع إصدارات البريدية وهي وثيقة وطنية رسمية لا تقل أهمية عن العملات النقدية وكليهما يطبعهما بنك الجزائر. فكانت البداية من الجانب الصيني، من خلال الطابعان البريديان الصادران عن مؤسسة بريد الصين في 10/07/1962، وكُتبت عليهما: (إدعموا نضال التحرير الوطني الجزائري).

      

أما مؤسسة بريد الجزائر فقد أرسلت على مدى عقود من الزمن أصدرت العديد من الطوابع البريدية التي تخلد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين، وأهم الإنجازات الصينية في الجزائر، وكدا أبرز المناسبات والأحداث المنظمة في الصين أو لها صلة مباشرة بالصين، وأدكر هنا بعضها: الدكرى 60 لإقامة أول فرقة طبية صينية في الجزائر، القمر الصناعي ألكوم سات1، دار أوبرا الجزائر، المركز الدولي للمؤمرات، مسجد الجزائر الكبير، أولمبياد بكين 2008، إكسبو شانغهاي 2010، قمة منتدى التعاون الصيني الإفريقي 2006، وغيرهم.

    

وفي ختام مقالي هذا، أود أن أؤكد أن زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى الصين ولقائه بالرئيس الصيني شي جين بينغ، ولقائه بكبار المسؤولين في الدولة وفي الحزب الشيوعي الصيني، وكدا مسؤولي شركة ب آي دي، وشركة هواوي في مدينة شنجن، ستُجنى ثمارها في المستقبل القريب، بما يخدم مصالح البلدين، إد ستُفتح آفاق جديد للتعاون والعمل يد بيد من أجل المستقبل المشترك للبشرية، والمنفعة المتبادلة للبلدين الصديقين، وستبني جسرا جديدا مشتركا للولوج إلى السوق الأفريقية والأوروبية، عبر بوابة الجزائر نظرا لتموقعها الجغرافي والجيوسياسي الهام، وخاصة بعد الانتهاء من بناء ميناء الحمدانية بمدينة شرشال في ولاية تيبازة الجزائرية بالشراكة مع الصين، والدي سيمثل الشريان الحيوي للحزام والطريق، حيث من المتوقع أنه سيكون الأكبر في أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.

عاشت الصداقة الجزائرية الصينية !

 

الجزائر، في 2023/07/22.

بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *