الصين والجزائر يتقدمان نحو الفوز المشترك ويخلقان مستقبلا واحدا
بقلم الصحفية الصينية سعاد ياي شين هوا
يصادف العام الجاري الذكرى ال65 لإقامة العلاقة الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. وتلبية لدعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، يقوم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بزيارة دولة للصين خلال الفترة ما بين ال17 وال21 من يوليو الجاري، وهذه هي المرة الأولى التي يزور فيها الصين الرئيس تبون منذ توليه منصبه.
وفي إطار البناء المشترك لمبادرة “الحزام والطريق”، حقق التعاون بين الصين والجزائر نتائج عملية ومثمرة تصب في مصلحة كل بلد من البلدين، ما ضخ المزيد من الحيوية لبناء مصير المجتمع الصيني العربي المشترك.
وفي مواجهة الوضع الإقليمي والدولي الحالي المعقد، تعتبر الدول النامية من القوى المهمة التي تسعى لحماية السلام والاستقرار العالميين ودفع التطور والتقدم لكل البشر، حيث يعتبر التعاون الشامل بين الصين والجزائر نموذجا للتعاون بين بلدان الجنوب. ومن المتوقع أن تساعد زيارة الرئيس تبون للصين هذه على تحقيق المزيد من النتائج المثمرة للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.
التعاون الاستراتيجي بين الصين والجزائر
تتمتع الصين والجزائر بصداقة تقليدية عميقة وتتعاملان مع بعضهما بعضا دائما باحترام متبادل ومساواة ودعم. والصين هي أول دولة غير عربية تعترف بحكومة الجزائر المؤقتة، كما قدمت الجزائر إسهامات بارزة في استعادة الصين لمقعدها الشرعي في الأمم المتحدة. وفي عام 2014، أصبحت الجزائر أول دولة عربية أقامت شراكة استراتيجية شاملة مع الصين. وفي عام 2022، أصدرت وزارتا الخارجية الصينية والجزائرية بيانا مشتركا أكدتا فيه أن العلاقة بين البلدين تتسم بطبيعة استراتيجية شاملة، ما يرسم بوضوح أكثر خطة تنمية للعلاقة الثنائية الصينية الجزائرية.
في الوقت الحالي، تعتبر الدول النامية من المشاركين المهمين في الحوكمة العالمية. وبصفة كل منهما دولة نامية، تتمتع الجزائر والصين بتوافقات مشتركة كثيرة في الشؤون الدولية، ويعتبر كل منهما من يدعم ويدفع ويحمي التعاون الصيني الإفريقي. وتعتبر الجزائر شريكا تعاونيا مهما للصين في عملية البناء المشترك للحزام والطريق، وتعد أيضا ضمن الدفعة الأولى من أعضاء “فريق أصدقاء مبادرة التنمية العالمية”.
وفي نوفمبر الماضي، قدمت الجزائر رسميا طلبها للإنضمام إلى مجموعة البريكس التي تضم الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا. ومن جانبها، أكدت الصين أنها تتطلع إلى أن تتعامل مع الجزائر لتعزيز الثقة المتبادلة وتوسيع التعاون الثنائي وتعميق الصداقة التقليدية بينهما، لدفع الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين إلى الأمام وتقديم مساهمات أكبر في دفع الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط وتعزيز التضامن بين الدول النامية.
التعاون بين البلدين في مجالات مختلفة
بعد أن وقع البلدان لأول مرة اتفاقية التجارة والمدفوعات عام 1964، ينمو التبادل التجاري بين الصين والجزائر بشكل متواصل. وخلال السنوات الأخيرة، يحافظ الوضع الجزائري على الاستقرار بشكل عام، وتشهد التنمية الاقتصادية بالجزائر ارتفاعا متواصلا. وبفضل التعاون الثنائي المتعمق بين البلدين، حافظت الصين لسنوات عديدة على مكانتها كأكبر مصدر للواردات الجزائرية، كما أصبحت أول دولة شريك تجاري للجزائر منذ عام 2019. وفي الوقت الحالي، تشارك أكثر من ألف مؤسسة صينية في المشاريع الجزائرية بمختلف المجالات، ويعيش ويعمل في الجزائر أكثر من عشرة آلاف من الصينيين، بينما هناك عدد كبير من الجزائريين في الصين للتعلم والعمل والإقامة. ويتوسع التعاون الثنائي بين البلدين إلى مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والزراعة وغيرها، ما أسهم كثيرا في إسعاد الشعبين الصيني والجزائري.
بالإضافة إلى المجالات التقليدية، امتد التعاون الثنائي بين الصين والجزائر إلى الفضاء الخارجي، حيث تم بنجاح اطلاق القمر الصناعي الجزائري “ألكوم سات 1” على ظهر الصاروخ الصيني “لونغ مارش 3” في ديسمبر عام 2017، والذي كان أول قمر صناعي جزائري مخصص للاتصالات، ما يوفر خدمة الاتصالات والانترنت وبث القنوات الإذاعية والتلفزيونية بدقة عالية للجزائر. ويعتبر هذا المشروع الأول للتعاون بين الصين والجزائر في مجال الفضاء، ما أرسى أساسا جيدا لتوسيع التعاون بينهما في الفضاء.
وفي المجال الطبي، أرسلت الصين منذ عام 1963 بعثاتها الطبية إلى الجزائر. وخلال ال60 سنة الماضية، قد أرسلت الصين 27 دفعة من العاملين الطبيين إلى الجزائر، والذين عملوا على علاج أكثر من 27 مليون مريض هناك، الأمر الذي يعتبر ممارسة حية لسعي البلدين إلى بناء المجتمع المشترك لصحة البشر.
آفاق التعاون الثنائي بين البلدين
يوافق هذا العام الذكرى ال65 لإقامة العلاقة الدبلوماسية بين الصين والجزائر. وفي الوقت الحالي، تمر الجزائر بمرحلة تحول سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، بينما تعمل الصين حاليا على تعزيز الانفتاح رفيع المستوى على العالم وبناء دولة اشتراكية حديثة، ما يوفر المزيد من الفرص للتعاون بين البلدين.
وفي الوقت نفسه، تسعى الصين دائما إلى تطبيق بنشاط مبادرة “الحزام والطريق”، وتدفع لتطور المشاريع الكبرى المختلفة في إطار المبادرة، ما يهدف إلى مساعدة الدول الواقعة على الطريق والحرير لتسريع بناء البينة التحتية فيها، حتى الإسهام في التنمية الاقتصادية الإقليمية. وفي هذا الظل، من المؤكد أن مواصلة تطبيق مبادرة الحزام والطريق في الجزائر سيجلب المزيد من الفوائد للتعاون الصيني الجزائري في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية، حتى تحقيق المزيد من نتائج الفوز المشترك للبلدين والشعبين.