شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…
كاتب ومحلل سياسي اردني…
تابعنا الإنتخابات الرئاسية التركية لحظة بلحظة وفي الجولتين الأولى والثانية وبالرغم من حصول أردوغان على ٦٠ بالمئة من الأصوات في الجولة الأولى إلا أن الأصوات تراجعت لأقل من ٥٠ الأمر الذي ادى إلى جولة إعادة ثانية للإنتخابات الرئاسية وقد فاز أردوغان تقريبا ب ٥٢ بالمئة من الأصوات بفارق ٥ نقاط تقريبا عن المرشح كمال كليتشدار اوغلوا، وبذلك يكون حزب العدالة والتنمية وتحالفه مع الأحزاب الأخرى قد سيطر على مجلس النواب من الجولة الأولى وعلى والرئاسة في الجولة الثانية، واليوم في تركيا ومحيطها ومنطقتها وحلفائها من الشرق والغرب يراقبون أردوغان وأين ستتجه أنظاره في الأيام والأشهر والخمس سنوات القادمة…..
فهل سيبقى في علاقته السياسية الأخيرة التي يسميها بالمتوازنة مع الشرق والغرب؟ والتي إنتهجها بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة عليه من قبل الغرب وبعد فقد الأمل بإمكانية الدخول في الإتحاد الأوروبي، أم ستتجه أنظاره بشكل كلي إلى روسيا والصين وإيران ويعيد علاقاته مع سورية ومصر وكل الدول العربية بشكل كامل ويسحب قواته من شمال سورية والعراق ولا يتدخل بالدول العربية إلا للدفاع عنها ومساندتها للخلاص من الأزمات والمؤامرات الكونية الصهيوغربية التي فرضت عليها وعلى شعوبها وكان هو من ضمن المحاور الرئيسية المسببة لتلك الصراعات والأزمات والفتن والحروب والتي ما زالت المنطقة برمتها تعاني من تبعاتها ونتائجها وآثارها السلبية التي عانت منها كل الدول والشعوب التي وقع قادتها بأفخاخ ووعود وعهود وخطط ومشاريع الغرب المتصهين وساروا معهم بدون بصيرة ورؤية ثاقبة للمنطقة ومستقبلها ومستقبل شعوبها وأجيالها القادمة…
فأيدولوجية أردوغان وشخصيته وخطاب الفوز الذي آلقاه في أنقره تثبت بأنه سيبقى في علاقاته السياسية الأخيرة التي إنتهجها داخل تركيا وخارجها فهو رجل أصبح يسير بأنظاره وأفكاره السياسية والدينية والإجتماعية والإقتصادية والأسرية نحو سورية ودول المنطقة وبالتعاون مع إيران وروسيا والصين والتي تجمعه بها الكثير من المشتركات كدول عربية ومسلمة ومسيحية جارة لتركيا، بالرغم عن الكثير من الضغوطات الغربية والمحاولات العديدة لهم لنسف وتشويه هذه المعالم والحقائق التاريخية المشتركة بين تركيا والمنطقة ومحيطها العربي والإسلامي والمسيحي، لذلك فإن التوازن في العلاقات مع الغرب يبدوا أنه لم يعد موجود وليس له مكان في قاموس الرئاسة والدولة التركية المتغيرة بعلاقاتها وقد أشار بذلك في خطابه حينما قال لن نسمح للغرب وإعلامه بالتدخل في شؤوننا وذكر التصنيع العسكري الذي أصبحت تركيا تمتلكه وتحدث عن تسديد تركيا ديون صندوق النقد الدولي ليبقى قرارها مستقل، وركز على أهمية الأسرة التي يحاول الغرب تدميرها في تركيا وكل مكان من العالم لينشأ مكانها التفكك العائلي وغيرها من الحالات الشاذة في المجتمعات والتي تتعارض مع نصوص ومبادئ وقيم وأخلاق ديننا الحنيف وعادتنا وتقاليدنا التي تربينا عليها وورثناها من الآباء والأجداد…
وأيضا فإن للأزمات والفتن والحروب المفتعلة التي جرت في سورية والعراق وفي الدول العربية والعقوبات والقوانين القيصرية التي فرضت على سورية أثرت وبشكل مباشر على الدول المحيطة بسورية وعلى تركيا ومحيطها والمنطقة برمتها، وأثبتت لتركيا بأن مصالحها الحقيقية مرتبطة تماما مع المصالحات مع سورية والعراق ومصر والدول العربية والمنطقة كاملة ومع إيران وروسيا والصين وهذا ما يسميه الأتراك العودة إلى أصولنا الحقيقية والفعلية كبلد شرقي تربطه علاقات تاريخية ودينية وثقافية وإقتصادية وإجتماعية وأسرية وعادات وتقاليد وقيم حسنة مشتركة ومتوارثة مع المنطقة والدول المحيط به كدول إسلامية او مسيحية أكثر من إرتباطاته مع دول الإتحاد الأوروبي ومع أمريكا الذين يختلفون إختلافا كليا وبعيدا كل البعد عن الدين المسيحي وعن القيم والمبادئ والأخلاق الإنسانية الحسنة…وغيرها…
وكما قال بعض المسؤولين في حزب العدالة والتنمية بأن أردوغان حينما كان يسمع خطاب بوتين وهو يوبخ بدول وقادة الغرب ويذكرهم بأفعالهم وجرائمهم ومجازرهم في العراق وأفغانستان وفي سورية وليبيا وفلسطين…وغيرها ويتحدث عن الأسرة والعائلة الروسية وأهمية الحفاظ عليها من التفكك والإنحلال كما يريد الغرب، وأن الغرب يريد ان يفرض علينا وعلى غيرنا من الأمم والأديان قيمه ومبادئه المنحلة واللآخلاقية والمثلين وغيرها والتي تخالف ديننا وقيمنا ومبادئنا وأخلاقنا المسيحية والإسلامية في روسيا الإتحادية، كان يقول أردوغان لهم بأن الرئيس بوتين يتحدث عنا كمسلمين ويدافع عن نفس القيم والمبادئ والأخلاق والصفات الحميدة في ديننا الإسلامي الحنيف وفي مسيحتنا الشرقية، وكل ما ذكر سابقا وغيره من الأحداث والمتغيرات قد جعل أردوغان يعيد كل حساباته في علاقاته السياسية الخارجية ليعيد موقع تركيا الشرقي الحقيقي بالتعاون مع سورية والعراق ومصر ومع الدول العربية الأخرى ومع إيران وروسيا والصين…وغيرها من الدول التي ترفض التدخلات الغربية المتصهينة وتدخلات الكيان الصهيوني في شؤونها الداخلية مهما كانت هذه التدخلات وفي أي مجال أو مكان أو زمان كان….
*ملاحظة المحرر: تعكس المقالة الرأي الشخصي للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة طريق الحرير الإخبارية.
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…
كاتب ومحلل سياسي…