شبكة طريق الحرير الإخبارية/
حول قضايا العمال وسوق العمل
بقلم دكتورة كريمة الحفناوى عضو الاتحاد الدولى للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين.
فى الأول من مايو من كل عام، يحتفل العمال فى جميع أنحاء العالم بعيدهم، ويخرج العمال فى تجمعات ومظاهرات، للتأكيد على مطالبهم وحقوقهم فى تحسين أحوالهم، وفرصة عمل لائق وآمن وأجر عادل.
فى التقرير الأخير لمرصد منظمة العمل الدولية الصادر فى أكتوبر 2022، يشير المرصد إلى أن البطالة وعدم المساواة فى طريقهما للارتفاع، لأن الأزمات الاقتصادية والسياسية المتعددة والمتداخلة، تهدد انتعاش سوق العمل، فى جميع أنحاء العالم.
وأشارالتقرير إلى أن الوظائف الشاغرة ستتراجع، وسيتدهور نمو التوظيف العالمى بشكل كبير خلال الربع الأخير من عام 2022، مما يؤثر على خلق فرص عمل وعلى نوعية الوظائف،مع ازدياد عدم المساواة فى سوق العمل، مما يؤدى إلى اتساع الفجوة الطبقية بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية.
يحتفل العالم فى الأول من مايو من كل عام بيوم العمال العالمى، كيوم للتضامن مع الطبقة العاملة، وهو يوم عطلة رسمية فى معظم بلدان العالم. وليوم العمال حكاية بدأت مع بداية الثورة الصناعية فى بريطانيا، التى حوَّلت حياة العمال فى المصانع الكبيرة إلى جحيم، حيث كانت ساعات العمل تتراوح بين 10 – 16 ساعة يوميا، بجانب استخدام عمالة الأطفال، دون توافر للأمن الصناعى أو الصحى، مع انتشار الأمراض والأوبئة بين العمال، ومن هنا بدأت حركة عمالية واسعة لجعل يوم العمل 8 ساعات، وذلك فى إبريل عام 1856.
وبعد عشر سنوات تناولت رابطة العمل الدولية مطلب 8 ساعات عمل فى اليوم عام1866، وذلك من أجل تحسين ظروف الطبقة العاملة. بعد ذلك قرر اتحاد النقابات العمالية فى شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية، اعتبار 1 مايو1886 يوم العمل قانونا 8 ساعات، وخرج فى هذا اليوم مظاهرة كبيرة من 80 ألف عامل واستمرت عدة أيام، وانضم لها أكثر من 400 ألف عامل، هاجمتهم الشرطة وقُتِل عدد من العمال وأُصيب أكثر من 200 بجروح بالغة وتم إلقاء القبض على عدد من العمال وحكم على 5 منهم بالإعدام بدعوى أنهم تسببوا فى أحداث العنف واتضح بعد ذلك براءتهم.
وفى ديسمبر 1888 قرر الاتحاد الأمريكى للعمل اعتبار الأول من مايو 1890 يوم العمل ب 8 ساعات. وبعد ذلك أقرت جمعية العمال الدولية إعلان الأول من مايو يوما يخرج فيه العمال للمطالبة بحقوقهم وبالعدالة فى أجورهم.
ويجىء الاحتفال بعيد العمال هذا العام وسط اشتعال الأزمات والصراعات والحروب، فى العديد من بلدان العالم، مع ازدياد تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، التى تسببت فى ظهورآثار سلبية أثرت على سوق العمل، منها ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، مع انخفاض الأجور الحقيقية، وتزايد عدم المساواة، وزيادة الديون فى البلدان النامية، وتباطؤ النمو الاقتصادى، وكان من نتائج كل ذلك، تقليل الطلب على العمال، وتراجع كبير فى سوق العمل العالمية.
لقد أدت جائحة كورونا التى اجتاحت العالم فى أوائل عام2020 إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية، (مازال العالم يعانى منها)، أدت إلى تزايد معدلات البطالة العالمية، وزيادة التفاوت فى مستوى الدخل والثروة، وتوقعت منظمة العمل الدولية فى ذلك الوقت ارتفاع البطالة لأكثر من 200 مليون شخص، وخاصة بين الشباب وتزايد مستويات نقص العمل، وأيضا زيادة التوجه إلى القطاع غير الرسمى (العمالة غير المنتظمة).
وإذا انتقلنا لوضع النساء فى سوق العمل، نجد أن المرأة تعانى من نسبة بطالة عالية عن نسبتها فى الرجال، وفقا للتقرير الذى أصدرته منظمة العمل الدولية عام 2018، تحت عنوان “الاستخدام والآفاق الاجتماعية فى العالم”، حيث أن كل 10 رجال يعملون مقابلهم 6 من النساء يعملن فقط. وتزيد النسبة فى البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل.
ونجد عندنا فى مصر بطالة النساء ضعفى معدلات بطالة الرجال، كما نجد تعرض النساء للتمييز القائم على النوع فى سوق العمل سواء فى فرص العمل أو الأجر أو الترقى مع تعرضهن للعنف اللفظى والبدنى والجنسى فى أماكن العمل بنسبة كبيرة.
وبالنسبة لمصر أيضا نجد أن وزارة التضامن الاجتماعى أصدرت تقريرا فى ديسمبر 2022 يشير إلى أن نسبة السيدات اللاتى يعملن فى القطاع غير الرسمى 58%، كما رصد التقرير أن نسبة النساء التى تعمل فى الأعمال العائلية الموجهة نحو السوق ضعف نسبة الرجال، حيث تبلغ نسبة النساء التى تعمل فى العائلة 42% مقابل 20% من الرجال، ومعظمهن لايتقاضين أجرا، وهذه الأعمال تتسم بالهشاشة فلا توجد عقود عمل، ولا احترام لقوانين العمل، مع غياب الحماية والتأمينات الاجتماعية (المعاشات والتأمين الصحى وإصابات العمل والعجز والوفاة والبطالة).
إننا ونحن نحتفل باليوم العالمى للعمال نطالب الحكومات فى كل دول العالم:
ض-التصديق على الاتفاقية الصادرة من منظمة العمل الدولية رقم (189) بخصوص حماية العاملات فى المنازل. وإصدار تشريعات خاصة بحماية العاملات فى المنازل.
-التصديق على الاتفاقية 190 لعام 2019 الصادرة من منظمة العمل الدولية لمنع العنف والتحرش داخل أماكن العمل.
التأكيد على تنفيذ وتفعيل ماجاء فى فى العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، والإعلان العالمى لحقوق الإنسان، واتفاقيات منظمة العمل الدولية، من حقوق العمال وحرية تكوين المنظمات النقابية.-عدم التمييز على أساس النوع الذى يتسبب فى التمييز ضد المرأة فى الأجر وفرص العمل والترقى، ويتسبب فى تعرضها لأشكال العنف والتحرش فى أماكن العمل.
-تغليظ العقوبات على جرائم العنف القائم على النوع.
-مراعاة حقوق ذوى الإعاقة فى فرص العمل.
-مراعاة حقوق أصحاب المعاشات، فى معاش عادل ورعاية صحية.
-ربط مخرجات العملية التعليمية بمتطلبات سوق العمل سريعة التغيير، مع الاهتمام بالتأهيل والتدريب المستمر للعمالة.
مراعاة انعكاسات الثورة الصناعية الرابعة، وثورة المعلومات، والطفرة التكنولوجية الهائلة على سوق العمل والتى أدت إلى إعادة ترتيب أولويات الدول وتحول موازين القوة الاقتصادية العالمية.