شبكة طريق الحرير الإخبارية/
يَوم القُدس.. احتِفائِيَّة تضامنية كُبرى فِي عَمَّان
ـ إعداد: 1/ يلينا نيدوغينا: أكاديمية، متخرِّجة من جامعتين: روسية (تخصص هندسة كيمياء – تكنولوجية)؛ وأُخرى أردنيَّة (تخصص سياحة)؛ وكاتبة، ومواطنة ثنائية الجنسية – الروسية والأُردنية، وتحمل أوسمة وتقديرات سياسية عالية من عددٍ من الدول الحليفة والصديقة.
ـ 2/ الأكاديمي مروان سوداح: كاتب وصحفي أُردني، وعضو قديم في “نقابة الصحفيين الأُردنيين” و”الاتحاد الدولي للصحفيين”، ورئيس منظمات دولية، ومتخصص في الشؤون الكورية، وعضو فخري في “اتحاد الصحفيين الكوريين”، وحامل الأوسمة والشهادات الفخرية من القيادات السياسية من الدول الحليفة والصديقة، ومواطن روسي الجنسية.
حسناً فَعَلَت سفارة جمهورية إيران الإسلامية الشقيقة بتنظيم احتفائية خطابية كُبرى في دار السفارة الإيرانية في عَمَّان، يوم الخميس الموافق لـِ13 من نيسان / إبريل الحالي، لهذا العام 2023م، وذلك إحياءً ليوم القدس العالمي، الذي يوافق يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان من كل عام. والجدير بالذكر، أن هذه المناسبة، يوم القدس، التي كان أعلن عنها في عام 1979، الزعيم الراحل الإمام آية الله الخميني رحمه الله، حضرها حشد كبير من المواطنين الأُردنيين، والمهتمين بالشأن الفلسطيني، وبضع قيادات لأحزاب وتنظيمات وهيئات سياسية، واجتماعية، وإعلامية أردنية، ومُمَثِلات عن الفاعليات النسائية، وبعض السفراء، ورجال الدين الإسلامي، وغيرهم. وسائل الإعلام الأُردنية غَطَّت هذه المناسبة، و/أو تواجدت في الحفل، ضمنها وكالة الأنباء الأُردنية “بترا”.
وفي هذا الإطار الديني – الفكري والسياسي، تابع الأردنيون مِّمَن حضروا هذه الفعالية التضامنية في حفل السفارة الإيرانية، كلمة سعاد الأخ سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تناولت أساساً قضية القدس بخاصةٍ وفلسطين بعامةٍ، وضرورة نصرتهما واستعادتهما، ووضعِ حدٍ للتوسع والوحشية الصهيونية الفَالِتَةِ مِن عِقَالِهَا، من خلال توحيد اللُحمة بين المناضلين، وشد أزر مختلف المَحَاوِر التحريرية في منطقتنا الأفروآسيوية الفسيحة والواسعة، والتي تنعم بكل الخيرات والقُدُرات، لغاية استعادة الأرض السليبة والانسان المُستَعمَر (بضم الميم الأُولى وفتح الثانية).
في كلمته التي ألقاها في هذا الحفل، أشاد سعادة سفير جمهورية إيران الإسلامية، السيد علي أصغر ناصري، بالمواقف الأصيلة والدعم الجاد الذي تقدمه المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني للقضية الفلسطينية، ودفاعه عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، عبر تحركات جلالته الإقليمية والدولية الفعَّالة .وأكد السيد السفير ناصري على أن (أهمية اليوم العالمي للقدس تتضح مرة أخرى بوضوح أكثر من أي وقت مضى)، وأشار إلى الجرائم المتواصلة التي ترتكبها قوات الإحتلال الإسرائيلية التي تعود إلى “عدم وحدة المسلمين”، وطَالب ناصري بِإتخاذ إجراءات صارمة ضد النتوء الصهيوني في فلسطين المحتلة.
إن تنظيم سفارة جمهورية إيران الإسلامية لدى المملكة الأردنية الهاشمية هذه الفعالية، إنَّمَا هو التعبير الأمثل الذي يَمْثُلُ أمام كل أمم وشعوب الدنيا، ليُظِهر تميّز الدولة الإيرانية الإسلامية رئيساً وقيادات وشعباً بمساندة أصحاب الحقوق، وتعزيز تمسكهم بعدالة القضية الفلسطينية، وشرعية النضال لدحر الاستعمار الصهيوني عن تراب فلسطين، نصرةً للقضية الفلسطينية التي يَرى فيها أحرار العالم وأسويائه، والمناضلين في سبيل الحق والحقيقة، “أُم القضايا” التي تتطلع منذ عشرات السنين إلى جيوش جرارة لتحرير الأرض المُقدَّسة؛ التي قدَّسَتها الله تعالى منذ لحظة الخَلق؛ مِن رِجس قبضة المحتلين أشياع ونُصراء جهنم الداعمين للاستعمار الصهيوني، المُندغم والمُنغرز بالفضاء الإمبريالي الدولي، الذي ما يزال – برغم تراجع مكانته، وخفوت صوته وحشرجته، وضعف منعته السياسية والعسكرية، وتقهقره الأدبي، والثقافي، والعلمي، والتقني – ، ما يزال يَقمع الشعوب التواقة للحرية والاستقلالية والعدالة والحياة الأمثل والأحسن التي تُعلي قِيم العدالة السياسية والمساواة الإجتماعية.
في أهداف دولة الإسلام، نرى بأن إقامة المجتمع الإسلامي إنَّمَا يستلزم جهوداً متواصلة ونكران الذات لأجل أن تسود فيه قِيم العدل والمساواة التي ينص عليها الإسلام، وضرورة ورفع الظلم ومحاربته بجميع أشكاله وتجلياته كافةً، وعلى هذه الدولة التي تهتدي بأسانيد الإسلام وتعاليمه، أن تتعامل مع أبناء الله بيسر وموضوعية، تلبية لحقوق كل شخص وأُسرة، ولرفع قدر ومكانة البسطاء وجميع أبناء المجتمع، ولإعادة ما لله لله، وما لقيصر لقيصر، حتى ترجع الحقوق لمربع أصحابها، بغض النظر عن دياناتهم، وتطلعاتهم، وأفكارهم، إضافة إلى ذلك لزوم إحقاق الحقوق، بخاصةٍ للمظلومين سياسياً، وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني الذي سَلبته الصهيونية أطيانه وأحلامه في أرضه فلسطين والقدس الشريف التي هي المدينة التي تتوج كل مسلم ومسيحي بتاج المجد الأبدي، وتعمل على وحدة أبناء الأمة، وإعادة الحقوق لأصحابها مهما بلغت التضحيات والجهود، فقد أوجب الإسلام، كما المسيحية أيضاً، على الحكام أن يقيموا العدل بين الناس، وجعله نبراساً يومياً لهم، بغض النظر عن مشاربهم في مختلف الحقول، لغاتهم أو لهجاتهم، أو تسميات أوطانهم، أو مكانتهم الاجتماعية، وقومياتهم، فالحق يجب أن يَعم الجميع دون أي استثناء، ولهذا نرى ونتابع كيف تبذل جمهورية إيران الإسلامية ما وسعها الجهد لنُصرة فلسطين وشعب فلسطين وحقوقه كاملة، وتقدِّم مختلف أشكال الدعم لأجل تحرير الأرض والإنسان الفلسطيني من الاستعمار ومختلف ألوانه، إذ ما زالت الدول الإمبريالية التوسعية ثابتة على مواصلة تنفيذ أهدافها الوحشية في توفير الدعم للكيان الصهيوني العنصري على أرض فلسطين والأنظمة الأُخرى المشابهة له، في محاولات متواصلة لخنق الحقوق الفلسطينية والأممية لشعوب الأرض، والدفع بهذه الأُمم إلى الصراعات حصراً، دون السلام والخير والصلاح وغيرها من المبادئ التي وضعها الله في البشر لتطبيقها حرفياً، لننعم بحياة تطبِّق مبادئ الاخوَّةِ والتعاونِ الدوليين.
ـ تالياً، ننشر النص الكامل لخطاب سعادة السيد سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عَمَّان، علي أصغر ناصري المُكرَّم، في حفل نُصرة القدس:
“بسم الله الرحمن الرحيم”
السفراء المحترمون ، الضيوف الكرام ، السيدات والسادة
السلام عليكم؛
في البداية، أُهنئكم بحلول شهر رمضان المبارك، وأتمنى أن نستفيد جميعاً من بركاته الوفيرة. ونظراً للأحداث الأخيرة التي شهدتها فلسطين، بما في ذلك الهجوم الصهيوني على المسجد الأقصى واعتداءات القوات الإسرائيلية على المسلمين الصائمين، فإن أهمية اليوم العالمي للقدس تتضح مرة أخرى بوضوح أكثر من أي وقت مضى.
في الثالث عشر من شهر رمضان لعام ١٣٩٩ هجري قمري، وبتزامن مع تجدد حملات النظام الصهيوني المحتل على جنوب لبنان، أصدر الإمام الخميني (رحمه الله) رسالة داعمة لشعب فلسطين وطموحاته، وأعلن عن تسمية الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك بـ “يوم القدس العالمي”. وبالرغم من أن يوم القدس يخصص بشكل خاص لفلسطين وتحرير قبلة المسلمين الأولى، إلا أن هذا اليوم في الواقع هو يوم الصحوة الإسلامية ووحدة أمة خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وسلم).
يوم القدس وعموماً القضية الفلسطينية، كانت وستبقى مهمة للجمهورية الإسلامية الإيرانية. بعد إمام الخميني (رحمه الله)، أصبح آية الله الخامنئي، الزعيم الروحي للثورة الإسلامية، المدافع الأساسي عن الشعب الفلسطيني وآمالهم، وفقًا لقوله: “الموضوع الأهم هو ألا يتجاهل العالم الإسلامي قضية فلسطين”.
النظام الصهيوني يحاول تصوير إيران على أنها العدو الرئيسي للمنطقة والدول العربية، من خلال استغلال فرص التحولات في المنطقة، وتهيئة الأجواء السياسية والإعلامية، وطرح اتهامات زائفة وخيالية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية. والجميع يعلمون جيدًا أنها تمثل رمز الإرهاب الحكومي والتفرقة وإثارة الحروب. ولد النظام الصهيوني بالحرب واستمر في الحرب وسفك الدماء واحتلال أراضي المسلمين، وهذا النظام لا يلتزم بأي التزامات دولية في العالم ولا يعتبر نفسه مسؤولاً أمام أي هيئة دولية.
تمر استراتيجية النظام الصهيوني المحتل، على مدى أكثر من سبعة عقود، في إثارة الحروب والتجاوز والاحتلال لفلسطين والأراضي المجاورة، وعدم الامتثال والاستجابة لقرارات الأمم المتحدة. ولذلك، يُعتبر هذا النظام في الآداب السياسية والقانونية والدولية باعتباره نظام احتلال، وخارج عن القرارات الدولية، والعامل الرئيسي في خلق أزمة الشرق الأوسط.
تم الموافقة من قِبل النظام الصهيوني المحتل، في 19 يوليو 2018، على قانون غير شرعي وباطل وعنصري باسم “قانون الدولة-الأمة اليهودية”. وإذا تم مواجهته بالمعارضة الشديدة والتحالف الإسلامي العالمي، لما شاهدنا تحويل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والاستيلاء والاعتراف الأحادي بجولان بوجه غير قانوني لنظام الاحتلال الصهيوني، وتغيير مفهوم “اللاجئ الفلسطيني”، ولن يكون هناك محاولة لتنفيذ صفقة القرن. حدثت جميع هذه الأحداث بسبب أن المسلمين، بدلاً من التوحد، اتخذوا طريق التفرقة أمام الولايات المتحدة وإسرائيل.
النظام الاحتلالي الإسرائيلي ارتكب جرائم على مدار تاريخ البشرية بأكمله، وجرائم هذا النظام ليست فقط غير مسبوقة في الجودة والكمية والرعب، بل هي فريدة من نوعها. إذا لم يتحد المسلمون لمواجهة هذا النظام الاحتلالي، سيأتي اليوم الذي سيتم فيه إشعال النيران في بيوت شعوب عربية أخرى نتيجة لهذه الجرائم المتواصلة. لقد شاهدتم كيف استنكر وزير مالية نظام الاحتلال الإسرائيلي في خطابه في فرنسا قبل بضعة أيام وجود شعب فلسطين بعدما قدّم خريطة مزيفة.
تصاعد النظام الاحتلالي الإسرائيلي في السنوات الأخيرة في أعمالها الجنونية ضد الفلسطينيين، مدعيًا لنفسه كونه الديمقراطية الحقيقية في المنطقة. ومن بين هذه الأعمال، العقوبات الجماعية التي تعد العامل الرئيسي في انتهاك “مبدأ تحديد المصير” من قبل الفلسطينيين.
فأصبحت أعمال مثل طرد وتهجير الفلسطينيين من الأراضي، ونقل واستيطان المستوطنين في المناطق الخصبة أمرًا عاديًا في فلسطين المحتلة. وبشكل مستمر، ترتكب إسرائيل “انتهاكات صارخة ومستمرة ومنهجية” لحقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الطفل.
تم إجراء عشرات الآلاف من الاعتقالات المؤقتة والاعتقالات الطويلة في إسرائيل بشكل خاطئ ودون سبب واضح. ومنذ عام 1967، يتعرض مليون فلسطيني للاحتجاز. وخلال هذه الفترة، تعرض أكثر من 10 آلاف امرأة فلسطينية للاحتجاز.
تشير التقارير إلى أن 1) تم تعريض المعتقلين الفلسطينيين لسلوك مهين وتعذيب؛ 2) صدرت 99٪ من المحاكم العسكرية أحكاما ضد الفلسطينيين؛ 3) نجحت فقط 7.4٪ من الدعاوى التي رفعها الفلسطينيون ضد المستوطنين.
ينبغي التأكيد مرة أخرى أن ارتكاب هذه الجرائم من قبل نظام الاحتلال الصهيوني يعود إلى عدم وحدة المسلمين. ينبغي على المسلمين التحرك بـ “إجراءات صارمة” التي تتلخص في المقاومة، و “الإجراءات اللينة” وهي الإجراءات المشتركة والتعاونية الدولية ضد جرائم نظام الاحتلال الصهيوني في المنظمات الدولية والمحاكم الدولية والمحاكم المحلية في العديد من البلدان، وتنشيط لجان مقاطعة السلع الإسرائيلية في العديد من الدول.
ينبغي في هذا السياق تقدير المواقف الأصيلة والدعم الجاد الذي تقدمه المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي يعمل جاهدًا في قضية فلسطين ويدافع عن المواقع المقدسة الإسلامية والمسيحية في الأراضي المحتلة عن طريق الحركات الإقليمية والدولية الفعالة.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مع النظر في جذور الأزمة، قدّمت في عام 2019 في الأمم المتحدة مقترحًا ديمقراطيًا وعادلاً لحل القضية الفلسطينية واحترام حق تقرير مصير الشعب الفلسطيني، وهو عبارة عن إجراء استفتاء وطني في فلسطين بمشاركة سكانها الأصليين. ولتنفيذ هذا المقترح، تضمنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أربع مراحل أساسية هي: 1) تطبيق حق العودة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم الأصلية والتاريخية، 2) إجراء استفتاء شامل، 3) اتخاذ قرار بشأن نوع النظام السياسي وهيكل الحُكم من قِبل الشعب الفلسطيني، 4) اتخاذ قرار بشأن وضع الأشخاص الذين يعيشون في فلسطين من قِبل النظام السياسي الذي يتم تشكيله بواسطة الاستفتاء.
في النهاية، أود أن أشكر جميع الأشخاص الذين بذلوا جهوداً في هذا المجال، وأقول إن أبناء فلسطين المقاومين، سواء كانوا رجالًا أو نساءً أو أطفالًا أو مُسنين، لم يكونوا في أي وقت أكثر أملًا وعزمًا من الوقت الحالي لإنهاء الاحتلال”.