عدلت الصين استجابتها لفيروس كورونا الجديد في ضوء الوضع المتطور، منسقة عملية الوقاية من المرض والسيطرة عليه مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وقال خبراء وباحثون أجانب لوكالة ((شينخوا)) للأنباء إن سياسات الاستجابة المحسنة لكوفيد-19 في الصين قائمة على العلم وفعالة ومتسقة مع الواقع الوطني للبلاد.
وأشاروا إلى أن الصين في السنوات الثلاث الماضية حققت إنجازات ملموسة في مكافحة الوباء، وقدمت مساهمات كبيرة في المعركة العالمية ضد الفيروس.
— إنجازات في معركة مكافحة كوفيد
منذ تفشي كوفيد-19، وضعت الصين شعبها وحياتها في المقام الأول، وبذلت قصارى جهدها لحماية أرواح الناس وصحتهم.
وقال أنطوان فلاهولت، مدير معهد الصحة العالمية في كلية الطب بجامعة جنيف، إن تجربة الصين في مكافحة كوفيد تقدم دروسا هامة للعديد من البلدان، مشيرا إلى أن استراتيجيتها المحسنة لكوفيد-19 تسير في الاتجاه الصحيح.
وأضاف فلاهولت لوكالة ((شينخوا)) في مقابلة عبر الفيديو أن “استجابة السلطات الصينية كانت جيدة جدا عندما ظهر الوباء في ووهان. لقد طبقت الحكومة الصينية إجراءات صارمة وفعالة للغاية في ذلك الوقت لمواجهة الوباء ومنع انتشاره في جميع أنحاء البلاد”.
وفي السنوات الثلاث الماضية، استجابت الصين بشكل فعال لموجات كوفيد العالمية وتجنبت انتشار عدوى السلالة الأصلية من الفيروس ومتحور دلتا، وهما من أكثر السلالات خطورة وتسببا بالمرض نسبيا مقارنة بالمتحورات الأخرى. كما حافظت البلاد على معدل الإصابة الشديدة ومعدل الوفيات جراء المرض بين الأدنى في العالم.
وفي الوقت نفسه، بلغ متوسط معدل النمو الاقتصادي السنوي للصين على مدى السنوات الثلاث الماضية حوالي 4.5 في المائة، وهو أعلى من المتوسط العالمي، مما قدم مساهمة كبيرة في النمو الاقتصادي العالمي.
وقال قو تشينغ يانغ، مدير التعليم التنفيذي الصيني وأستاذ مشارك في كلية لي كوان يو للسياسة العامة بجامعة سنغافورة الوطنية، إن الصين في مواجهة تفشي كوفيد-19 اتخذت كل التدابير اللازمة لوقف الانتشار السريع للفيروس، مما ضمن صحة الناس ومكّن البلاد من القيام بدورها في استقرار الاقتصاد العالمي.
وقال قو الذي تتمحور اهتماماته البحثية حول الاقتصاد الصيني والسياسة العامة والتنمية الحضرية في سنغافورة: “ضرب الوباء النمو العالمي، لكن الصين تمكنت باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم من الحفاظ على استقرار سلسلة التوريد العالمية من خلال تجارتها الضخمة، حتى في عام 2022 عندما ضرب متحور أوميكرون البلاد”.
— استجابة كوفيد قائمة على العلم
ورغم أن المتحور أوميكرون هو أقل خطورة مرضيا وفتكا، كانت تزداد قدرة العلاج والاختبار والتطعيم في الصين بشكل مطرد.
وإزاء هذه الخلفية، أجرت الصين مجموعة من التعديلات النشطة على استجابتها لكوفيد-19، بما في ذلك 20 إجراء في نوفمبر الماضي، و10 إجراءات جديدة في ديسمبر، وتغيير المصطلح الصيني لكوفيد-19 من “الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد” إلى “عدوى فيروس كورونا الجديد”.
وقال بلال أحمد، عالم الصحة العامة في سينترال كير في باكستان، وهي منظمة دولية غير حكومية تعمل في مجال الصحة والتعليم، إنه يتعين على الدول أن تكون مرنة وقابلة للتأقلم في نهجها لمنع انتشار كوفيد-19 والسيطرة عليه.
وقال أحمد إن الصين التزمت بمنهج علمي ضد الفيروس منذ بداية تفشي المرض مع توظيف أسس اقتصادية قوية وإجراءات لتحفيز الطلب.
ومع خفض الصين لإجراءات إدارتها لكوفيد-19 اعتبارا من يوم الأحد الماضي، تدفق المسافرون المحتملون إلى مواقع السفر على الانترنت، والتي شهدت ارتفاعا في طلبات الدخول والخروج من البلاد. ورحبت تايلاند يوم الاثنين بوصول آلاف السياح الصينيين إلى عاصمتها بانكوك.
ومع ذلك، فرضت دول قليلة شروط دخول تمييزية على المسافرين من الصين، وهو ما رفضه الخبراء والعلماء على نطاق واسع.
وحث هانز كلوغ، المدير الإقليمي لأوروبا في منظمة الصحة العالمية، الدول على اتخاذ اجراءات احترازية قائمة على العلم ومتناسبة وغير تمييزية فيما يتعلق بمكافحة كوفيد-19.
وقال كلوغ “بالنسبة لتلك البلدان في منطقتنا التي تطبق إجراءات سفر احترازية في هذا الوقت، فإننا ندعو إلى أن تكون هذه الإجراءات مبنية على العلم ومتناسبة وغير تمييزية”.
كما قال كبير المسؤولين الطبيين في أستراليا بول كيلي في رسالة إلى وزير الصحة في البلاد إنه لا يعتقد أن “هناك مبررا كافيا للصحة العامة لفرض أي قيود أو متطلبات إضافية على المسافرين من الصين”.
وتوصل مسؤولو الصحة في الولايات الأسترالية ونيوزيلندا إلى “إجماع قوي” على أن فرض قيود على المسافرين من الصين “يتعارض مع النهج الوطني الحالي لإدارة كوفيد-19 ولا يتناسب مع المخاطر”، كما كتب كيلي.
— انتعاش اقتصادي
في الوقت الراهن، يتحسن وضع كوفيد-19 في الصين، وقد تجاوزت بعض المقاطعات والمدن ذروتها، وعادت الحياة والعمل إلى طبيعتهما بوتيرة متسارعة.
وأعرب العديد من الخبراء عن ثقتهم بأن الصين تعود إلى طبيعتها قبل تفشي الوباء، الأمر الذي سيطلق العنان لمزيد من الحيوية الاقتصادية والفرص للعالم.
وقال قو “مع تعديل الصين لسياساتها الخاصة بالوقاية من الوباء، فإن السياح الصينيين المتجهين إلى الخارج سوف يغذون صناعة السياحة العالمية، وستصبح سلاسل الصناعة والتوريد المرتبطة بالصين أكثر استقرارا”، مضيفا أن التجارة القوية مع الصين ستجلب المزيد من الحيوية إلى النمو العالمي.
وأضاف الباحث لوكالة ((شينخوا)) “خفضت بعض مؤسسات الدراسة الدولية من توقعات النمو للاقتصادات الكبرى في عام 2023، لكنها متفائلة بشأن إمكانات الصين. ويظهر موقفها أن الاقتصاد الصيني سيكون قوة رئيسة لتعزيز ثقة السوق والتعافي الاقتصادي العالمي”.
وقال بامبانغ سوريونو، رئيس مركز دراسة الابتكار الآسيوي في إندونيسيا، إن الصين هي أكبر وجهة تصديرية لإندونيسيا، مشيرا إلى تكامل الاقتصادين وترابطهما بشكل شديد.
وأوضح سوريونو أن انتعاش الاقتصاد الصيني من شأنه أن يعزز صادرات إندونيسيا إلى الصين، مضيفا أنه من المتوقع أن يقفز عدد السياح الصينيين إلى إندونيسيا.
وقال أندريه أوستروفسكي، كبير الباحثين في مركز البحوث الاجتماعية والاقتصادية الصينية في معهد دراسات الشرق الأقصى التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إن تعديل سياسات الاستجابة الصينية لفيروس كورونا سيفيد التبادل التجاري بين روسيا والصين وتبادلات الأفراد ويسهل اتصالاتها مع بقية العالم.