*شبكة طريق الحرير الإخبارية/
45 عاماً لعلاقات أردنية صينية زاخرة بالنجاحات والمكتسبات (1)
بقلم: الأكاديمي مروان سوداح*
كان لي الشرف وشعرت بالغبطة لدعوة التلفزيون الصيني الشهير والناطق بالعربية – “CGTN”، لاتحدث من خلال شاشة المُبَاصَرة الصينية، لتتجدد إطلالتي على ملايين المواطنين الصينيين والعرب، لاستعرض أهمية الروابط التي تربطنا أردنيين وعرباً بالصين تاريخياً وراهناً، لكونها أكثر من مجرد صداقة، ذلك أنها ترتقي إلى مستوى التحالف والتفاهم الشامل والمحبة المتبادلة، سيَّما وأن الصين تقف بمبدئية كاملة وقوة إلى جانب الحقوق العربية، وتناصر القضية الفلسطينية، وهي أول من أرسل السلاح للعرب، وتؤيد التطور الاقتصادي والإنساني لمختلف الدول العربية، وتساند تعاظم المشاريع الصينية الإنتاجية على الأرض الأردنية، بما لها من انعكاسات جِد إيجابية على المواطن الأردني، وتوسيع رقعة التشغيلات والتوظيفات، ونشر التكنولوجيا، وزيادة أعداد الطلبة الأردنيين الدارسين في الصين، والطلبة الصينيين المُنخرطين في الجامعات والمعاهد العليا الأردنية، وتبادل المعارف بالاتجاهين الصيني والأردني، وتوسيع التبادل الثقافي والعلمي والإعلامي، واستفادة الأردن من الخبرات الصينية التقدمية في شتى المجالات، واجتذاب الصينيين للسياحة والعلاج في الأُردن وبمياه البحر الميت – الحي، والكثير غير ذلك الذي يحتاج إلى مجلدات عدة لجمعه والتعريف به، وتناوله على نطاق واسع، والكشف عنه في الفضاء الشاسع، كونه يُشكِّل مداميك صلدة للعلاقات الثابتة وقرابة الدم بين شعبينا من خلال التزاوج الذي لم ينقطع منذ عصر طريق الحرير القديم، وقد انعكس بجلاء في تآخي الدولتين المتفاهمتين، المملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية الصين الشعبية.
تنعم الأردن والصين بتاريخ متميز نقرأ عنه في صفحات الحضارة العالمية، فهو قديم وطويل وما زال يتمتع بالاستمرارية إلى يومنا هذا، إذ تلاقت الحضارتان الصينية والأردنية على مشتركات إنسانية وأهداف جمعية في تبادلات عمّقت تفاهمهما الثنائي، وقد أقام طريق الحرير الصيني القديم الجسور والأواصر للتبادلات الفكرية والاقتصادية والثقافية بين شعبينا، وأفضى ذلك إلى تراكمات هذه الصِّلات في عصرنا للانتقال إلى قفزة نوعية للعاصمتين المتآخيتين، فقد ترسخت التفاهمات والتي منها السياسية والدبلوماسية الشعبية، وتأكد ذلك على الملأ في خضم الاحتفالات التي جرت في عَمَّان وبكين في العام المنطوي 2021، بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الدولة الأردنية، ومئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني، الراعي للصين والحارس الأمين لمسيرتها، إذ ثبت في الأردن طوال الفترة الماضية تسييد “العربية” حضارة وثقافة وعادات وتقاليد ونمطاً حياتياً، ومكوناتها المختلفة الموحَّدَة، بعيداً عن الاستعمار والنهب والهيمنة الأجنبية. وفي الصين ترسَّخ تأثير ودور الحزب الشيوعي الصيني الأمين في وطنه وعلى شعبه في كل الفضاءات، لتغدو الصين بحزبها وقائدها شي جين بينغ، صاحب النظريات والمبادرات الإبداعية التطورية، عظيمة الأمم، والدولة الأولى على مساحة كل المَعمورة اقتصادياً وتقنياً وفي مجالات أخرى. وبهذا، فإن العاصمتين عَمَّان وبكين تتشاركان حكومياً وشعبياً بتواريخ أساسية لهما، يُنظر إليها كتعبير ناصع عن إجتراح نقلات تاريخية مفصلية في حياة الأمتين، وانطلاقتهما المُخطَّطَة صوب وضع قواعد ثابتة تضمن مستقبلاً زاخراً بالإيجابيات والجديد، مع تجدّد وتوسّع متطلبات مواطني الشعبين في إطار الرقي المدني والازدهار الحضاري الشامل للإنسان الصيني والأردني، ذلك أنهما يتمتعان بالاستنارة والمصاهرة بفضل “طريق الحرير الصيني” القديم، الذي سلك دروب الأردن بِهِمَّة الصينيين العالية، إبتداءً من منطقتي الشمال والجنوب، ليُصبح الأردن وشعبه الأقرب للصين وقلوب الصينيين، ولتتصلب علاقاتنا الثنائية من خلال المبادرة الصينية الكونية الجديدة، “الحزام والطريق”، التي سبق وأطلقها الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية، الرفيق شي جين بينغ، في العام 2013م.
خلال قيادتي الطويلة لـِ”الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتَّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين”، زرت الصين بدعوات رسمية مرات كثيرة، واطَّلعت على مناحي حياة الصينيين في الكثير من المجالات، وتجوّلت في بقاع هذه البلاد الصديقة من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، وتأكدت على أرض الواقع كم هو التفاهم بيننا عميق وشامل ويرتقي إلى مستوى الأُخوَّة الحقيقية، ليس على المستوى الرسمي فقط بين قيادتي بلدينا، بل وعلى المستوى الشعبي كذلك، ذلك أن رجل الشارع في الأردن هو أيضاً بات يعرف الكثير عن الصين وعلاقاتنا الثنائية معها، لذلك كان من السهل أن أتحدث في اللقاء التلفزيوني عن كل ذلك، فرؤية الصينيين للمواطن الأردني – العربي في شوارع مدنهم وقراهم، وكذا المواطن الصيني في عَمَّان والمدن الأردنية والمرافق السياحية والثقافية الأردنية، أضحى ظاهرة يومية مُحببة، وهو دليل على حقيقة أن علاقات بلدينا يرتفع بُنْيَانها على صخرة رسمية وشعبية صلبة، وتنتظر المزيد والمزيد من الاجتراحات بجهود ونباهة قيادتينا السياسيتين.
*متخصص في الشؤون الصينية.
سشششكرا جزيلا للاهتمام بنشر المقالة والصورة المأخوذة من لقائي مع التلفزيون الصيني CGTN العربية..