شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
د.أحمد عبد الله نجم
أستاذ التاريخ والحضارة العثمانية بكلية الآداب جامعة شمس
بعد معارك استمرت ستة أسابيع انتصرت أذربيجان على أرمينيا ، وذلك عندما أعلن رئيسها إلهام علييف في العاشر من شهر نوفمبر من عام 2020م أنّ الاتفاق الذي أبرمته بلاده مع أرمينيا بوساطة روسيا لوقف إطلاق النار في إقليم قره باغ المحتل منذ ثلاثة عقود هو “وثيقة استسلام” أُرغمت يريفان على توقيعها بعد ستّة أسابيع من المعارك مؤكدًا أن وثيقة الاتفاق تلك هي وثيقة استسلام أجبر رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان على توقيعها”.
وبهذه الكلمات نجحت أذربيجان في طي صفحة حزينة من تاريخها امتدت لثلاثة عقود وتمثلت هذه الصفحة في إنهاء احتلال أرمينيا لمساحة كبيرة من آراضيها تشمل أقليم ناجورني قاره باغ. وهذه الكلمات وهذا الانتصار جاء ليؤكد على أن ما ضاع حق وراءه مطالب وأن الحق يحتاج لقوة تحميه إذا وجد وتستعيده إذا ما ضاع يوما. ذلك أن أذربيجان وعبر سنوات عديدة عقب احتلال آراضيها في عام 1993م حصلت على أربعة قرارات من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تؤكد على ضرورة إنهاء احتلال أرمينيا لتلك الآراضي وهي القرارات رقم 822 في 30 إبريل 1993م والذي دعا إلى وقف الأعمال العدائية وانسحاب جميع قوات الاحتلال من منطقة كلبجر وغيرها من المناطق المحتلة حديثاً في جمهورية أذربيجان.
وأعرب عن دعمه لعملية السلام التي يجب متابعتها في إطار مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا.، ورقم 853/ 29 يوليو 1993م والذي طلب بالوقف الفوري لجميع الأعمال العدائية؛ يدعو إلى انسحاب قوات الاحتلال من منطقة أغدام وغيرها من المناطق المحتلة مؤخرًا في جمهورية أذربيجان، وأعاد تأكيد قرار الأمم المتحدة رقم 822، وأيد الجهود المستمرة التي كانت تبذلها مجموعة مينسك المنبثقة عن مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا لتحقيق حل سلمي للنزاع.
ورقم 874 في14 أكتوبر 1993م دعا إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار ووقف الأعمال العدائية وانسحاب القوات من المناطق المحتلة حديثًا في جمهورية أذربيجان، وأكد على قراري الأمم المتحدة 822 و 853، وكرر مرة أخرى دعمه الكامل لعملية السلام الجارية في إطار مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا . ورقم 884 في 12 نوفمبر 1993م أدان الانتهاكات الأخيرة لوقف إطلاق النار بين الطرفين، والتي أدت إلى استئناف الأعمال العدائية. ودعا حكومة أرمينيا إلى استخدام نفوذها لتحقيق امتثال أرمن منطقة مرتفعات قره باغ بجمهورية أذربيجان للقرارات 822 و853 و874؛ مطالبة الأطراف المعنية بالوقف الفوري للأعمال العدائية المسلحة؛
ودعا إلى “انسحاب قوات الاحتلال” من منطقة زانجيلان ومدينة غوراديز وأكد على قرارات الأمم المتحدة 822 و 853 و 874. وحث بقوة الأطراف المعنية على مواصلة السعي للتوصل إلى تسوية تفاوضية للنزاع في سياق عملية مينسك التي يقوم بها مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا. ولم تنجح هذه القرارات ولا المنشادات الدولية في ردع أرمينيا عن محاولاتها لتغيير التركيبة السكانية لهذه الآراضي المحتلة عن تهجير أعداد ضخمة من السكان الأذربيجانيين لتلك المناطق.
ولكن اللوبي الأرمني في عدد كبير من الدول الغربية نجح في لفت الأنظار عن هذا الأمر وتركيز بؤرة الاهتمام على الادعاءات الأرمينية بحدوث إبادة جماعية لهم أثناء عمليات التهجير التي حدثت للأرمن أثناء الحرب العالمية الأولى. والرد على مثل هذه الإدعاءات يحتاج لبذل مزيدًا من الجهد تقديم دراسات علمية تستند على التراث الوثائقي في كل من تركيا وأذربيجان.
وفي الختام يمكن القول إن ما قامت به أذربيجان من تحرير آراضيها قد أثبتت بشكل عملي وحاسم أن الحق يحتاج دائما لقوة تحميه إذا وجد وتستعيده إذا جار عليه جائر طارحة نموذجًا تحتاج إليه الأمة الإسلامية في عالم يعلي من لغة القوة ولا يعترف إلا بالأقوياء.
ولعل ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي الآن في القدس ضاربة عرض الحائط بكل القرارات الدولية والمناشدات المستمرة يقف خير شاهد على هذا الأمر.
ولكن أذربيجان رغم هذا النصر ستظل تحكمها قيم وأعراف تعلمتها من الدين وتوارثتها عبر الأجيال في تعاملها مع الآخر تقوم على حرمة الأبرياء وحفظ مقدسات غير المسلمين لا كما فعل الآخرون من تشريد آلاف من الضحايا الأبرياء وانتهاك حرماتهم ومقدساتهم عندما سنحت لهم الفرصة.
**ملاحظة المحرر: تعكس المقالة وجهة نظر شخصية للكاتب، وليس بالضرورة أن تعبر عن رأي شبكة طريق الحرير.