خاص بشبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
كلمة الرئيس شي جين بينغ في منتدى دافوس
الوضوح في تشخيص المتغيرات على الصعيد الدولي في طرح الحلول
بقلم: د. كاوه محمود*
*تعريف بالكاتب: سكرتير اللجنة المركزية للحزب #الشيوعي_الكوردستاني ـ العراق، كاتب وباحث، و وزير الثقافة السابق في إقليم #كردستان – العراق، وعضو متقدم في الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء #الصين.
اتسمت كلمة رئيس جمهورية الصين الشعبية الرفيق شي جين بينغ في منتدى دافوس مؤخرًا، بالوضوح التام في تشخيص المتغيرات التي تجري في عالمنا المعاصر، و طرح خارطة طريق واضحة لتجاوز الأزمة عبر بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية. وقد اعتمد في تشخيصه و تحليله على المعطيات الواقعية خلال السنوات الماضية و بالأخص المستجدات التي حصلت منذ العام الماضي، حيث تفشى جانحة كورونا في أكثر من 200 دولة ومنطقة، وشملت تداعياتها أكثر من 7 مليارات نسمة في العالم، وحصدت أرواح أكثر من مليوني شخص. كما أوقعت أكثر من 200 مليون نسمة في الفقر المدقع، مما شكل صدمة كبيرة للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية في العالم.
واستكمالآ لتلك اللوحة السائدة في العالم أشار الرئيس شي جين بينغ الى معاناة البشرية في الوقت الحاضر من أخطر كساد اقتصادي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث تكبدت جميع اقتصادات العالم خسائر فادحة في آن واحد ولأول مرة في التاريخ، وتعثر الانتاج الصناعي والإمداد في أنحاء العالم، وشهدت التجارة والاستثمار ركودًا مستمرًا. وعلى الرغم من الإجراءات الاقتصادية الإغاثية المتخذة من الدول المختلفة بقيمة تريليونات الدولارارات غير أن الانتعاش الاقتصادي العالمي ما زال هشًا، وأفقه ما زال غامضًا.
ازاء هذه الحالة حدد الرئيس شي جين بينغ مهمة تعزيز التنسيق في سياسات الاقتصاد الكلي، وأهمية تضافر الجهود لتحقيق النمو القوي والمستدام والمتوازن والشامل للاقتصاد العالمي. وتتطلب أنجاز هذه المهمة العمل لضمان سير الاقتصاد العالمي على طريق النمو الصحي والمستقر الطويل المدى، عبر نبذ التحيز الأيديولوجي والسير على طريق التعايش السلمي والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك.
وضمن المهام الاساسية التي طرحها الرئيس شي جين بينغ في المنتدى مسألة الحوكمة الاقتصادية، وسد الفجوة بين الجنوب والشمال، التي تعتبر أساسا لتجاوز الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية والعمل المشترك لتعزيز التنمية والازدهار في الدول كافة.
كما أشار الى احتمال تكرار حالات الطوارئ للصحة العامة مثل جائحة فايروس كورونا المستجد، مما يتطلب تعزيز الحوكمة العالمية للصحة العامة، و العمل المشترك لمواجهة التحديات الكونية و خلق مستقبل أفضل للبشرية.
لم يقتصر حديث الرئيس شي جين بينغ في حدود تشخيص المهام فقط، فقد أشار الى الآليات المطلوبة في العمل المشترك لتنفيذ المهام التي أشار لها في بداية حديثه.
تتجسد تلك الآليات في التمسك بسياسة الانفتاح و التسامح، بدلًا من الانغلاق والإقصاء والتركيز على التعددية و التشاور، و الالتزام بالقانون الدولي والقواعد الدولية، بدلًا من السعي وراء الهيمنة من جانب واحد، و نبذ عقلية الحرب الباردة، والالتزام بتبادل الاحترام والتسامح، وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة من خلال التواصل الإستراتيجي، و مواكبة العصر.
وتتطلب تنفيذ تلك الوجهة تفعيل دور منظمة الصحة العالمية، ودفع إصلاح منظمة التجارة العالمية، والمنظومة المالية والنقدية العالمية، وتعزيز النمو الاقتصادي العالمي، وضمان المصالح والحقوق والفرص التنموية للدول النامية.
ان مجمل الحلول البنّاءة التي طرحها الرئيس الصيني تتمحمور في مفهوم مجتمع المصير المشترك للبشرية، والتمسك بالسياسات التي تقوم على أساس الوقائع وكون الإنسان مركزا للتنمية.
واستكمالآ للمهام و الآليات التي أشار اليها في معرض حديثه، أكد الرئيس شي جين بينغ على مسؤولية الصين ومواصلتها للمشاركة النشطة في التعاون الدولي لمكافحة الجائحة. ومن الجدير بالذكر ان الصين قدمت المساعدات الوقائية لأكثر من 150 دولة و13 منظمة دولية، وأرسلت 36 فرقة من الخبراء الطبيين إلى الدول المحتاجة اضافة الى مشاركتها في انتاج اللقاح.
كما جرى التأكيد في كلمته على مواصلة الصين في تنفيذ إستراتيجية الانفتاح القائمة على أساس المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، و تعزيز التنمية المستدامة، و تطوير العلوم والتكنولوجيا والابتكار، ومواصلة العمل على إقامة نوع جديد من العلاقات الدولية، والتمسك بثبات بالسياسة الخارجية السلمية المستقلة، والعمل على تسوية الخلافات عبر الحوار وحل النزاعات عبر المفاوضات، وتطوير علاقات الصداقة والتعاون مع دول العالم على أساس المساواة والاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة.
لقد تميَّز حديث الرئيس الصيني في المنتدى بالمنهجية العلمية الواضحة والتشخيص الصائب للاشكاليات التي توجه البشرية، و معضلات المجتمع الدولي وتناقضاته القائمة. ويمكن القول بانه قدّم خارطة طريق واضحة و عملية تساهم في تجاوز أزمات البشرية الناتجة عن النهج النيوليبرالي للرأسمالية المعاصرة التي تتفاقم مشاكلها وتعرض البشرية للفقر والبطالة و الكساد و التخلف، اضافة الى المعاناة الناجمة عن المشكلة الايكولوجية وازدياد بؤر التوتر في العالم.