خاص بشبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
بقلم: طارق قديس *
#طارق قديس: #شاعر و #كاتب #أردني معروف وله العديد من الإصدارات الشعرية والقصصية، وعضو #قيادي متقدم والمستشار الخاص لرئيس #الإتحاد_الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين لقضايا السياسة والثقافة والأدب والقلميين في الصين.
بالتزامن مع انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أواخر شهر يناير من عام 2021 قامت بعثة من منظمة الصحية العالمية بزيارة الصين بهدف البحث في أصول منشأ فيروس كورونا بالعودة إلى المشهد الأول الذي ظهرت فيه بوادر جائحة صحية لم يتوقع أحدٌ أن تلقي بظلالها على العالم، وأن تشلَّ حركته، وأن تضع الدول أجمع، وعلى رأسها الدول الأوروبية الكبرى، والولايات المتحدة الأمريكية أمام تحدِّياتٍ صعبة لم تعتد عليها ، ولم تستطع أن تتجاوزها حتى اللحظة رغم كل ما تتمتع به من تقدم تكنولوجي، وبحثي، طبي منذ سنواتٍ طويلة.
ففيما الرئيس شي جين بينغ يشاركُ بكلمته المحكمة في المنتدى المعقود افتراضيّاً، مؤكداً بنبرة حازمة قاطعة على ضرورة تعزيز التنسيق في السياسات الاقتصادية الكلية، ونبذ التحيز الآيديولوجي، وتجاوز الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية، والعمل المشترك في مواجهة التحديثات الكونية، وقد استهل خطابه بالإشارة إلى أنه “لا يمكن للشتاء أن يوقف قدوم الربيع” في إشارةٍ إلى أن انتصار البشرية في معركتها ضد الفيروس المستجد أمرٌ محتوم، وأن المعاناة اليومية للشعوبِ جرّاء تفشي المرض ستنتهي بكسر شوكته، لتعود بعدها أقوى مما كانت، منوِّهاً إلى ضرورة التركيز على التعاون الدولي لمكافحة هذا الوباء، كان فريق البعثة على أبواب انتهاء حجره الصحي لمدة 14 يوماً، ويُعدُّ العدة لبدء مهمته الميدانية على الأراضي الصينية، في محاولة لفك شيفرة نشأة الفيروس، وتتبع خيوط مغامرته الأولى في حياة الإنسان.
وبعد فترة من البحث والتقصي من قبل أعضاء الوفد بمعونة لجنة الصحة الوطنية الصينية، وبعد أن اطمأنت إلى ما خلصت إليه نتيجة مشاهداتٍ وبيانات تأكدت من صحتها، أصدرت نتائجها على الملأ حول أصل الفيروس، وملابسات الشرارة الأولى لانطلاقه نحو البشر.
النتائج في مجملها أتت ضربة قاضية لنظريات المؤامرة التي طرحتها جهات كثيرة في بداية الأزمة الصحية عام 2020، والتي أشار العديد منها إلى أن ظهور الفيروس جاء نتيجة خطأ مخبري حدث في ووهان، مما يفترض ضمناً تكتم بكين على حقائق لم يتم الكشف عنها في حينه. فالفريق العلمي شدَّد في مؤتمرٍ صحفي ختم به رحلته نحو الماضي إلى أنه من غير المرجح على الإطلاق أن يكون “كوفيد 19” وليد حادث في مختبر، الأمر نزل كالصاعقة على رؤوس المتربصين بالقيادة الصينية التي لطالما نادت بذلك في البدايات، وأنهى أملهم بالنيل من مصداقية جمهورية الصين الشعبية بوَضْعِ حدٍّ للشائعات التي تم الترويج لها عبر وسائل الإعلام الغربية بشكل مستمر.
لكن هذه لم تكن الضربة القاسمة الوحيدة التي وجهها تقرير فريق منظمة الصحة العالمية إلى مروجي الشائعات ضد بكين، وإنما كانت هناك ضربة أعتى فجَّرها التقرير وهي أن سوق ووهان الصيني للمأكولات البحرية ربما لا يكون أول موقع تفشى فيه فيروس كورونا المستجد! وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لدحض المقولة الرائجة بأن بذرة “كوفيد 19” الأولى صناعة صينية، وهو ما يعيد النقاش إلى المربع الأول حول بزوغ الفيروس وحقيقة نشوئه.
إن خلاصة القول مما سبق تتركز في نقطتين، الأولى هي أن العالم قد أهدر الوقت الكثير من الوقت للترويج لإشاعة محورها إلصاق تهمة زائفة بجمهورية الصين الشعبية، في محاولة بائسة لوقف تقدمها الاقتصادي، وزعزعة هيبة الدولة في المحافل الدولية، بينما الحقيقة كانت في المتناول منذ البداية، وهي ما أعلنت عنه بكين أكثر من مرة، وردت عليه في تصريحات وافية ودقيقة. والثانية هي أن جمهورية الصين الشعبية بقياداتها الحكيمة لم تقف كثيراً عند ما وُجِّهَ إليها من افتراءات، وعمدت إلى الإبقاء على عجلة الحياة كما هي، وكذلك التقدم الاقتصادي، بل إنها عملت جاهدة على ترجمة مقولة الرئيس بأنه “لا يمكن للشتاء أن يوقف قدوم الربيع” إلى واقع حي وملموس. ضاربة بذلك مثالاً يحتذى للبلدان كافة بأن استمرار العمل والتمسك بالأمل هما خيرُ علاج للمرض من أن يقف أمامه المرءُ عاجراً يبكي على الأطلال.
هذا هو النبأ العظيم الذي زفه أعضاء وفد منظمة الصحية العالمية إلى البشرية، وأسكتت به أصوات المناوئين للصين بشعبها وقيادتها. فهل ترى سينصتون لصوت المنطق الآتي من الشرق أم أنهم سيديرونَ ظهورهم لذلك كلِّه، وسيستمرون بالمضي في نصب مكائدهم ودسائسهم كلما سنحت لهم الظروف بين الفينة واُختها؟
سؤال أظن أنه يجب الوقوف عنده طويلاً، رغم أن إجابته ليست بالصعبة، ولا أحسبها تخفى على أحد من المتابعين للشؤون الدولية الاقتصادية منها والسياسية، حتى وأن كان يخطو خطواته الأولى في عالم الأخبار.