Wednesday 20th November 2024
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الصين ودافوس .. متلازمة الرؤية المتجددة

منذ 4 سنوات في 14/فبراير/2021

خاص بشبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/

 

الصين ودافوس .. متلازمة الرؤية المتجددة

 

بقلم: أ.م. أحمد موسى نصّـار*

*التعريف بالناشر: كاتب وباحث ومتخصص فلسطيني في الشؤون الصينية والفلسطينية – الإسرائيلية – الصينية، وصاحب أطروحة علمية متميزة في هذا المجال، وعضو ناشط وقديم في الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين. مقيم في الصين. 

 

يعتبر الاقتصاد الصيني أسرع اقتصاد نمواً في العالم، محققاً إنجازات فاقت الدول العظمى الأخرى، ولعل هذا الأمر جعل الصين تضع لنفسها سياسة اقتصادية مميزة الملامح وواضحة الرؤى عبر سنين تقدمها ومراحل تطورها، لتتربع بذلك على عرش الدول المنتجة والمصدرة، لذلك لا بد من الوقوف على رؤية الصين للأزمات الاقتصادية العالمية المعاصرة من خلال كلمة الرئيس الصيني (شي جين بينغ) في اجتماع أجندة المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في مدينة دافوس السويسرية في الخامس عشر من يناير لعام 2021 والتي ألقاها من مدينة بكين.

ان المتابع للسياسة الخارجية الصينية واطلالات الرئيس الصيني (شي) وكلماته بخصوص سير العجلة الاقتصادية يعي جيداً ان للصين مبادئ اقتصادية ثابتة بأهدافها مرنة بأسلوبها، فالأهداف الصينية تتمثل في الحفاظ على منسوب كافي من الاستقرار الاقتصادي الداخلي للشعب الصيني، وذلك بالتأكيد على استمرار المنحى الصاعد للمستوى المعيشي المحلي والحفاظ كذلك على ناتج محلي يكفل هذا الاستقرار، وكذلك المساهمة في تنمية الاقتصاد الإقليمي والعالمي، الأمر الذي جعل الصين لا تنأى بنفسها عن جيرانها بل تمد لهم أيدي المساعدات الاقتصادية والتنمية التجارية، وهو ما شهدناه في دول مثل ماليزيا وتايلند والفلبين ولاوس وغيرها.

أما الأساليب الاقتصادية التي تنتهجها الصين لتحقيق ذلك فهي من المرونة بما يكفي لتتلاءم مع متغيرات العصر وتقلبات الوضع الاقتصادي العالمي، ففي السنة الماضية عانت دول العالم كافة من حالة من الركود الاقتصادي بسبب جائحة كورونا، وتكبدت العديد من الخسائر الفادحة بسبب تراجع التبادل التجاري بين الدول، وهو ما أشار اليه الرئيس الصيني في كلمته في اجتماع دافوس، والحقيقة ان الرئيس (شي) قد وصّف الحالة العالمية بدقة عند قوله أن (الشتاء البارد لن يوقف وتيرة الربيع، والليل المظلم لا يمكن ان يخفي الفجر) إشارة الى الركود الذي كان بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2020 عند انتشار فيروس كورونا، وأضاف أن (شعوب العالم تكافح هذا الفيروس بعزيمة وشجاعة،  وانه يجب تعزيز التنسيق في السياسات الاقتصادية الكلية لتحقيق نمو اقتصادي قوي ومستدام ومتوازن وشامل) في بارقة أمل وتشجيع منه للعالم ان القادم أفضل، وهذا ليس بجديد على الصين والصينيين، فإحدى ملامح الرؤية الاقتصادية الصينية هي توصيف المشكلة وإعطاء الحل لها.

وفي نفس السياق، أشار الرئيس (شي) الى ضرورة التعايش السلمي وتبادل النفع والكسب المشترك، وفي هذا الاطار يجب الوقوف على سمة أكبر للسياسة الصينية من كونها مجرد سمة اقتصادية او أسلوب تجاري صرف، بل انها قاعدة أساس للتعامل الصيني مع مختلف القضايا الشائكة، وهي حتمية التعايش مع الآخرين مهما كان الاختلاف بيننا وبينهم بما يحقق المنفعة لكل الأطراف، وقد وظف الرئيس (شي) هذه السمة في طرحه لحل المشكلة الاقتصادية العالمية الراهنة، فأشار الى أنه (لا يوجد ورقتا شجرة متطابقتان في العالم) وأن (التباين في التاريخ والثقافة والنظام الاجتماعي لدول العالم موجود في المجتمع البشري منذ القدم) لذلك لا بد من النظر الى هذه الفقرة من خطاب الرئيس (شي) بنظرة واقعية قوية لتضيف الى الحراك الاقتصادي العالمي وتساهم في التقدم والازدهار.

ان القراءة المتمعنة في خطاب الرئيس الصيني (شي جين بينغ) في دافوس تدفعنا الى ملاحظة انه استخدم عبارات تجمع ولا تفرق، وتساهم في الاصطفاف العالمي لمواجهة التحديات المعاصرة، ففي الفقرة الرابعة للخطاب أشار الرئيس (شي) انه لا بد من (العمل سوياً لمواجهة التحديات وخلق مستقبل أفضل للبشرية) خاصة ان (حالات الطوارئ للصحة العامة مثل جائحة فيروس كورونا قد تتكرر) لذلك (يجب تعزيز الحوكمة العالمية للصحة العامة)، فالصين لم تقف مكتوفة الأيدي امام هذا المرض العالمي بل ساهمت في تطوير سبل مواجهته والتغلب عليه من خلال تصديرها للمعدات الطبية لكل دول العالم، واكتشافها للقاح الصيني الذي تستخدمه العديد من الدول حول العالم لتطعيم مواطنيها، وساعدت الصين كذلك منظمة الصحة العالمية في أعمالها المستمرة لمواجهة هذه الجائحة، وهو ما أكد عليه الرئيس الصيني (شي) عندما أشار انه (يجب تفعيل دور منظمة الصحة العالمية وإقامة مجتمع تتوفر فيه الصحة للجميع)، بل وأضاف انه يجب دفع عجلة اصلاح هذه المنظمة الهامة الى جانب المنظومة المالية والنقدية العالمية.

وعلى صعيد آخر،  فإنه يجب الإشارة الى ان الرؤية الصينية واضحة الملامح التي أشرنا اليها لا بد ان تؤتي أكلها محلياً أولاً في الداخل الصيني، واقليمياً لجيران الصين، وعالمياً لكل الدول التي ترغب في ان تشارك الصين مسيرة التنمية والتطور، فالصين –كما أشرنا- لم تنأى بنفسها عن دول العالم، بل انها تبني طريق الحرير التجاري العالمي لتؤكد على رؤية الشمولية للتنمية الاقتصادية العالمية، الأمر الذي أكد عليه الرئيس (شي) عندما قال أن (الصين ستواصل مشاركتها النشطة في التعاون الدولي)، وهذا ما يدفعنا الى التفاؤل بالمستقبل القريب للمنطقة الآسيوية خاصة، والعالم بشكل عام، إلا ان هذه الرؤية لا بد لها من (تعميق التضامن والتعاون وتعزيز تقاسم المعلومات) وهو ما أكد عليه الرئيس (شي) كذلك، أما عن ثمار هذه الرؤية فقد أكد الرئيس (شي) أن (الشعب الصيني بات على اعتاب النصر لبناء المجتمع الرشيد على نحو شامل، محققاً إنجازات تاريخية في القضاء على الفقر المدقع، بادئً مسيرة جديدة لبناء دولة حديثة).

ختاماً، فإن خطاب الرئيس الصيني (شي جين بينغ) في اجتماع اجندة دافوس جاء في وقت تعاني فيه البشرية جمعاء من الآثار المترتبة على انتشار فيروس كورونا، وبكل حيادية يمكننا القول ان هذا الخطاب كانت ملامحه العامة هي بث روح الأمل والتفاؤل والتأكيد على استمرار معركة القضاء على هذا الفيروس والدعوة الى الالتفاف والتعاون والتشاركية العالمية في الحد من الاثار الاقتصادية لهذه الجائحة، لتؤكد الصين بذلك على ان رؤيتها الاقتصادية راسخة المبادئ واضحة المعالم، متجددة بما يتوافق مع الازمات العالمية، محققة بذلك متلازمة بينها وبين المنتدى الاقتصادي العالمي أقل ما يقال عنها انها متلازمة رؤية متجددة سوف تطرح ثمار النفع للبشرية والعالم.

التصنيفات: مقالات
بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *