شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
(شوشا) الإيمان والثقافة والحضارة ضوء القمر
بقلم: مارينا سوداح*
*كاتبة وناشطة دولية.
الإعلان الذي نُشر قبل أيام باسم فخامة السيد إلهام علييف، رئيس جمهورية أذربيجان، لفت انتباهي بإعلانه مدينة (شوشا) الأذربيجانية المحررة “عاصمة الثقافة الأذربيجانية”. هذه المدينة شهيرة في العالم بكونها قلعة الثقافة وحاضنتها منذ تأسيسها وعبر كل العصور، لذلك هي تستحق بجدارة أن تغدو المحور المُبرِز في عصرنا لثقافة شعب أذربيجان العريق، وللثقافة العالمية وثقافة المنطقة الجغرافية بأكملها التي تقع فيها دولة أذربيجان.
تشهد (شوشا) هذه الأيام عمليات إعمار ضخمة في كل الاتجاهات، بعد تدمير هائل لمرافِقها على يد الاحتلال الأرميني الطويل الأمد. وفي هذا المجال لفت انتباهي تصريح الرئيس إلهام علييف الذي طالب بضرورة “تفتيش المساكن والمواقع التاريخية، ويجب حساب الأضرار بدقة، ويجب “أن نبدأ في إعمار (شوشا)”. ويُضيف الرئيس: “ومع ذلك، يجب استعادة المظهر الأصلي والصورة التاريخية لشوشا دون إضاعة الوقت، لكن في نفس الوقت دون إسراع “، ونوّه في الوقت ذاته إلى مسألة في غاية الأهمية، ألا وهي “أن المساجد في (شوشا) يجب ترميمها وإعادة مظهرها الأصلي إليها”، ذلك أن الاحتلالية الأرمينية دمّرت أكثر من 60 مسجدًا أذربيجانياً على أرضها، وحوّلت عدداً منها إلى زرائب لتربية الخنازير والأبقار، بخاصة في (مسجد أغدام) الشهير.
الاعتداء على المساجد والكنائس الأذربيجانية، تخريبها وتدنيسها من جانب الاحتلال الأرميني، يَشجبه كل امرىء يتخذ من القوانين الدينية وشرعَة حقوق الانسان والشعوب نهجاً وسبيلاً لحياته يَستند إلى العقل والعقلانية في التفكير الموضوعي والواقعي والسلوك السّوي، والعكس بالعكس.
الممارسات التدميرية وتدنيس المواقع والمنشآت الدينية التي يتردد بين جدرانها اسم الله العظيم واسماء أنبيائه والصالحين من كل الأديان، تؤكد أن مقترفي الخراب ما هم سوى أحلاف جهنم وندماء وأشقاء الشياطين، ولا صِلة لهم بخالق الأرض والسماء، فكيف يكون لهم ذلك وقد خرّبوا ودمّروا كل إثر إيماني وصورة دينية في تلك الأماكن الأذربيجانية التي يحترمها ويجلها في عالمنا جميع أسوياء العقول وأصحاب الفكر القويم وتعمير الانسانية والإيمان وصون الثقافة والانتصار للإرث السماوي والحضاري الشاسع.
تدمير المواقع والعَمائر الدينية من كنائس ومساجد وتحويلها إلى أكوام من حجارة مهشمة ورماد وإلى مزارع للحيوانات من أبقار وخنازير، ليس مِن فِعل انسان خلقه الله على مِثاله البهي، بل هي من صُنع شياطين الأرض مِمَن استولدتهم جهنم للإنابة عنها في الأرض، وأجزم أنه لا وجود لشخص سوي على وجه هذه المَعمورة يمكن أن يوافق على تدنيس عتبة دينية لأي دين، فاحترام الآخر هو قانون مقدس وعقيدة ثابتة تناقلتها البشرية من قرن إلى آخر، ومَن انفضوا عن هذه الثقافة ولوائح السلوك العالمي التاريخي نالوا لعنة السماء، ولم يَعد لهم نديم غير أبليس.
ما جرى من ممارساتِ دَكٍ للأماكن الإسلامية والمسيحية التي يتردد فيها اسم المولى عز وجل، يذكرنا بدونية النازية والفاشية والعسكريتاريا الاحتلالية في الحرب الكونية الثانية التي تجد اليوم لنفسها مخرجاً بتفعيلات مثيلة لها بحق شعب أذربيجان المُسّالم وبمواجهة مشاعر مسلمي ومسيحيي العالم، وما يثلج الصدور أن منظمة المؤتمر الإسلامي والدول الأعضاء فيها يعملون بنشاط وجنباً إلى جنب بتعاون بين رجال الدين من مسيحيين ومسلمين لتوفير الحماية القانونية والواقعية للمواقع الإيمانية والصلوية في أذربيجان، وينهضون سوياً على أرضها والعالم لإقصاء الثقافات الخارجية الدخيلة التي تحتكر الخراب والتخريب، لكونها في موقع الضد للسماء ولوائح المنظمة الدولية (الأمم المتحدة) في توفير السلام والصلاح والآمان والسكينة والتُؤَدَة لجميع الشعوب.
اليوم، تبرز (شوشا) العريقة حاضرةً للثقافة العالمية وموئلاً لها، وها هي إذ تَعتمر تاج المجد وتضيء جهات الأرض الأربع كقمر وضّاء يبث الدفء في العقول والقلوب، تعود إلى موقعها الطبيعي ناشطة في توليد المزيد من مبادىء السلام وإعلاء القيم الثقافية والانسانية لبَني الانسان.