دخل ما يقرب من 13 مليون شاب غرف الامتحانات في جميع أنحاء الصين صباح الأربعاء المنصرم للخضوع لامتحان القبول بالجامعات، المعروف باسم “قاوكاو”، وهو رقم قياسي مرتفع منذ استئناف امتحانات الالتحاق بالجامعات في عام 1977.
وبلغ العدد الدقيق للمتقدمين هذا العام 12.91 مليون، بزيادة 980 ألفا عن العام الماضي، وفقا لوزارة التربية والتعليم. ومن المخطط أن تستمر امتحاناتهم من يومين إلى أربعة أيام، حسب المواد التي قاموا باختيارها.
في هذا السياق؛ قال وو تسونغ شين إنه يحلم بالدراسة للحصول على شهادة في علم الحرائق وأن يصبح رجل إطفاء. وقال: “أعلم أنه قد يكون عملا خطيرا، لكنني أريد أن أفعل شيئا مهما للمجتمع، بدلا من أن أعيش حياة عادية”.
وعلى عكس أقرانه، يحتاج وو إلى أجهزة سمعية للاستماع والتواصل، بسبب عدوى شديدة أصيب بها في طفولته. لكن ذلك لم يمنعه من الحصول على درجات جيدة في المدرسة. وسيتخرج هذا الصيف من مدرسة تشيتشن الثانوية في هنغشوي، وهي مدينة تشتهر بأداء الطلاب المتميز في امتحان الالتحاق بالجامعات في مقاطعة خبي بشمالي الصين.
هذا ويحب وو التفكير بشكل إيجابي إزاء فقدانه للسمع. وقال: “في نهاية كل يوم، ما أحتاج لفعله هو إزالة أجهزة السمع الخاصة بي والذهاب إلى الفراش، وبذلك لا يتمكن أحد من إزعاجي أثناء نومي”.
ووصفه معلمه تشن جيا بأنه “شاب ذكي يتمتع بشخصية قوية”، وأضاف قائلا: “يفضل وو أن يُعامَل كطالب سليم وطبيعي”.
ومع ذلك، يشعر وو بالارتياح لأنه معفى من اختبار الاستماع باللغة الإنجليزية، بما يتماشى مع السياسة الخاصة لوزارة التربية والتعليم للطلاب ضعاف السمع. وقال: “لقد كنت قلقا حقا بشأن هذا الجزء من الامتحان، الآن أشعر براحة أكثر”.
-إدارة الإجهاد
شهد معدل القبول في الجامعات في الصين ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، فإن امتحان الالتحاق بالجامعات في الصين، يُعرف على نطاق واسع بأنه واحد من أصعب اختبارات القبول بالجامعات في العالم، ويرجع ذلك أساسا إلى أن القبول يعتمد بشكل أساسي على نتائج الامتحانات، بدلا من التقدير العام للأداء الأكاديمي للطالب على مدى فترة من الزمن.
تمكنت فان شيوان تشي، مشاركة في الامتحان من بكين، من التعامل مع توترها بشكل جيد. ورفضت عرض والديها بأن تقيم في فندق بجوار مركز الاختبار، وأصرت بدلا من ذلك على النوم في سريرها. كما صنعت مقطع فيديو قصيرا لتشكر والديها على حبهما، وقدمته لوالديها مساء الثلاثاء الماضي.
لا يزال العديد من الطلاب الآخرين بحاجة إلى تشجيع من المعلمين وأولياء أمورهم.
صنع مدرس في مدرسة هنغشوي المتوسطة الثالثة عشرة قطعة فنية ضخمة على الحائط من 2023 عبوة قلم مستعملة جمعها من طلابه منذ أن بدأوا عامهم الأخير في المدرسة الثانوية في سبتمبر الماضي. صنع تشن تشن، مدرس الأحياء، مركبا شراعيا من خلال لصق تلك العبوات وقطع من الخشب معا، واستغرقه الأمر ثلاثة أشهر للانتهاء منه.
من جانبه؛ قال تشن في مقابلة مع شينخوا: “هذا يمثل أطيب تمنياتي لطلابي في فصل 2023. وآمل أن يكونوا جميعا شجعانا وأن يسعوا وراء أحلامهم”.
وكانت هذه القطعة الفنية، التي يبلغ طولها 3.5 متر وارتفاعها 1.8 متر، بمثابة مفاجأة سارة للطلاب عندما ظهرت مساء الأحد الماضي في منطقة مشتركة في مبنى المدرسة. وعليها، كتب العديد من الطلاب أسماءهم، وأسماء الجامعات التي يحلمون بالالتحاق بها، والنتيجة المستهدفة لامتحان الالتحاق بالجامعات في المساحات الفارغة من العمل الفني.
بدوره؛ قال خه يوي بينغ، طالب في فصل تشن: “لا أستطيع أن أصدق أننا استخدمنا هذا الكم من عبوات الأقلام خلال الأشهر الماضية، مضيفا :” العمل الشاق سيؤتي ثماره”.
– يد العون
يبدو أن المجتمع بأسره متأهب لتقديم يد العون للمشاركين في امتحان “قاوكاو”.
في بكين، من الأربعاء المنصرم إلى السبت القادم، يخضع 58 ألف شخص في امتحان الالتحاق بالجامعات في 100 مركز اختبار. وحظرت البلدية العمل في مواقع البناء خلال الليل، في حين أن مواقع البناء التي تقع في دائرة نصف قطرها 500 متر من أي مركز اختبار سيتم تعليقها أيضا خلال النهار.
وتم إبلاغ السائقين بعدم استخدام أبواق السيارات بالقرب من مراكز الاختبارات، ويقوم حوالي 800 من شرطة المرور بدوريات في الشوارع على دراجات نارية، حاملين خوذات إضافية استعدادا لتوصيل الممتحنين الذين تقطعت بهم السبل بسبب الاختناقات المرورية.
وفي بعض المدارس الثانوية، عندما يبدأ طلاب فصل 2023 امتحاناتهم، يتم إبعاد طلاب المراحل الدنيا، ويتلقون دوراتهم عبر الإنترنت من المنزل أو تنظيم رحلات مدرسية لهم.
وفي ووشان، وهي محافظة نائية في بلدية تشونغتشينغ جنوب غربي الصين، استقل حوالي 100 طالب من مدرسة ثانوية ريفية رحلة غير عادية بالحافلة إلى مراكز الاختبار الخاصة بهم في مقر المحافظة يوم الثلاثاء الماضي، قبل يوم من بدء الامتحان.
وكانت رحلة غير عادية، حيث اختار السكان المحليون السفر بالقوارب. ولقد كان الوصول إلى مقر المحافظة على طول هذا الطريق الجبلي الضيق المتعرج يستغرق ساعتين في السابق، ولكن الطريق السريع الجديد الذي تم الانتهاء من بنائه في خريف العام الماضي قلل وقت السفر إلى 30 دقيقة.
وفي مدينة شينغرن في مقاطعة قويتشو بجنوب غربي الصين، حصل 12 طالبا يعانون من دوار السيارات على خدمة خاصة من الشرطة المحلية، وهي ركوب سيارة “جيب” مفتوحة تابعة للشرطة. قالت وانغ قوي لان عند وصولها إلى مركز الاختبار: “شعرت بالأمان والسلام عندما هبت الرياح على وجهي”.
وفي قوييانغ، حاضرة مقاطعة قويتشو، يقدم أسطول مكون من 500 سيارة أجرة وسيارة خاصة رحلات مجانية للمشاركين في امتحان “قاوكاو”.
– الدراسة من أجل العمل
أدرجت وزارة التربية والتعليم 21 موضوعا جديدا في قائمة برامج البكالوريوس العام الماضي، وأعادت العديد من الجامعات لاحقا تعديل مناهجها لمساعدة الطلاب الجدد هذا العام على تلبية متطلبات سوق العمل بعد أربع سنوات من الدراسة.
وتشمل الموضوعات الجديدة علوم نظام الأرض والذكاء الاصطناعي والروبوتات والبيانات الضخمة وهندسة سلسلة الكتل والعلوم الزراعية والتعليم الخاص وعدد من درجات الدراسات متعددة التخصصات.
وأضافت جامعة الدراسات الإثنية بالتبت، وهي جامعة للدراسات العرقية التبتية ومقرها مقاطعة شنشي بشمال غربي الصين، شهادة في الصحافة الدولية والاتصالات لطلاب هذا العام الجدد.
وقال جين شي، نائب عميد كلية الصحافة بالجامعة: “نهدف إلى تدريب المهنيين الذين يسردون قصة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في منطقة التبت الصينية بشكل جيد، لمشاركة تجربة الصين مع العالم”.
هذا وأطلقت جامعة نانجينغ للمعلمين للتعليم الخاص برنامجين جديدين، بما في ذلك تعليم الأطفال المصابين بالتوحد ودراسات إمكانية الوصول، حيث تزيد البلاد من وعيها برفاه وتجربة الأشخاص ذوي الإعاقة.
وفي وقت سابق من هذا العام، قال كانغ يي، رئيس الهيئة الوطنية للإحصاء، إن سوق العمل في الصين يتوقع تدفق 11.58 مليون خريج من الجامعات والمعاهد في جميع أنحاء البلاد هذا العام، مما يشكل ضغطا على سوق العمل، مضيفا أنه مع تعافي الاقتصاد وارتفاع الطلب على التوظيف، من المتوقع أن تزداد فرص العمل.